آخر الأخبار

بئر شهيد تسقي 500 أسرة بغزة

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

غزة- كان لبئر مجاورة لمنزل أسرة المجدوب في حي النصر شمال مدينة غزة دور في ترجيح قرار مواصلة الصمود في المدينة ورفض النزوح نحو جنوب قطاع غزة.

ناقشت هذه الأسرة المكونة من خمسة أفراد خياراتها في ظل اشتداد أزمة الجوع والعطش على مدينة غزة وشمالي القطاع وتصاعد وتيرة الحرب بهدف دفع من تبقى من السكان في النصف الشمالي من القطاع نحو النزوح إلى نصفه الجنوبي، ويقول ابن الأسرة محمد (29 عاما) "بئر الشهيد هاني الجعفراوي رجحت خيارنا بالبقاء وعززت صمودنا".

"ما كان لنا أن نصمد في منزلنا في حي النصر لولا فضل الله ثم هذه البئر"، ويضيف محمد للجزيرة نت "لا حياة من دون مياه، ووجود هذه البئر بجوارنا سهل علينا التزود باحتياجاتنا للشرب والنظافة الشخصية والاستخدامات المنزلية الأخرى".

والبئر خاصة بالشهيد هاني الجعفراوي، الذي كان مدير دائرة الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة قبل اغتياله في يونيو/حزيران 2024 وهو على رأس عمله في عيادة حي الدرج بمدينة غزة، التي تشبث بالصمود فيها ومواصلة أداء مهمته الإنسانية فيها، ولتعزيز صمود جيرانه في الحي وفّر لهم مياه البئر بالمجان.

مصدر الصورة الاحتلال دمر غالبية الآبار ومصادر المياه في مدينة غزة وشمال قطاع غزة (الجزيرة)

مهام شاقة

استخدم سكان الحي مياه البئر للشرب والنظافة وللزراعة أيضا، يقول محمد "كانت المجاعة تشتد وحتى العطش مع الاستهداف الإسرائيلي للآبار وشبكات المياه والبنية التحتية، ولولا هذه البئر لما استطعنا الصمود ومواجهة الموت ومخططات التهجير".

إعلان

وبحسب بلدية غزة، فإن الحرب دمرت 70% من البنية التحتية في المدينة، ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في الـ19 من الشهر الماضي، فإن الغزيين غير قادرين على إجراء عمليات إصلاح وترميم وتوفير الخدمات للسكان، خاصة مع العودة الكبيرة للنازحين إليها، وذلك جراء عرقلة الاحتلال إدخال الآليات الثقيلة والمواد اللازمة والوقود.

في البداية كان الأمر مرهقا بالنسبة لمحمد وغيره من سكان الحي بنقل المياه يدويا بواسطة غالونات، خاصة لمن يقطنون في بنايات سكنية متعددة الطبقات، ويقول "كنت أرفع المياه مرات عدة يوميا لشقتنا في الطابق الثالث، وبعد ذلك استخدمنا طريقة أقل معاناة برفعها بواسطة الحبال، قبل أن يسهل علينا جيراننا من عائلة الجعفراوي الأمر بتوفير طاقة شمسية لضخ نحو ألف لتر من المياه للمنازل مرتين أسبوعيا".

لم يكن الأمر متعلقا بالمياه فقط، وإنما بالخطر الداهم المحدق بكل متحرك على الأرض في مدينة غزة، فقطع مسافة بعيدة لنقل المياه كان مهمة شاقة وخطرة للغاية، بحسب الشاب العشريني.

مصدر الصورة حمزة عدوان: لولا هذه البئر لنزحنا مرة ثانية نحو جنوب قطاع غزة (الجزيرة)

شهيد يروي الأحياء

يقول حمزة عدوان (18 عاما) إنه لولا هذه البئر لكان مضطرا لقطع كيلومترات سيرا من أجل توفير غالونين من المياه المالحة لاستخدامات منزله.

كان حمزة نازحا مع أسرته في جنوب القطاع وتنقل مرارا قبل أن يعود رفقة والده لشقتهما السكنية في حي النصر، في حين أن والدته وبقية إخوته غادروا القطاع في رحلة علاج لمصر قبيل اجتياح مدينة رفح يوم 6 مايو/أيار 2024.

