آخر الأخبار

بشار الأسد: تحقيق لرويترز يكشف تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن طائرة خاصة إلى الإمارات

شارك
مصدر الصورة

كشف تحقيق استقصائي لوكالة رويترز للأنباء عن تفاصيل تهريب الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، أمواله ومقتنياته الثمينة على متن طائرة خاصة، خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكمه، فضلاً عن تهريب وثائق سرّية تتعلق بشبكة أعماله.

وتحدث التقرير عن دور يسار إبراهيم، كبير المستشارين الاقتصاديين للأسد، في استئجار طائرة خاصة نقلت على متنها - خلال أربع رحلات جوية - مقتنيات ثمينة للأسد وأفراد عائلته ومساعديه وموظفي القصر الرئاسي إلى دولة الإمارات، بحسب التفاصيل التي أعدّتها رويترز استناداً إلى ما يزيد على اثني عشر مصدراً.

وذكر التقرير أن إبراهيم، الذي تولى إدارة المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة خلال فترة حكم الأسد، قام بدور محوري لتأسيس شبكة أعمال استخدمها الأسد للهيمنة على قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري، وغالباً ما كان يُنظر إليه على أنه واجهة للرئيس السابق، بحسب إشعارات العقوبات الأمريكية، وآراء خبراء في الشأن الاقتصادي السوري، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد.

وكانت الدول الغربية قد فرضت عقوبات على الأسد بعد قمعه للاحتجاجات المناهضة لحكمه في عام 2011، وشملت تلك العقوبات لاحقاً إبراهيم بسبب دعمه للنظام.

وأفاد تحليل أجرته رويترز، تضمن سجلات تتبع الرحلات الجوية، بأن الطائرة "إمبراير ليغاسي 600"، المسجلة في غامبيا وتحمل رقماً تعريفياً "سي5-إس.كيه.واي"، نفّذت أربع رحلات جوية متتالية إلى سوريا خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكم الأسد.

وغادرت الرحلة الرابعة للطائرة قاعدة حميميم الجوية العسكرية التي تديرها روسيا، والواقعة على مقربة من مدينة اللاذقية على الساحل السوري للبحر المتوسط، في الثامن من ديسمبر/كانون الثاني، بحسب سجلات تتبع الرحلات الجوية، وصورة ملتقطة بالأقمار الصناعية، ومصدر سابق في الاستخبارات الجوية على اطلاع مباشر بالعملية وتفاصيلها، وهو نفس اليوم الذي غادر فيه الأسد إلى روسيا من نفس القاعدة.

مصدر الصورة

وهذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تفاصيل عملية نقل أصول الأسد من سوريا، واستطاعت رويترز إجراء مقابلات شملت 14 مصدراً سورياً مطلعاً على تفاصيل العملية، من بينهم موظفون في المطار، وعدد من الضباط السابقين في أجهزة الاستخبارات والحرس الرئاسي، بالإضافة إلى مصدر على صلة بشبكة أعمال الأسد.

واطلعت رويترز على محادثة على تطبيق واتساب بين مساعدي إبراهيم، فضلا عن بيانات تتبع الرحلات الجوية، وصور الأقمار الصناعية، وسجلات ملكية شركات وطائرات موزعة على ثلاث قارات، وذلك بغية تجميع تفاصيل لمعرفة كيف استطاع أقرب مساعدي الأسد تأمين مرور آمن للطائرة.

وأفاد مصدر من داخل شبكة أعمال الأسد، وضابط سابق في الاستخبارات الجوية، ومحادثة عبر تطبيق واتساب، بأن الطائرة نقلت على متنها حقائب سوداء تحتوي على نحو نصف مليون دولار نقداً، فضلا عن وثائق وأجهزة كمبيوتر محمولة وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، تضم معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بما أُطلق عليه اسم "المجموعة"، وهو اسم رمزي استخدمه الأسد ومساعدوه، بمن فيهم إبراهيم، للإشارة إلى شبكة معقدة من الكيانات العاملة في قطاعات الاتصالات والبنوك والعقارات والطاقة وغيرها.

وبحسب تقرير رويترز، ظل مكان وجود الأسد سراً لا يعرفه حتى أفراد عائلته المقربين خلال الأيام الأخيرة من فترة حكمه، التي اتسمت بالاضطراب، بعدها منحته روسيا حق اللجوء السياسي، ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل معه أو مع إبراهيم للتعليق، كما لم ترد وزارتا الخارجية الروسية والإماراتية على طلبات للتعليق بشأن العملية.

وقال مسؤول بارز لوكالة رويترز إن حكومة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تعتزم استرداد الأموال العامة التي حُوّلت إلى الخارج قبل الإطاحة بالأسد، واستخدامها لدعم الاقتصاد السوري الذي يعاني من عقوبات صارمة ونقص العملات الأجنبية.

وأكد المسؤول - بحسب التقرير - أن الأموال جرى تهريبها خارج البلاد قبل الإطاحة بالأسد، لكنه لم يكشف عن تفاصيل الطريقة التي حدث بها ذلك، مشيراً إلى أن السلطات لا تزال تحقق لتحديد الوجهة النهائية لهذه الأموال.

ولم يتسن لرويترز التأكد على نحو مستقل مما إذا كان الأسد قد أشرف على العملية بشكل شخصي، وعلى الرغم من ذلك أفادت عدة مصادر مطّلعة على تفاصيل العملية بأنها لم تكن لتتم دون موافقة الأسد.

"أنت لم تر هذه الطائرة إطلاقاً"

مصدر الصورة

وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول، بينما كانت فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" تتقدم نحو العاصمة، اقتربت طائرة من طراز "إمبراير"، من مطار دمشق الدولي.

وأفادت ستة مصادر مطلعة على تفاصيل العملية، من بينهم أربعة مصادر قالوا إنهم كانوا في الموقع، بأنه جرى نشر ما يزيد على 12 فرداً كانوا يرتدون زي قوات الاستخبارات الجوية السورية، التي تعد أحد الأدوات الرئيسية التي استُخدمت في القمع السياسي خلال فترة حكم الأسد، وكان الهدف من نشر هؤلاء الأفراد تأمين قاعة حرس الشرف، المخصصة لكبار الشخصيات الهامة في المطار، وتأمين طريق الوصول إليها.

وقال ثلاثة مصادر، كانوا من بين الموجودين في الموقع، إن عددا من السيارات المدنية ذات نوافذ معتمة اقتربت من المنطقة، وقال مصدران، وهما ضابط سابق في الاستخبارات ومسؤول بارز في المطار، إن هذه السيارات كانت تتبع الحرس الجمهوري الخاص، المكلف بحماية الأسد والقصر الرئاسي.

ولفت قائد بارز سابق في الحرس الجمهوري إلى أن مشاركة الحرس الجمهوري تعني أن "بشار الأسد هو من أصدر الأوامر" التي تتعلق بالعملية، مضيفاً أن الحرس كان يتلقى أوامره فقط من قائده طلال مخلوف، أو من الأسد نفسه.

وأفاد التقرير أن قائد أمن المطار غدير علي، أبلغ العاملين في المطار بأن أفراداً من قوات الاستخبارات الجوية سيتعاملون بأنفسهم مع الطائرة، وفقاً لما ذكره محمد قيروط، مدير إدارة العمليات الأرضية في الخطوط الجوية السورية.

ويقول قيروط إن غدير علي قاله له: "هذه الطائرة ستهبط وسوف نتعامل معها، وأنت لم تر هذه الطائرة إطلاقاً".

وقال ثلاثة من مسؤولي المطار والضابط السابق في الاستخبارات إن علي، وهو ضابط بارز في الاستخبارات الجوية، كان يتلقى أوامره من القصر الرئاسي مباشرة.

وتقول رويترز إنها لم تستطع الاتصال بعلي للتعليق.

"الساعات الأخيرة"

مصدر الصورة

وأفادت بيانات موقع "فلايت رادار 24"، لتتبع الرحلات الجوية، أن طائرة من طراز "سي5-إس.كيه.واي" كانت تتجه كل مرة إلى مطار البطين في أبوظبي المخصص لرحلات الطيران الخاصة، الذي تستخدمه شخصيات بارزة، والمعروف بخصوصيته الشديدة.

وأقلعت الطائرة، في البداية، من دبي في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهبطت في مطار دمشق في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً بالتوقيت المحلي (حوالي التاسعة صباحاً بتوقيت غرينتش)، ثم أقلعت واتجهت إلى مطار البطين، ثم عادت إلى دمشق مرة أخرى بعد الساعة العاشرة مساء.

وقال مصدر عامل في المطار: "في كل مرة كانت تهبط فيها الطائرة، كانت سيارات تتجه نحوها، وتبقى لفترة قصيرة ثم تغادر قبل أن تقلع الطائرة مرة أخرى".

وأخبر غدير علي، أفراد الاستخبارات الجوية إن موظفي القصر الرئاسي وأقارب الأسد، من بينهم الشباب، كان من المفترض أن يغادروا على متن أول رحلتين من دمشق في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهما رحلتان نُقلت على متنهما أيضاً الأموال، بحسب ضابط سابق في الاستخبارات كان موجودا في الموقع.

ولم تستطع رويترز الاطلاع على القائمة الخاصة بالرحلات الأربع للطائرة للتأكد من عدد الركاب وحمولتها.

وأفاد نفس المصدر أن الرحلة الثانية من دمشق نقلت على متنها أيضاً لوحات فنية وبعض التماثيل الصغيرة.

وعادت الطائرة إلى دمشق، في السابع من ديسمبر/كانون الأول، في حوالي الساعة الرابعة مساء، ثم غادرت إلى مطار البطين للمرة الثالثة بعد ما يزيد عن ساعة، وكان على متنها في هذه المرة حقائب أموال، وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، وأجهزة إلكترونية تحتوي على معلومات ذات صلة بشبكة أعمال الأسد، بحسب ما ذكره ضابط الاستخبارات ومصدر وثيق داخل شبكة أعمال الأسد.

وأفاد هذا المصدر بأن المعلومات المخزّنة تشمل سجلات مالية، ومحاضر اجتماعات، وعقود ملكية شركات وعقارات وشراكات أخرى، فضلا عن تفاصيل عمليات تحويل نقدية وحسابات في الخارج.

وأضاف الضابط السابق في الاستخبارات أنه في المرة الثالثة، اقتربت سيارات تابعة للسفارة الإماراتية في دمشق من المنطقة المخصصة لكبار الشخصيات في المطار قبل أن تقلع الطائرة، مما يشير إلى أن الإمارات كانت على علم بالعملية.

"تحويل مسار الطائرة لقاعدة روسية"

مصدر الصورة

وفي الصباح الباكر من يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول وصل مقاتلو المعارضة إلى دمشق، مما اضطر الأسد للفرار إلى المنطقة الساحلية في اللاذقية، وذلك بالتنسيق مع القوات الروسية، في الوقت الذي توقفت فيه حركة الطيران في مطار دمشق.

وتشير بيانات موقع "فلايت رادار 24" إلى أن الطائرة غادرت مطار البطين للمرة الأخيرة بعد منتصف ليل نفس اليوم، وحلّقت فوق مدينة حمص شمال دمشق، حوالي الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، ثم اختفت الطائرة عن نطاق تتبع الرحلات لمدة نحو ست ساعات قبل أن تظهر مجدداً فوق حمص، متجهة إلى أبوظبي.

وقال ضابط الاستخبارات السابق إن الطائرة هبطت خلال تلك الفترة في قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية.

وأظهرت صورة بالأقمار الصناعية التقطتها شركة "بلانيت لابز" للصور الفضائية، وجود الطائرة في الساعة 9:11 صباحاً على المدرج في قاعدة حميميم، واستطاعت رويترز التأكد من أن الطائرة "إمبراير" في الصورة هي نفس الطائرة التي تحمل الرقم التعريفي "سي5-إس.كيه.واي"، استناداً إلى الحجم والشكل وبيانات تتبع الرحلات، إذ كانت هذه الطائرة هي الطائرة الخاصة الوحيدة التي تحلق في سماء سوريا خلال الفترة بين السادس والثامن من ديسمبر/كانون الأول، وفقاً لبيانات تتبع الرحلات.

وكان أحمد خليل، أحد المقربين من إبراهيم، على متن الرحلة المنطلقة من قاعدة حميميم، وفقاً لضابط الاستخبارات الجوية، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد، ومحادثة على تطبيق واتساب، ويخضع خليل لعقوبات غربية بسبب دعمه للنظام السابق من خلال إدارة عدة شركات في سوريا.

وأفاد المصدر داخل شبكة الأسد ورسائل واتساب بأن خليل وصل إلى القاعدة الروسية في سيارة مصفحة تابعة للسفارة الإماراتية وكان يحمل نصف مليون دولار، سحبها قبل يومين من حساب في بنك "سورية الدولي الإسلامي".

وقال المصدر في شبكة أعمال الأسد إن الحساب تملكه شركة "البرج" للاستثمار في دمشق، وقالت منصة "سوريا ريبورت" الإلكترونية التي تضم قاعدة بيانات الشركات، والتي أنشأها خبراء في الشأن السوري بناء على سجلات رسمية سورية ترجع إلى عام 2018، إن إبراهيم يملك 50 في المائة من هذه الشركة.

ولم يرد خليل على طلب بالتعليق أُرسل له عبر حسابه على فيسبوك، كما لم يرد بنك "سورية الدولي الإسلامي" وأيضا شركة "البرج" على رسائل أُرسلت بالبريد الإلكتروني تطلب التعليق.

وقال المصدر داخل شبكة أعمال الأسد ومسؤول سابق في هيئة الطيران المدني السورية إن الطائرة "إمبراير" كانت تعمل بنظام " عقد إيجار طائرة دون طاقم أو خدمات تشغيلية مصاحبة"، بينما لم تستطع رويترز تحديد الجهة التي نظمت الرحلات الجوية.

وأضاف المصدر أن إبراهيم وصل إلى أبوظبي في 11 من ديسمبر/كانون الأول.

كما رفض الشرع التعليق على سؤال بشأن الطائرة خلال مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء.

"الطائرة اللبنانية"

ويقول تقرير رويترز إن إبراهيم استأجر الطائرة من رجل الأعمال اللبناني، محمد وهبي، بحسب ما ذكر عضو في مجموعة النخبة الاقتصادية السورية والمصدر داخل شبكة الأسد، ففي محادثة على تطبيق واتساب، وصف أحد مساعدي إبراهيم الطائرة بـ "الطائرة اللبنانية".

ويمتلك وهبي شركة "فلاينج إيرلاين إف.زد.سي.أو" الجوية، المسجلة في المنطقة الحرة بدبي، وفقاً لملفه التعريفي على منصة "لينكد إن".

وكان وهبي قد نشر صوراً للطائرة "سي5-إس.كيه.واي"، في أبريل/نيسان 2024، على حسابه على منصة "لينكد إن" مع تعليق "مرحباً"، وفي يناير/كانون الثاني الماضي قال رجل الأعمال في منشور منفصل على نفس المنصة، إن الطائرة معروضة للبيع.

وسُجّلت الطائرة في غامبيا لحساب شركة محلية تُدعى "فلاينج إيرلاين كومباني" في أبريل/نيسان 2024، وكشفت سجلات تتبع الرحلات أنه خلال الأشهر التي سبقت الإطاحة بنظام حكم الأسد، سافرت الطائرة إلى روسيا - الحليف المقرب للأسد - التي تخضع حالياً لعقوبات من شركات الطيران الغربية بسبب غزوها لأوكرانيا.

ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل مع الشخص الممثّل لشركة "فلاينج إيرلاين كومباني" في غامبيا، الشيخ تيجان جالو.

كما يمتلك لبناني آخر، أسامة وهبي، 30 في المائة من شركة "فلاينج إيرلاين كومباني" والعراقي، صفا أحمد صالح، 70 في المائة من الشركة، بحسب السجلات الرسمية في غامبيا.

وبحسب صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، لدة محمد وهبي ابن يُدعى أسامة، وهو يعمل أيضاً في قطاع الطيران، ولم تستطع رويترز التأكد مما إذا كان أسامة هو نفس الشخص المسجل في السجلات الغامبية أم لا.

ونفى محمد وهبي، خلال اتصال من رويترز، أي صلة له برحلات الطائرة "سي5-إس.كيه.واي" من سوريا وإليها، وأوضح لرويترز أنه لا يمتلك الطائرة بل يستأجرها "أحياناً" من سمسار لم يكشف عن هويته، كما لم يرد على أسئلة تستوضح ما إذا كان ابنه متورطاً في الأمر.

ولم يرد أسامة وهبي على طلب للتعليق، ولم تستطع رويترز التواصل مع صفا أحمد صالح، بحسب تقريرها.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا