في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- "أعيش وغيري كُثر في لبنان حالة من الخوف والقلق منذ أيام جراء الأخبار الواردة من منطقة جرمانا وأشرفية صحنايا في سوريا، عن اشتباكات دامية وقعت بين عدد من أبناء الطائفة الدرزية ومجموعات خارجة عن النظام في 28 أبريل/نيسان الماضي". يقول المواطن اللبناني الدرزي محمد مغامس من بلدة راشيا بمحافظة البقاع .
وأضاف مغامس للجزيرة نت، أنه رغم نجاح الأمن العام السوري، أمس الأربعاء، في إعادة الأمور إلى نصابها، فإن هاجس تجددها في داخله لم يتبدد حتى الآن.
ويعيش في لبنان نحو 400 ألف مواطن من طائفة الموحدين الدروز، يتوزعون على مناطق جبل لبنان وبيروت وحاصبيا، وقضاء راشيا الذي يضم مجموعة قرى درزية متاخمة للحدود السورية، يقول عنها مغامس "قرانا يقابلها في الجانب السوري مجموعة قرى من أبناء طائفتنا، تخيل كيف يكون شعورك إزاء هذا السيناريو الدموي المتجدد".
يرى المحلل السياسي صلاح تقي الدين أن القلق اللبناني مشروع، لأن الأحداث الدموية التي وقعت بين عدد من أبناء الطائفة الدرزية ومجموعات خارجة عن القانون في سوريا ، كادت تداعياتها تصل إلى لبنان، وأضاف "أجزم بأن من فبرك تسجيلا صوتيا يسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، يعمل لصالح العدو الإسرائيلي".
وقال للجزيرة نت إن وقف إطلاق النار وبسط الأمن العام السوري سيطرته جاء نتيجة تفعيل حركة اتصالات توجّت باجتماعات مكثفة بين مشايخ الطائفة الدرزية من جهة، ومحافظي ريف دمشق و السويداء لإيجاد حل سريع للأزمة، سبقها وواكبها -لبنانيا- تحرك مماثل من مشايخ هذه الطائفة وقياداتها السياسية لإطفاء نار الفتنة ومنع تمددها إلى لبنان.
ووصف انعقاد اللقاء الموسع لمشايخ الطائفة الدرزية وقياداتها السياسية في بيروت بـ"الهام"، لأنه أتى في إطار تأكيد أنه "لا يمكن لدرزي أن يسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأن حمام الدم الذي وقع تسببت به جماعات متطرفة ليست تحت سيطرة الحكومة السورية الجديدة التي عليها التعاطي بحزم للجم هذه الجماعات، منعا لانتقال الفتنة إلى لبنان والمنطقة".
وذكّر تقي الدين بمعاناة الدروز ومكونات الشعب السوري كافة زمن نظام الأسد المخلوع، وتمنى أن تُطوى صفحة الأحداث الأخيرة، وأن يكون النظام الجديد حاضنا لكل المواطنين من خلال بسط الدولة لنفوذها، ومصادرة الأسلحة غير النظامية، "فالدروز ضد دعوات الانفصال، ولا يمكن لأحد تجاوز ما أرساه السلطان باشا الأطرش من قيم وطنية وعربية".
وشهدت مدينة عالية في جبل لبنان تحركات أهلية مستنكرة لما حصل في أشرفية صحنايا تخللها قطع طرقات، فهل نجح الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان سامي أبو المنى وباقي القيادات الدرزية في تطويق ردود الفعل على الأرض؟
يجيب المحلل تقي الدين بأن ما قام به جنبلاط ومعه مشايخ الطائفة في لبنان هام جدا، فقد استشعر خطورة ما يُرسم للمنطقة وليس لسوريا فحسب، كما أجرى مجموعة اتصالات محلية وعربية، وأبدى استعداده للذهاب للقاء القيادة السورية للتوصل إلى اتفاق يرعى كل المواطنين السوريين دون أي تفرقة.
بدوره، أكد عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز أنور علامة، للجزيرة نت، تفاعل المكون الدرزي مع دعوات مشيخة العقل في لبنان، وقال "الجميع مع ضبط النفس وتحكيم العقل وإدانة الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وإدانة الاعتداء الذي تعرض له أبناء الطائفة في صحنايا وجرمانا، كدروز في لبنان وإن كنا متضامنين مع إخواننا في سوريا، إلا أننا ندعو إلى التهدئة وتحكيم لغة العقل".
وحذر من الانجرار خلف شائعات تسعى إلى إنتاج فتن طائفية ومذهبية في سوريا ولبنان، "فالعدو الإسرائيلي يسعى خلف التفتيت والتجزئة، وعليه نؤكد، نحن مجتمع واحد، أهدافنا واحدة في سبيل تنمية مجتمعاتنا سواء كنا في لبنان أو سوريا، نحن جسم عربي واحد، نأمل أن لا تدخل الفتنة فيما بيننا كما بدا من أحداث الأمس".
ولفت علامة إلى وجود نحو 750 ألف موحد درزي في سوريا، وهم الأكثر عددا قياسا بأبناء هذه الطائفة في المنطقة العربية، وتأثيرهم جلي وواضح في لبنان و فلسطين والأردن. وأضاف "لقد انتصر الدروز للثورة السورية وكانوا جزءا لا يتجزأ منها، ونأمل أن تضرب حكومة العهد الجديد مسببات الفتنة وخاصة تلك المجموعات الخارجة عن النظام، كي تستقيم أمور كل المواطنين السوريين".
من جهته، كشف الشيخ فريد أبو إبراهيم، مستشار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، عن تنسيق "على مستوى عالٍ" بين مشيخة العقل ودار الفتوى في بيروت، وذلك "لمزيد من تحصين الواقع المحلي"، وترجمة مقررات الاجتماع الموسع لمشايخ الطائفة الدرزية ولتوجيهات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط لجهة محاصرة أي محاولة تسعى لإنتاج فتن سواء في سوريا أو لبنان.
وأكد للجزيرة نت أن الوضع متماسك، "وهناك تنسيق على المستويات كافة، بما في ذلك مع الجانب السوري، بهدف طي الصفحة السوداء، وإنتاج واقع صحي يحفظ كرامة المواطنين السوريين دون تفرقة أو تمييز".