آخر الأخبار

تقارب الهند وطالبان وفرص إحياء "إستراتيجية جنوب آسيا" الأميركية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

كابل- ركزت إستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بدول جنوب آسيا والتي أعلنها، في أغسطس/آب 2017، بشكل أساسي على أفغانستان وباكستان والهند، مع أهداف أوسع تتعلق بمكافحة الإرهاب والحد من النفوذ الصيني في المنطقة.

ومثلت إستراتيجية ترامب آنذاك تحولا في سياسة الإدارات الأميركية السابقة تجاه هذه المنطقة، حيث ركزت على زيادة الضغط العسكري والدبلوماسي على الجهات الفاعلة فيها، ووضعت حركة طالبان في قلب معادلة الأمن الإقليمي.

تجيب الجزيرة نت في هذا التقرير عن مجموعة من الأسئلة تكشف أهم نقاط هذه الإستراتيجية، وكيف توازن حركة طالبان بين العلاقة مع الهند وعلاقتها مع الصين وموقف باكستان.

مصدر الصورة لقاء سابق للسفير الصيني لدى كابل تشاو شينغ مع عبد الكبير القائم بأعمال نائب رئيس حكومة طالبان (مواقع التواصل)

ما "إستراتيجية جنوب آسيا" التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى؟

عندما أصبح دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة عام 2016، وعد بإنهاء الحرب الأميركية في أفغانستان، وقدم إستراتيجيته الرسمية التي حملت عنوان "إستراتيجية جنوب آسيا" لعام 2017.

وكانت أهم النقاط التي ارتكزت عليها هي تعزيز الوجود العسكري في أفغانستان وفق نهج قائم على الظروف الميدانية وليس الجدول الزمني، وجعلها إستراتيجية شاملة ضد الإرهاب.

كما كان جوهرها أن تحقق واشنطن أهدافها المرجوة في أفغانستان من خلال اختيار الهند كشريك إقليمي أساسي لها، بدلا من باكستان، التي تم الضغط عليها بعد أن اتهمت بلعب لعبة مزدوجة.

إعلان

ورغم أن إستراتيجية ترامب استمرت بضعة أيام، فسرعان ما انحرف عنها واختار طريق التسوية مع طالبان، وبدأت المفاوضات مع الحركة لتحقيق هذه الغاية.

وبعد أن أصبح جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، سار بشكل مفاجئ على خطى ترامب وأنهى الحرب الأميركية في أفغانستان، ولكن ليس بالطريقة التي توقعها سلفه، فقد أدى الانسحاب إلى جعل الهند الخاسر الرئيسي في الحرب الأفغانية، وأصبحت المليارات من الدولارات التي أنفقتها في أفغانستان، مثل الإنفاق الذي قامت به واشنطن، بلا جدوى.

والآن، بعد أن عاد ترامب إلى البيت الأبيض، أصبحت الهند تتمتع بالمساحة اللازمة لكي تصبح مرة أخرى لاعبا رئيسيا في أفغانستان، وبادرت بدورها بالاستعدادات اللازمة لتحقيق هدفها، وفتحت قنوات التواصل مع حركة طالبان، حيث ترى إمكانية إحياء الإستراتيجية الجنوبية.

ماذا تريد الهند من إحياء إستراتيجية جنوب آسيا؟

على الرغم من أن العلاقة بين حركة طالبان والهند كانت مليئة بعدم الثقة في الماضي، فقد سعى الجانبان بعد عودة طالبان إلى السلطة للمرة الثانية، إلى إذابة جليد العداء باستخدام دبلوماسية الاسترضاء.

وفي سبيل تحقيق ذلك اتخذت نيودلهي خطوات للتقرب من طالبان، وإن كانت بطيئة، كان آخرها لقاء جمع وفدا منها مع وزير خارجية حكومة طالبان أمير خان متقي في الإمارات، لكن يمكن التنبؤ ومن خلال هذه التطورات أن تتخذ الهند خطوات جادة في الشأن الأفغاني.

وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "نواصل تعزيز العلاقات مع الهند على أسس تاريخية راسخة، وقد أحرزنا تقدما ملموسا في هذا المجال، كلا البلدين يوليان اهتماما كبيرا بهذه العلاقات، ونسعى إلى بنائها بما يحقق المصالح المشتركة، ويراعي تطلعات شعبي البلدين".

إلى أي مدى يمكن اعتبار الولايات المتحدة شريكا مع الهند في الملف الأفغاني؟

بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة، اختارت الهند موقفا مغايرا لموقفها السابق من طالبان أثناء وجود القوات الأميركية في أفغانستان، وفتحت قنوات التواصل مع الحركة وقدمت مساعدات لها، وهو ما فتح باب التساؤل حول اعتبار هذا التقارب مقدمة لخطة جعل نيودلهي شريكا إقليميا لأميركا في جنوب آسيا.

إعلان

وتناول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دور بلاده بالملف الهندي في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وشجع ترامب على إحياء "إستراتيجية جنوب آسيا" التي منحت بلاده دورا فعالا في أفغانستان.

وعند قراءة تاريخ العلاقات الأفغانية الهندية خلال القرن الماضي، يمكن القول إن الفترة الحالية هي الذهبية للجانبين على السواء، حيث أقاما علاقات قوية، وتحاول الهند أن تبقى في المشهد الأفغاني، وقد قطعت علاقاتها مع الحكومة الأفغانية السابقة لإظهار حسن نيتها، وألغت تأشيرات كبار المسؤولين فيها مثل وزير الخارجية السابق حنيف أتمر، ورئيس لجنة المفاوضات السابق معصوم ستانكزاي.

في السياق، يقول وزير الدفاع الأفغاني السابق شاه محمود مياخيل للجزيرة نت إنه من المرجح أن تؤدي عودة ترامب للسلطة إلى تغيير إستراتيجية واشنطن الحالية تجاه أفغانستان، ورغم أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته تؤدي إلى تنوع الخيارات، فإن ترك كابل وحدها لا يمكن أن يكون الخيار المفضل للولايات المتحدة والهند.

من جانبه، يقول مصدر -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إن نيودلهي اختارت سياسة الاسترضاء مع طالبان وقدمت لها عروضا لم تتوقعها الحركة، وأقام الطرفان علاقات يمكن وصفها بالإستراتيجية وقريبا تباشر الهند العمل بالمشاريع التي وافقت على تمويلها سابقا.

ما مكانة الهند في إستراتيجية ترامب لجنوب آسيا؟

بناء على تجربة فترة رئاسة ترامب الأولى، فقد منح الرئيس الأميركي الهند مكانة مهمة في إستراتيجيته لجنوب آسيا، أما هذه المرة، ونظرا لرؤيته إلى المنطقة الآسيوية، فيمكن لنيودلهي أن تكون أداة فعالة ومفيدة للغاية.

ورغم أنه من السابق لأوانه إقامة رابط عضوي بين كل من أهداف ترامب والهند في أفغانستان، فإن نيودلهي اعتبرت عودته فرصة جيدة للبلدين لتوحيد قواهما في كل أنحاء آسيا، بما في ذلك أفغانستان، وأعدت نفسها لهذا الوضع.

إعلان

كما ارتفعت درجة استعدادها، خاصة في ظل سياسات ترامب المناهضة للصين والصراع الاقتصادي المحتمل بين البلدين.

في الإطار، يقول وزير الدفاع الأفغاني السابق شاه محمود مياخيل إنه من المرجح أن يطالب ترامب بتنفيذ اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان، وإن "هناك بنودا سرية مثل منح بعض القواعد العسكرية، ومنها قاعدة باغرام، التي يذكرها من حين لآخر وسيطالب الحركة بها حتى يتمكن من وضع حد للصين في أفغانستان".

كيف توازن طالبان في علاقاتها مع الهند والصين وموقف باكستان؟

حسب خبراء في شؤون الحركات الإسلامية، شكّلت عودة الدفء للعلاقات الأفغانية الهندية مفاجأة للجميع، خصوصا أنها جاءت خلال فترة حكم الحزب الحاكم ذي الاتجاهات الأصولية الهندوسية، الذي يُنظر إليه على أنه نقيض لحركة طالبان، وأثبت الواقع أن الطرفين يتمتعان بكثير من "البراغماتية" عندما يتعلق الأمر بالمصالح الوطنية.

