أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل عشرة أشخاص وإصابة عشرات آخرين بجروح في غارات إسرائيلية جديدة استهدفت منازل في جنوب قطاع غزة في وقت مبكر من صباح الخميس.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس إن الغارات استهدفت ستة منازل شرق خان يونس.
وفي وقت متأخر من الأربعاء، أفادت مصادر طبية وشهود عيان أن 14 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب عدد كبير من الأشخاص جراء قصف إسرائيلي لبيت عزاء لإحدى العائلات غرب مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، فيما قال الدفاع المدني في غزة إن جميع القتلى هم من عائلة واحدة.
وحتى مساء الأربعاء، وصلت حصيلة القتلى منذ استئناف إسرائيل للقصف الجوي على غزة فجر الثلاثاء إلى 470 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء، وفق ما صرّح الدفاع المدني في غزة.
يأتي هذا في أعقاب إعلان الجيش الإسرائيلي أنه شن "عملية برية محددة" في غزة، فيما أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي "تحذيرا أخيرا" لسكان غزة لإعادة الرهائن والتخلص من حماس، في وقت قالت فيه وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، إن هناك "خطة مؤقتة مطروحة لتمديد وقف إطلاق النار" في غزة، لكن فرصة نجاحها "تتضاءل بسرعة".
وبدأ الجيش الإسرائيلي عمليات برية تستهدف وسط قطاع غزة وجنوبه بهدف توسيع المنطقة الأمنية وإنشاء حاجز جزئي بين شمال القطاع وجنوبه، وفق ما قال في منشورٍ على منصة إكس.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه "وفي إطار العملية سيطرت القوات وأعادت بسط سيطرتها على محور نتساريم.
وقال شهود عيان لبي بي سي إن قوات إسرائيلية تقدمت من جديد وأعادت السيطرة على محور نتساريم داخل قطاع غزة وقطعت الطريق الواصل بين شمال وجنوب قطاع غزة على شارع صلاح.
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، سكان غزة من أن إسرائيل ستصدر قريباً أوامر إخلاء لمناطق القتال في القطاع، مع عودة الجيش إلى القتال ضد حماس.
وقال وفق ما ذكرت تايمز أوف إسرائيل، إنه إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن وتخرج من غزة، فإن "إسرائيل ستعمل بقوة لم تروها بعد".
هذا واعتبر الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع أن إغلاق الجيش الإسرائيلي لطريق صلاح الدين الواصل بين شمال وجنوب القطاع "انقلاباً تاماً" على اتفاق وقف إطلاق النار وإمعاناً" في حصار غزة وتشديد الخناق على أهلها"، على حد تعبيره.
وأضاف القانوع أن "غزة تتعرض لإبادة جماعية وحصار وتجويع دون حرمة لشهر رمضان أو مراعاة للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية"،مشيراً إلى أن "أي مقترح يستند للدخول لمفاوضات المرحلة الثانية ووقف دائم للحرب مرحب به ومحل نقاش"، ومؤكداً أن الحركة "الحركة حريصة على وقف ما وصفه بنزيف الدم ومنفتحة على أي جهود تؤدي لوقف دائم للحرب والانسحاب من غزة".
وفي بيان رسمي للحركة، قالت فيه إن التوغل البري وسط قطاع غزة يعد "خرقاً جديداً وخطيراً" لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدةً "تمسكها باتفاق وقف إطلاق النار الموقع".
ودعت حماس الوسطاء الضامنين إلى "تحمل مسؤولياتهم في لجم الخروق، وإلزام نتنياهو بالتراجع عن الانتهاكات وتحميله مسؤولية أي تداعيات قد تنجم عنها".
وقالت الأمم المتحدة إن موظفاً أجنبياً قتل وأصيب خمسة في ضربة جوية إسرائيلية على موقع يضم مقرا للأمم المتحدة في وسط مدينة غزة، وفق رويترز.
لكن إسرائيل نفت ذلك وقالت إنها ضربت موقعاً لحماس رصدت فيه استعداداً لإطلاق النار صوبها.
وأعلنت إسرائيل مساء الأربعاء أنها تحقق في "ملابسات" مصرع موظف بلغاري في الأمم المتحدة، إذ أكد متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية على منصة إكس، أن "الفحص الأولي لم يظهر أي صلة بأي نشاط" للجيش الإسرائيلي في المنطقة التي قتل فيها الموظف.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الأربعاء، بالهجمات على موظفي المنظمة، مضيفاً في بيان صادر عن المتحدث باسمه أن كل الأطراف في هجوم إسرائيل على غزة تعرف أماكن مباني المنظمة الدولية.
ودعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في قصف استهدف داري ضيافة تابعين لها في غزة وأسفر عن مقتل أحد موظفيها وإصابة خمسة آخرين.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام في مؤتمر صحفي "يندد الأمين العام بشدة بجميع الهجمات على موظفي الأمم المتحدة، ويدعو إلى إجراء تحقيق شامل".
وأشار حق إلى أنه من السابق لأوانه تحديد المسؤول عن إسقاط أو إطلاق الذخائر المتفجرة على موقعي إقامة الموظفين.
فيما دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الأربعاء إلى إجراء "تحقيق شفاف" حول مقتل الموظف البلغاري، وإصابة آخرين بجروح من بينهم عامل إغاثة بريطاني.
وأعرب لامي عبر منصة إكس عن "الاستياء إزاء استهداف مبنى للأمم المتحدة في غزة"، مشددا على "وجوب التحقيق في هذا الحادث بشفافية ومحاسبة المسؤولين عنه".
وأضاف "يجب حماية الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني".
من جانبها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الأربعاء من أن المسعفين يواجهون صعوبات جمة في التعامل مع زيادة حادة في أعداد المصابين على مدى 36 ساعة مضت بعد استئناف العمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأضافت اللجنة في بيان "بسبب تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع مؤخرا انخفضت بشدة مخزونات الإمدادات الطبية، وعلاوة على ذلك يواجه العاملون في المستشفيات صعوبات جمة في التعامل مع زيادة حادة في أعداد المصابين".
كذلك حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من انهيار شبه كامل للقطاع الصحي في غزة، مشيرةً إلى أن المستشفيات تعمل بأضعاف طاقتها وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود.
وقالت وزارة الصحة في بيان لها إن "أكثر من 80 في المئة من المستشفيات والمراكز الطبية في القطاع خرجت عن الخدمة بسبب استهداف الاحتلال" بحسب البيان.
وأضافت أن الضفة الغربية تواجه أيضاً ضغطاً هائلاً على مستشفياتها بسبب الاعتداءات المتكررة من الجيش الإسرائيلي، الذي يعيق وصول سيارات الإسعاف ويمنع إيصال المساعدات الطبية، ما يزيد من تفاقم الأزمة الصحية.
وحملت وزارة الصحة "الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن انهيار المنظومة الطبية"، مطالبة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر بالتدخل الفوري لفتح المعابر وتأمين ممرات إنسانية لإدخال الإمدادات الطبية وإنقاذ الجرحى.
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أن استئناف إسرائيل الغارات على قطاع غزة يعد خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ بعد وقف إطلاق النار مع حركة حماس الفلسطينية في وقت سابق من هذا العام.
وقال ماكرون قبيل محادثاته مع الملك عبد الله في باريس: "إنه أمر مأساوي بالنسبة للفلسطينيين في غزة، الذين يغرقون مرة أخرى في رعب القصف، ومأساوي بالنسبة للرهائن (الإسرائيليين) وعائلاتهم الذين يعيشون في كابوس عدم اليقين".
نفذت إسرائيل في وقت سابق من هذا الأسبوع أعنف قصف لها على غزة منذ بدء وقف إطلاق النار الهش في يناير/كانون الثاني بين إسرائيل وحركة حماس.
وانتقد ماكرون حماس بشدة، قائلاً إن "محور المقاومة اليوم مجرد وهم"، لكنه حذر إسرائيل أيضاً من أنه "لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري إسرائيلي في غزة".
ووصف العاهل الأردني الغارات بأنها "خطوة بالغة الخطورة تزيد من الدمار في وضع إنساني متردٍّ أصلاً"، مؤكداً ضرورة "استعادة وقف إطلاق النار واستئناف تدفق المساعدات فوراً".