في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
سلّط المحلل السياسي في سكاي نيوز عربية، عماد الدين أديب، الضوء على أبعاد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دولة الإمارات، والتي شكّلت ختامًا لجولته الخليجية.
وأكد أديب أن الزيارة لم تكن بروتوكولية فحسب، بل حملت دلالات اقتصادية وجيوسياسية عميقة، في وقت تنتظر فيه دول الخليج أفعالًا لا أقوالاً، وخاصة فيما يخص الملفات الساخنة في المنطقة، وعلى رأسها غزة.
وقال أديب، إن "السياسة اليوم لم تعد تُبنى على المبادئ فقط، بل على المصالح الاقتصادية"، مشيرًا إلى أن ترامب، رجل الأعمال قبل أن يكون رئيسا، ينطلق من مبدأ الصفقة، حيث كل تحرك سياسي يجب أن يُترجم إلى عائد اقتصادي أو مكسب استراتيجي.
وأشار إلى أن الاتفاقيات الموقعة خلال زيارة ترامب، والتي تتجاوز قيمتها 3.7 تريليون دولار، تعكس حجم الثقة الخليجية في الاقتصاد الأميركي، وفي الوقت ذاته تمثل اختبارا لواشنطن: هل ستكون هذه الشراكة على مستوى الثقة الخليجية؟ أم تكرّس الازدواجية التي ظهرت في مراحل سابقة، خاصة في التعامل مع ملفات مثل فلسطين و اليمن؟
الرقائق الذكية.. مؤشّر على ثقة غير مسبوقة
وحول إعلان رفع حصة الإمارات من الرقائق الذكية الأميركية إلى مليون شريحة، قال أديب إن "الولايات المتحدة لا تمنح هذه التكنولوجيا بسهولة"، مشيرا إلى أن الإفراج عن هذا النوع من التقنيات يعادل من حيث الأهمية "أسرار القنبلة النووية"، وهو ما يضع الإمارات في موقع تكنولوجي فريد على مستوى الشرق الأوسط.
وأضاف أن الإمارات لم تصل إلى هذا المستوى من الشراكة بالصدفة، بل عبر سنوات من العمل الممنهج في السوق الأميركية، ما جعلها، حسب مصادر أميركية، "النموذج الاستثماري الأكثر نضجًا" في المنطقة.
وأكد أديب أن الإمارات لا تسعى فقط لجني الأرباح من الاستثمارات، بل توظفها لتحقيق غايات استراتيجية تشمل الأمن الغذائي، الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، والصناعات العسكرية المتقدمة، مشددا على أن الإمارات لا تشتري السمك، بل تتعلم كيف تصطاده، في إشارة إلى مساعيها لتوطين التكنولوجيا الدفاعية والعسكرية.
وأضاف أن "القيادة الإماراتية تمارس السياسة الواقعية بكل هدوء، دون شعارات فارغة، ودون تعاطي مع الملفات بروح شعبوية، بل من منظور وطني صرف".
ولدى سؤاله عن علاقات الإمارات المتوازنة مع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة، الصين و روسيا، أشار أديب إلى أن "هذا التوازن ليس وليد اللحظة، بل جزء من رؤية استراتيجية أرساها المؤسس الشيخ زايد رحمه الله"، موضحا أن الإمارات تتعامل مع الجميع وفق مبدأ المصلحة الوطنية، دون انحياز أيديولوجي، وهو ما منحها هامشا واسعا من المناورة في السياسة الدولية.
وتطرّق الحوار إلى ملف الصفقات الدفاعية، خصوصًا تجميد صفقة مقاتلات " إف-35" F-35 من قبل إدارة بايدن، الأمر الذي أثار استياء إماراتيا واضحا، فاضطرت أبوظبي إلى تنويع مصادر تسليحها والاتجاه نحو صفقة رافال الفرنسية.
وقال أديب إن إدارة ترامب قد تعود لتوسيع الشراكة العسكرية، ليس فقط بإحياء صفقات معلقة، بل عبر الانخراط في تطوير الجيل الجديد من الطائرات الشبحية، مثل " إف-47" F-47، المرتقب الإعلان عنها.
وفي الشق السياسي، تساءل أديب عما إذا كانت إدارة ترامب سترد الجميل الخليجي بخطوة حقيقية تجاه وقف حرب غزة، قائلًا إن "دول الخليج قدمت استثمارات ضخمة، وعلى الإدارة الأميركية أن تثبت جديتها في لعب دور الوسيط النزيه، لا المنحاز".
وشدد على أن ترامب يدرك أن استمرار الحرب في غزة لا يخدم مصالحه السياسية أو الاقتصادية، وأنه ينظر إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره "العقبة" أمام تهدئة شاملة يمكن أن تُرضي حلفاء واشنطن في المنطقة.
وأكد أن وقف إطلاق النار في غزة بات جزءًا من معادلة الثقة السياسية، متسائلًا: "هل يمكن لواشنطن أن تغض الطرف عن جرائم إبادة يومية، وهي تطلب من الخليج الاستمرار في ضخ تريليونات الدولارات؟"
وفي ختام النقاش، تطرّق أديب إلى الدور الإماراتي في الوساطات الدولية، مشيرًا إلى أن "نجاح أبوظبي في ملفات أوكرانيا و إيران يشجع على التفكير بتوسيع هذا الدور نحو ملفات أكثر تعقيدًا مثل سوريا واليمن".
لكنه شدد على أن أي وساطة إماراتية يجب أن تُبنى على أساس علمي وتحليلي عميق، وألا تُستهلك في ملفات محكوم عليها بالفشل سلفا.