ومن الممكن أن يتسامح ترامب مع طالبان، حيث قال سابقا -أثناء تنفيذ إستراتيجية جنوب آسيا- إنه سيقبل بها كجزء من الحكومة الأفغانية، كما صرح بأنه لن يسمح للصين أن تملأ الفراغ الذي تركه انسحاب قوات بلاده من أفغانستان، ويتعين عليه أن يفكر في اتخاذ تدابير للحد من نفوذها فيها، أحدها إحياء إستراتيجيته.

يقول مصدر في المكتب السياسي لطالبان -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إنه منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان التقى مسؤولون أميركيون بطالبان أكثر من مرة، وتم الحديث عن دور الحركة في مكافحة الإرهاب والتعامل مع بكين، والأميركيون يعارضون النشاط الصيني بأفغانستان وخاصة في مجال التعدين في مناجم اليورانيوم والليثيوم.

ومن وجهة نظر ترامب، فإن الصين هي الدولة الوحيدة التي تهدد مكانة الولايات المتحدة، حيث يرى أنها تمكنت من الاستيلاء بسهولة على أفغانستان اقتصاديا، بمقابل تضحيات واشنطن بآلاف الأرواح وإنفاقها مليارات الدولارات.

إعلان

ورجح خبراء الشأن الأفغاني أن يختار ترامب نهجا محددا فيما يتصل بأفغانستان بهدف تهميش الصين، وقد يكون أحد الخيارات الممكنة هو تعزيز إستراتجيته المتبعة في جنوب آسيا، كما أن هناك عاملا آخر يحرك نهجه وهو نظرته السلبية لباكستان، لذلك فإن الاستفادة من الهند -كمنافس محتمل لبكين وعدو قديم لباكستان- أمر وارد بالنسبة لترامب.

في السياق، يقول السفير الأفغاني السابق في الهند فريد مموزي للجزيرة نت إنه بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حاولت الصين وباكستان ملء الفراغ الذي تركته القوات الأميركية، وإن علاقة طالبان بنيودلهي وواشنطن عرقلت جهود بكين وإسلام آباد ولم تتمكنا من الحصول على التنقيب في مناجم الليثيوم واليورانيوم في ولايتي غزني وهلمند، و"نشاهد الاستياء الصيني من الحركة رغم استقبال سفيرها في بكين".

كيف ينظر ترامب إلى باكستان؟

تقول تقارير أميركية إن ترامب يرى أن باكستان دولة لا يمكن الوثوق بها، وتلعب لعبة مزدوجة في ملف مكافحة الإرهاب، وفي إستراتيجية إدارته الأولى تجاه جنوب آسيا تعرضت إسلام آباد لانتقادات شديدة بسبب معاييرها المزدوجة تجاه الولايات المتحدة، فمن ناحية تلقت أموالا من واشنطن بحجة مكافحة الإرهاب، لكنها من ناحية أخرى دعمت حركات مسلحة.

برأي الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل، فإنه منذ إعلان إستراتيجية جنوب آسيا، انتهى دور باكستان في الملف الأفغاني لأن الأميركيين لا يثقون بالجيش الباكستاني ومخابراته لأسباب كثيرة أهمها العلاقة مع الصين، كما يقول للجزيرة نت.

يقول خبراء الشأن الأفغاني إنه بعد وصول طالبان إلى السلطة، لم تعد المعادلة كما كانت في السابق، لأنها تحكم أفغانستان، وباتت العلاقات بين إسلام آباد وكابل متوترة، بينما صار الوضع ملائما لواشنطن والهند.

وترسل طالبان باستمرار رسائل إلى الولايات المتحدة مفادها بأنها تريد محاربة الإرهاب، وهو ما يعني أنها تقول لواشنطن إنه من الممكن أن تعوض مكانة باكستان كشريك في هذا المجال، كما أعطت أيضا إشارة إيجابية إلى الهند لإقامة علاقات رفيعة المستوى، تزامنت مع وصول ترامب للسلطة.

إعلان

يوضح الباحث في الشؤون الإستراتيجية نجيب ننكيال للجزيرة نت أنه بعد فوز ترامب هنأه وكيل الخارجية الأفغانية شيرمحمد ستانكزاي وطلب فتح صفحة جديدة مع واشنطن، وعدّها رسالة واضحة أن طالبان مستعدة للعمل معه بشرط أن تفتح الولايات المتحدة الطريق للاعتراف الدولي بحكومتها، و"بإمكانها تحقيق الأهداف الأميركية في المنطقة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا حماس فلسطين

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا