تناولت صحيفة وول ستريت جورنال المحادثات الإيرانية الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتقول: يدعو الرئيس دونالد ترامب إيران إلى "الإسراع" في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، لكن لكي ينجح أي اتفاق، سيتوجب على طهران أن تكشف بدقة عن المعدات النووية التي أنتجتها وخزّنتها.
ويقول الكاتب لورانس نورمان -في مقال له بالصحيفة نشر اليوم- إن هناك فجوات حرجة في فهم المجتمع الدولي لمخزون إيران النووي. فخلال السنوات الأخيرة، قيدت طهران رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على أنشطتها النووية، وهي نقطة أساسية في اتفاق 2015. كما عطلت التحقيق الذي كانت الوكالة تجريه بشأن مواد نووية غير معلن عنها تم العثور عليها داخل إيران. وفي مراحل متعددة، أزالت إيران الكاميرات التي كانت تراقب أجزاء رئيسة من بنيتها التحتية النووية، ومنعت المفتشين فعليا من الوصول إلى تلك المواقع.
نتيجة لذلك، صرّحت الوكالة الدولية منذ سبتمبر/أيلول 2023 بأنها لم تعد تمتلك معلومات محدثة بالكامل عن أنشطة إيران النووية، ولا يمكنها تأكيد مزاعم طهران بأن برنامجها مخصص فقط لأغراض سلمية. وقد صرّح المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، بأن الخط الأحمر لإدارة ترامب هو منع إيران من القدرة على إنتاج سلاح نووي.
وفي حين قال مسؤولون استخباراتيون أميركيون الشهر الماضي إنهم لا يعتقدون أن إيران اتخذت قرارا ببناء سلاح نووي، إلا أنهم يعتقدون أن الأمر لن يستغرق سوى بضعة أشهر لتنفيذه إن أرادت طهران ذلك.
وقد منعت إيران، منذ عام 2021، الوكالة الدولية من تفتيش مواقع غير نووية، وهذا قلص من فهم الوكالة لقدرة إيران على تطوير قنبلة. مع ذلك، صرح المدير العام للوكالة هذا الأسبوع بأن الإيرانيين "ليسوا بعيدين" عن ذلك.
من المقرر أن يلتقي مسؤولون أميركيون وإيرانيون في روما اليوم السبت، في الجولة الثانية من المحادثات، بعد اجتماعهم في مسقط الأسبوع الماضي، في أرفع محادثات بين الجانبين منذ عام 2017.
ومن المتوقع أن تشمل محادثات هذا الأسبوع مناقشة الجدول الزمني للمفاوضات، وربما وضع إطار عام لاتفاق جديد، بحسب ما أشار إليه مسؤولون من الطرفين.
لكن تنفيذ اتفاق جديد من دون وجود سجل واضح ودقيق لما تمتلكه إيران حاليا من مواد نووية وبنية تحتية سيكون مخاطرة كبيرة. إذ من دون هذا الأساس، يصبح من شبه المستحيل التأكد من التزام إيران بالقيود التفصيلية المفروضة على تخصيب اليورانيوم .
وقال ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي إن "ترامب أعطى مهلة شهرين لإنجاز الاتفاق… على إيران أن تبدأ بالتعاون الكامل مع الوكالة الذرية لبناء الثقة في أن أي اتفاق سيكون محكما".
ويعد مخزون إيران من أجهزة الطرد المركزي -وهي الأجهزة التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم- من أبرز الفجوات لدى الوكالة الذرية.
وفي إطار اتفاق 2015، ثبتت إيران كاميرات في مصانع إنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي. وكان الهدف هو تتبع عدد الأجهزة المنتجة بدقة.
لكن بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في 2018، توقفت إيران في 2021 عن تسليم تسجيلات الكاميرات للوكالة. وبعد تعرض مبنى لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية في كرج (غرب طهران) لهجوم اتهمت فيه إيران إسرائيل بالمسؤولية، توقفت المراقبة تماما لفترة. وأعادت إيران لاحقا بعض الكاميرات، لكنها لم تستأنف التعاون الكامل.
ورغم أن الوكالة لا تزال تزور بانتظام موقعي فوردو ونطنز لتخصيب اليورانيوم، إلا أنها أعلنت في فبراير/شباط الماضي أنها "فقدت استمرارية المعرفة" بشأن إنتاج ومخزون أجهزة الطرد المركزي ومكوناتها الأساسية.
وإذا كانت إيران قد خزّنت سرا بضع مئات من أجهزتها المتقدمة، فسيكون لديها وسيلة حرجة لإنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من صنع السلاح.
ويرى الكاتب أن ثمة مسألة أخرى ينبغي تسويتها قبل تنفيذ أي اتفاق: التحقيق الجاري بشأن المواد النووية غير المعلنة التي وُجدت داخل إيران.
ويرى مسؤولون غربيون أن هذه المواد تعود إلى أنشطة نووية تعود إلى تسعينيات وأوائل الألفينيات. لكن إيران تنكر أن تكون قد أجرت أي أبحاث على السلاح النووي .
وكان أحد الانتقادات الأساسية في واشنطن لاتفاق 2015 هو أنه لم يجبر طهران على الإفصاح الكامل عن تاريخها النووي. ولا تزال هذه الهواجس قائمة لدى الكونغرس، الذي ربما يُطلب منه التصديق على أي اتفاق جديد.
وصرّح ترامب بأنه يريد التفاوض على اتفاق نووي، لكنه حذر من أنه سيلجأ للخيار العسكري إذا رفضت إيران. ونفى أول أمس الخميس أنه أعاق هجوما إسرائيليا على منشآت نووية إيرانية، لكنه قال إنه "ليس في عجلة للقيام بذلك".