عقب المحادثات الأمريكية الروسية في الرياض، أخذت الصحف العالمية بالتحدث عن تغيّر سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، وضرورة إشراك أوكرانيا وأوروبا في محادثات السلام، والتوتر الأوكراني والأوروبي حول تسوية الحرب، وفي جولة عرض الصحف الأربعاء، نستعرض أبرز هذه المقالات.
نستهل جولتنا مع مقال في صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية، بعنوان "هل خانت الولايات المتحدة أوكرانيا؟ حقيقة جيوسياسية قاسية" للكاتب محمد زهور.
ويسلط الكاتب الضوء في مقاله على التغير في الموقف الأمريكي تجاه الحرب في أوكرانيا مع دخول عامها الثالث، ويستذكر الدعم الأمريكي لأوكرانيا "عسكرياً ومالياً ودبلوماسياً". ويقول "التحول الدراماتيكي في السياسة الأمريكية يشير إلى أن أوكرانيا قد تُركت عالقة".
ويستعرض الكاتب التباين في الموقف الأمريكي، "من تشجيع أوكرانيا على القتال في الأيام الأولى إلى الضغط الآن من أجل المفاوضات مع روسيا"، متسائلاً "هل تبيع واشنطن أوكرانيا؟".
ويرى الكاتب أن "الولايات المتحدة تركت أوكرانيا في موقف أضعف" في الحرب، وأن "تباطؤ تدفق المساعدات الأمريكية وتحوّل الاهتمام الغربي إلى الشرق الأوسط، تجعل أوكرانيا عاجزة عن شن هجوم مضاد ناجح".
وينسب الكاتب التحولات السياسية في الإدارة الأمريكية إلى فوز دونالد ترامب بولايته الثانية، ويقول إن "عودة ترامب إلى البيت الأبيض تشير إلى انسحاب مفاجئ للولايات المتحدة، مع ترك أوكرانيا للتفاوض بموقف ضعف".
ويتحدث الكاتب عن الضغط الذي قد تتعرض له أوكرانيا من قِبل الولايات المتحدة بشأن التفاوض مع روسيا، الأمر الذي قد يجبر أوكرانيا على التنازل عن أراضٍ ومصادر ثروتها المعدنية.
ويقول إن "الولايات المتحدة تطلب من أوكرانيا تسديد المساعدات العسكرية التي تلقتها، على هيئة احتياطياتها الضخمة من المعادن النادرة والمعادن الحيوية"، متسائلاً "إذا كانت أوكرانيا تتعرض لضغوط لتسليم أراضٍ، فلماذا يتعين عليها أيضاً أن تدفع ثمن المجهود الحربي؟".
ويُشبّه هذه المطالب بـ "سياسة الحرب الاقتصادية"، والتي تفرض على الدولة الأضعف أن تتاجر بمواردها من أجل الحماية، وفقاً للكاتب.
وينتقد تدخل الولايات المتحدة في الشأن الأوكراني إذا تم التأكد من صحة هذه المطالب، بقوله "هذا سيغيّر جذرياً المبرر الأخلاقي لتدخل الولايات المتحدة في أوكرانيا، ويحوله من الدفاع عن الديمقراطية إلى الانتهازية الاقتصادية"، وفق تعبير الكاتب.
ويستعرض الكاتب "العواقب" التي ستتبع "تسوية الحرب"، بأنها ستتمثل بـ"خسارة أوكرانيا لمساحات كبيرة من أراضيها، وضعف الاقتصاد الأوكراني، وتدمير مصداقية الغرب".
وننتقل إلى افتتاحية صحيفة "تشاينا دايلي"، بعنوان "يجب إشراك جميع الأطراف وأصحاب المصلحة المعنيين في عملية السلام في أوكرانيا".
وتركز الافتتاحية على أهمية إشراك جميع الأطراف المعنية في "محادثات السلام" بشأن الحرب في أوكرانيا، وتشير إلى القلق الأوروبي من أن الولايات المتحدة قد تتوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن الأزمة دون إشراكهم أو حتى إشراك أوكرانيا.
وتذكر افتتاحية الصحيفة تصريح الرئيس الأوكراني بأنّ "كييف لن تشارك في المحادثات ولن تقبل نتائجها لأنها لم تتم دعوتها أو إخطارها".
وتقول الافتتاحية إن "الصين تدعم كل الجهود المؤدية إلى التسوية السلمية للأزمة، وترحب بكل الجهود الرامية إلى تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا في السعودية".
وتنقل الصحيفة وجهة نظر الصين بأنه "من الضروري أن تلعب أوروبا دوراً في عملية السلام، كون الصراع يدور في أوروبا".
ختاماً، تسعى افتتاحية الصحيفة إلى التأكيد على أهمية الشمولية والتفاوض بين جميع الأطراف لتحقيق سلام مستدام، وأيضاً يدعو إلى أن تكون أوروبا جزءاً من أي عملية سلام قادمة وأن يكون الحل عادلاً ومتوازناً.
وفي صحيفة النهار اللبنانية، مقال بعنوان "اجتماع الرياض بين واشنطن وموسكو يضع أوروبا أمام يالطا أمريكية- روسية؟"، للكاتب سميح صعب.
ويقول الكاتب "إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتمد إعادة ترتيب العلاقات مع موسكو، منطلقاً للبحث عن تسوية سياسية للنزاع الأوكراني".
ويعرض الكاتب المخاوف الأوروبية من المحادثات الأمريكية الروسية، والتي أدت إلى الدعوة لاجتماع طارئ في باريس الاثنين، ويبيّن أن "ترامب يسرّع المسار الأوكراني إلى حدّ أن الرئيس الروسي قد يجني على طاولة المفاوضات أكثر ممّا جناه في الحرب"، بحسب الكاتب.
ويؤكد الكاتب أن "الاندفاع الأمريكي نحو روسيا جعل الأوروبيين يهبّون إلى التقدم بمبادرة تتضمن المشاركة الأوروبية في ترتيبات أمنية داخل أوكرانيا في سياق أي تسوية سياسية".
ويضيف أن "الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظرائه الأوروبيين لا يخفون انزعاجهم من تجاوز واشنطن لهم، والذهاب من دون كييف والاتحاد الأوروبي، إلى حوار الرياض".
كما يشير الكاتب إلى توتر العلاقات الأمريكية الأوروبية، استناداً لما قاله نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن، وتصريح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث في اجتماع وزراء الدفاع لحلف شمال الأطلسي"، إضافة إلى "تصميم ترامب على شراء جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك".
ويتوقع الكاتب أن تستعد كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى "حرب تجارية وشيكة بينهما".
ويرى أن "البعد التجاري ليس غائباً عن جدول اجتماع الرياض"، إذ يشير الكاتب إلى "مطالبة ترامب بوضع اليد على المعادن الثمينة الموجودة في الأتربة الأوكرانية، وإزالة حواجز التجارة والاستثمار بين موسكو وواشنطن"، وفقا للكاتب.
ويعتقد الكاتب أن "ترامب يضع بعداً أوسع من الملف الأوكراني لترميم العلاقات مع روسيا، ليصل إلى المواجهة الاستراتيجية مع الصين".