عرف حمزة من جيرانه عن هذه البئر التي نذرها الشهيد الجعفراوي بالمجان للجيران وسكان الحي، وبالنسبة له فإنه ووالده كانا على وشك النزوح نحو جنوب القطاع ومغادرة غزة مجددا لو استمرت أزمتهما في توفير المياه يوميا من مسافة بعيدة.

إعلان

كان حمزة صديقا للشهيد محمود، الذي سبق والده هاني شهيدا بنيران الاحتلال في الأيام الأولى لاندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويروي الكثير من المواقف المشرفة لهذه العائلة التي يصفها بـ"التدين والكرم"، ويقول إن لها "فضلا كبيرا بعد الله في عودتنا إلى مدينة غزة مرة ثانية بصمودها وتعزيز صمود الحي والسكان والمساهمة في إفشال مخطط التهجير وإفراغ الشمال".

مصدر الصورة كان لبئر الشهيد هاني الجعفراوي أثر كبير في تعزيز صمود سكان حي النصر شمال مدينة غزة (الجزيرة)

آبار وزراعة

كان قرار أسرة الجعفراوي حاسما بعدم النزوح نحو جنوب القطاع والتمسك بالبقاء في مدينة غزة، ويقول عدنان (35 عاما) نجل الشهيد هاني "استحضرنا النكبة في العام 1948، واستشعرنا خطر النزوح والتهجير، وقلنا إذا كان الموت واقعا لا محالة فليكن في منازلنا هنا في غزة".

وتحت ضغط ما يصفها عدنان بـ"أهوال يوم القيامة" اضطرت الأسرة للنزوح الداخلي مرارا في نطاق مدينة غزة من دون أن تفكر مطلقا في مغادرتها، ويقول "عشنا الموت والمجاعة لحظة بلحظة، ولكن كان قرارنا راسخا بعدم النزوح، وأراد والدي رحمه الله أن يسهم في تعزيز صمود الناس والجيران من خلال توفير المياه لهم".

والدي في الستين من عمره ويعمل مديرا لدائرة الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة منذ 30 عاما، ورغم مرضه المزمن وقد شارف على التقاعد، فإنه أصر على البقاء على رأس عمله، ولم نكن نراه سوى لحظات خاطفة، واغتالته قوات الاحتلال بغارة جوية استهدفته في عيادة الدرج، وكان صائما كما هي عادته بصوم يومي الاثنين والخميس أسبوعيا منذ ثلاثة عقود، وفقا لنجل الشهيد.

يضع عدنان اغتيال والده ضمن مخطط للاحتلال بدا واضحا بالاستهداف الممنهج الهادف لتدمير منظومة العمل الإنساني في شمال القطاع.

كان للشهيد هاني اتصالات يومية مع أسرته، يطمئن خلالها على أحوالهم وأوضاع الجيران، ويقول عدنان "كانت وصيته الدائمة اسعوا في إغاثة الناس وخدمتهم، رغم إدراكه مخاطر العمل الإنساني، حيث كان الاحتلال يستهدف كل من يسعى في تعزيز صمود الناس في غزة".

مصدر الصورة عدنان الجعفراوي: استخدمنا مياه البئر الخاصة بوالدي الشهيد وزرعنا المتاح من الأراضي بين المنازل في حي النصر لمواجهة المجاعة (الجزيرة)

ومن بئر واحدة كان يملكها الشهيد هاني وتخدم نحو 500 أسرة في حي النصر، يقول عدنان إن جيرانا آخرين تشجعوا وفتحوا آبارهم بالمجان لتزويد السكان بالمياه، ورغم أنها ليست عذبة بشكل كاف، فإنه تحت ضغط الحاجة وتوقف محطات التحلية جراء التدمير أو عدم توفر الوقود "كنا نستخدمها للشرب وللنظافة والاستخدامات الأخرى".

إعلان

ومع اشتداد المجاعة في شمالي القطاع، بادر عدنان وآخرون من الجيران إلى زراعة مساحات من الأراضي بأصناف متنوعة من الخضروات، وتوزيعها بالمجان على السكان، في إطار من التكافل وتعزيز الصمود ومقاومة ضغوط النزوح والتهجير.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا