في مدينة مابوتو، ينتظر مدير فندق يُدعى فرناندو كونا منذ 4 سنوات استئناف شركة توتال إنرجز الفرنسية أعمال مشروع الغاز الطبيعي المسال بقيمة 20 مليار دولار على الساحل الشمالي لموزمبيق، على أمل أن يجذب المشروع الزبائن إلى بلدة بالما المجاورة.
لكن المشروع الذي كان يُفترض أن ينعش اقتصاد المنطقة، توقف عام 2021 إثر هجمات شنها مسلحون أسفرت عن مقتل العشرات.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رفعت الشركة حالة "القوة القاهرة" عن المشروع، الذي يُتوقع أن يضع موزمبيق، ثامن أفقر دولة في العالم، ضمن قائمة أكبر 10 مصدرين للغاز بحلول عام 2040.
ومع ذلك، اعتمدت الشركة ما تسميه "نمط الاحتواء"، إذ تعمل من داخل مجمع ضخم لا يمكن الوصول إليه إلا بحرا أو جوا، وهذا عمّق عزلة المجتمعات المحلية.
ومع تصاعد النشاط داخل موقع المشروع، انهار اقتصاد بالما الهش، إذ أدرك السكان أنهم لن يستفيدوا من المشروع كما كانوا يأملون.
ويتم نقل العمال جوا، وتصل الإمدادات بحرا، ما أدى إلى قطع الصلة بين المجتمعات المحلية والمنشأة.
هذا النهج، بحسب رجال أعمال ومحللين أمنيين، يُغذي مشاعر الغضب ويزيد من خطر تصاعد التمرد الذي بدأ عام 2017.
وقال كونا "بالما أصبحت صحراء"، مشيرا إلى أن العاملين والموردين الذين كانوا يقيمون في البلدة انتقلوا إلى داخل المجمع، في حين أصبح فندقه خاليا وسائقو الدراجات النارية بلا عمل.
وعلى الرغم من أن القوات الرواندية ساعدت الجيش الموزمبيقي في استعادة بعض المناطق وخفض عدد المسلحين من 3 آلاف إلى نحو 500، فإن الهجمات تصاعدت مؤخرا.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن العنف ضد المدنيين في طريقه لتسجيل رقم قياسي عام 2025.
وقال نيكولا دولوني من مجموعة الأزمات الدولية "بينما تبدو شبه جزيرة أفونغي آمنة كقلعة، فإن الهجمات خارجها تتزايد".
وأضاف أن استئناف المشروع في هذا السياق الأمني يرسل رسالة مفادها أن الحكومة تفضل استغلال الموارد على حساب رفاه السكان، ما يعزز دوافع التمرد.
5 رجال أعمال في بالما أكدوا أنهم فقدوا عملاء واستثمارات بسبب نموذج "العزلة" الذي تتبعه توتال إنرجز.
أحدهم ألغى عقد تقديم الطعام، وآخر قال إن منتجاته تفسد بسبب غياب المشترين.
وقال عبدول تافاريس، منسق مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان، إن الشباب يشعرون بالإحباط بعد أن استثمروا وقتهم ومواردهم على أمل الانخراط في المشروع.
وعلى الرغم من تأكيد الشركة على أن وجود القوات الرواندية يمنحها الثقة، فإن محللين أمنيين يرون أن هذه القوات أصبحت أقل نشاطا، وتستجيب ببطء للهجمات.
ويقول مسؤولون إن المسلحين باتوا يتمركزون في غابة كاتوبا جنوب بالما، ويشنون منها غارات متفرقة.
في بالما، قال رجل أعمال يُدعى مانشوما إنه اضطر لتسريح موظفيه بعد خسارة عقده، وباتت شاحناته وثلاجاته ومطبخه بلا استخدام.
وأضاف "لو كنت أعلم أن الأمور ستؤول إلى هذا، لما استثمرت كل هذا المال في مكان بلا مستقبل".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة