تجمّعت عائلات الجنود الأوكرانيين المفقودين بالقرب من الحدود مع بيلاروسيا يوم الاثنين، مع بدء عملية تبادل الأسرى المخطط لها بين روسيا وأوكرانيا.
ومع وصول الحافلة التي تقلّ أسرى الحرب، اندفع الحشد من أقارب المفقودين إلى الأمام، يحمل العديد منهم صوراً لآباء أو إخوة أو أبناء مفقودين.
كانت ملامح الوجوه مليئة بالقلق والترقب. قلة منهم توقعت أن تلتقي بأحبائها، وكان معظمهم يتوقون فقط لأي معلومة بعد سنوات من الانتظار والصمت.
وخلال الجولة الأخيرة من المحادثات المباشرة في تركيا الأسبوع الماضي، اتفق الطرفان المتحاربان على تبادل الأسرى المرضى أو المصابين بجراح خطيرة، وأولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، بالإضافة إلى جثامين 12.000 جندي.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن عملية التبادل ستتم "على مراحل عدة" خلال الأيام المقبلة.
وكتب على تليغرام: "العملية معقدة للغاية، وهناك العديد من التفاصيل الحساسة، والمفاوضات مستمرة فعلياً كل يوم".
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن "المجموعة الأولى من الجنود الروس تحت سن 25 عاماً أُعيدت من الأراضي الخاضعة لسيطرة نظام كييف"، وأن "عددًا مماثلًا" قد أُعيد إلى أوكرانيا. ولم يقدّم أي من الطرفين أرقاما دقيقة حول عدد من تم تبادلهم.
وكما في عمليات التبادل السابقة، قالت موسكو إن الجنود الروس المُعادين يتلقون دعماً نفسياً وطبياً في بيلاروسيا.
أما المسؤولون في كييف، فقالوا إن بعض الأسرى الأوكرانيين العائدين يوم الاثنين كانوا محتجزين لدى روسيا منذ بداية الحرب.
تيتيانا، التي كانت من بين المحتشدين في منطقة تشيرنيهيف القريبة من بيلاروسيا، حملت لافتة من الورق المقوّى عليها صور والدها فالنتين، وابن عمها ميكولا، وكلاهما ما زال مفقوداً.
قالت والدموع تملأ عينيها: "عندما ذهب والدي للقتال، كان أكبر مخاوفي أن يُفقد أثره. كنت آمل فقط أن يُصاب ويعود."
وتركت الحرب أثراً بالغاً على عائلتها، حيث قُتل عمها في سبتمبر/أيلول الماضي، لكن جثمانه لم يُسلّم للعائلة إلا مؤخراً لدفنه.
وعندما ظهر أحد الأسرى المُفرج عنهم من نافذة في الطابق العلوي، بدأت النساء الواقفات في الأسفل ينادين عليه بأسماء الوحدات العسكرية، على أمل أن يكون لديه معلومات.
اعتذر الجندي، وشكّل بيديه رمز قلب، وهتف "سلافا أوكراني"، المجد لأوكرانيا.
فردّ الحشد بصوت واحد: "هيرويام سلافا"، المجد للأبطال.
وبدا بعض الجنود، كما شوهدوا للحظات وسط الحشد أثناء اقتيادهم إلى الداخل، هزيلين للغاية.
وقال بيترو ياتسينكو، من مقر التنسيق الأوكراني لشؤون أسرى الحرب، لبي بي سي:
"لقد قضوا وقتاً طويلاً في أماكن احتجاز روسية، دون أي زيارات من الصليب الأحمر الدولي."
وأضاف: "حالتهم الصحية سيئة للغاية. لم يحصلوا على غذاء كافٍ. وبالطبع هم بحاجة لفترة طويلة من إعادة التأهيل."
لكن فاليرا، البالغ من العمر 23 عاماً، والذي عاد إلى أرض الوطن بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر من الأسر، بدا سعيداً إلى حد ما بعد أن تناول طبقاً من الحساء الأوكراني.
وعندما همّ بالمغادرة، اندفعت النساء نحوه وهنّ يدفعن صور أحبائهن المفقودين إلى يديه، على أمل أن يتعرف على أحدهم.
وفي الأسبوع الماضي، تبادل الجانبان الروسي والأوكراني الاتهامات بشأن تعطيل عملية إعادة جثامين الجنود القتلى.
وقالت روسيا إن جثامين أكثر من 1.000 جندي أوكراني نُقلت إلى نقطة تبادل متفق عليها، لكن المسؤولين الأوكرانيين لم يحضروا.
أما أوكرانيا، فاتهمت موسكو بـ"اللعب بأساليب قذرة"، وادعت أن روسيا لم تلتزم بالشروط المتفق عليها لعملية التبادل.
وفي أواخر مايو/أيار، سلّمت روسيا وأوكرانيا كلٌ منهما 390 جندياً ومدنياً، في أكبر عملية تبادل أسرى منذ بدء الغزو الروسي الشامل عام 2022.
في غضون ذلك، استمر القتال خلال الليل، إذ أطلقت موسكو عدداً قياسياً من الطائرات المسيّرة بلغ 479 طائرة ضد أوكرانيا، بما في ذلك في منطقة ريفني الغربية التي كانت بمنأى إلى حد كبير عن الهجمات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها استهدفت قاعدة دوبنو في ريفني، ووصفت ذلك بأنه "أحد الضربات الانتقامية" رداً على الهجمات الجريئة للطائرات المسيّرة الأوكرانية على المطارات الروسية في الأول من يونيو/حزيران.
وتسببت الهجمات الروسية الليلية في أضرار بعدة مناطق أوكرانية، لكن لم ترد تقارير عن وقوع إصابات.
وكثفت روسيا مؤخراً هجماتها على أوكرانيا، حيث تشهد كل أسبوع رقماً قياسياً جديداً من المسيّرات الموجهة ضد البلاد.
ومن جهتها، قالت كييف إنها استهدفت قاعدة جوية روسية أخرى في منطقة نيجني نوفغورود، التي تقع على بُعد 400 ميل من الحدود الأوكرانية.
وقالت أوكرانيا إن القاعدة تضم طائرات تطلق صواريخ فرط صوتية، وإنها ألحقَت أضراراً بـ"طائرتين من طائرات العدو".
كما استهدفت مصنعاً إلكترونياً تقول كييف إنه يُنتج معدات لتوجيه الطائرات المسيّرة والقنابل الجوية.
وتُظهر مقاطع فيديو واحدة من الانفجارات التي تسببت بها طائرة مسيّرة هجومية، ونيرانًا كبيرة اندلعت في المصنع. وقد تم تعليق الإنتاج هناك.