حافظت الفنانة لطيفة في عالم الغناء العربي على حضورها بصوتها الذي يجمع بين الشجن والقوة، وخياراتها الفنية التي تمزج بين التراث والتجديد. وفي كل محطة فنية، لا تكتفي لطيفة بإصدار ألبوم أو أغنية، بل تصوغ تجربة مكتملة تحمل بصمتها الشخصية.
وفي حوارها مع "العربية.نت" و"الحدث.نت"، تحدثت لطيفة عن ألبومها الجديد "قلبي ارتاح"، واعتبرت أنه ليس مجرد عودة غنائية، بل إعلان عن مرحلة فنية جديدة مفعمة بالنضج ومشاعر صادقة.
كما كشفت عن تفاصيل الألبوم وكواليس التجربة، والمشاعر التي نسجت منها الأغنيات، والتقنيات التي جعلت هذا العمل مميزًا، ووجهت رسالة عاطفية إلى جمهورها بمناسبة الألبوم ونجاحه.
لماذا اخترتِ عنوان "قلبي ارتاح" تحديدًا؟
"العنوان لم يكن مجرد اختيار، بل شعور حقيقي. بعد رحلة من التعب والإلحاح الفني، وبعد ما مررت به شخصيًا وفنيًا، شعرت أن هذا الألبوم هو المكان الذي أفرغت فيه كل ما بداخلي. حين انتهيت من تسجيل أغنياته، قلت لنفسي "قلبي ارتاح".
هذا الألبوم "حالة خاصة جدًا"..ما الذي يجعله مختلفًا عن ألبوماتك السابقة؟
أعتقد أن "قلبي ارتاح" هو أكثر ألبوم يشبهني، لأنني شاركت في اختيار كل كلمة ولحن وتوزيع، وكل أغنية فيه نابعة من تجربة شعورية عشتها. هناك أغنيات كُتبت في لحظات ألم، وأخرى في لحظات حنين، وبعضها فيه فرح بسيط وعميق. هذا الصدق هو ما يمنح الألبوم روحه، والجمهور سيشعر بذلك فور الاستماع إليه.
الألبوم يضم 14 أغنية.. هل تعمدتِ هذا العدد الكبير؟
نعم، بعد غياب طويل عن إصدار ألبوم كامل، شعرت أن لديّ الكثير لأقوله. لم أرد أن أطرح 6 أو 7 أغانٍ فقط. هناك تنوع كبير في المشاعر والأنماط، وكل أغنية كان لها مكانها الطبيعي في هذا التكوين.
كيف جاء قرار طرح الأغاني على دفعات؟
هي تجربة جديدة، لكنها مدروسة. نحن نعيش في عصر الاستماع السريع، لكنني أردت أن أُبطئ الإيقاع قليلًا. حين تطرح الأغنيات تباعًا، تعطي كل واحدة فرصتها للتنفس، ليعيشها الجمهور. أؤمن أن كل أغنية يجب أن تأخذ لحظتها، حتى لا تضيع وسط زحام الألبوم.
الألبوم يتميز باستخدام تقنيات حديثة، وهي سابقة في الألبومات العربية.. ما الهدف منها؟
أنا مشغولة بالتطور، ليس فقط في اللحن أو الكلمة، بل في كيفية وصول الموسيقى. هذه التقنية تخلق حالة استماع ثلاثية الأبعاد، تجعل المستمع يشعر وكأن الفرقة تحيط به، كأنه داخل الأغنية، لا يسمعها فقط. اخترت هذه التقنية لأنني أعتبر أن كل جملة موسيقية في الألبوم تستحق أن تُسمع بكامل تفاصيلها.
هل هناك أغنية تعتبرينها "الأقرب" إلى قلبك؟
صعب أختار، لأن كل أغنية كانت حكاية شخصية. لكن إن كنت مضطرة للاختيار، فإن أغنية "ماعدتش فارق" تحتل مكانًا خاصًا، لأنها كُتبت في لحظة صمت بعد فقد. كما تحمل أغنية "في حد" صدقًا مؤلمًا. الألبوم كله يحمل طيفًا من لحظات عشتها، لذلك هو الأقرب لي.
حدّثينا عن فريق العمل في هذا الألبوم.. لاحظنا تنوعًا في الأسماء
هذا مقصود. كنت أبحث عن التجديد، لذلك تعاونت مع أسماء من أجيال مختلفة، مثل الشعراء حسام سعيد ومصطفى حدوتة وإسلام الجريني، والملحنين مصطفى الشعيبي وكاظم الساهر في لحن قديم أعيد توزيعه. وشارك في التوزيع زيزو فاروق ومحمد ياسر، والهندسة الصوتية كانت مع ياسر أنور.
مررتِ بظرف إنساني صعب خلال فترة العمل على الألبوم.. كيف أثّر عليكِ؟
نعم، فقدت شقيقي أثناء التحضير، وتوقفت عن التسجيل. كانت فترة حزينة ومليئة بالمشاعر التي يصعب ترجمتها. لكن بعد مرور الوقت، شعرت أنني أريد أن أُكمل، لا من باب الهروب، بل من باب الوفاء لنفسي ولمن رحل. وربما هذا هو السر وراء الصدق في بعض الأغنيات.
البعض لاحظ تغيّرًا في طريقة أدائك للأغاني مقارنة بما اعتدناه منكِ سابقًا.. هل هو خيار فني؟
بالتأكيد، في هذا الألبوم لم أكن أغني بصوتي فقط، بل بكل ما فيّ من إحساس وتجربة. حاولت أن أكون أكثر هدوءًا في الأداء، أترك المجال للكلمة واللحن ليقودا المشهد، وأحيانًا أكتفي بنبرة واحدة لأقول ما كنت أحتاج صفحات لأشرحه. كان الأداء مقصودًا أن يكون "غير متكلف"، وهذا أصعب مما يبدو.
وهل تشعرين أن الجمهور سيستوعب هذا التحوّل؟
أؤمن أن الجمهور أذكى مما نظن. نعم، هناك من يبحث عن الإيقاع أو الأغنية السريعة، لكن هناك جمهور يسمع بقلبه، ويتوقف أمام التفاصيل. هذا الألبوم موجه لهؤلاء. ومن يتذوق الفن الحقيقي، سيشعر بالتغيير ويقدّره.
وأخيرًا، ماذا تقولين لجمهورك مع انطلاق "قلبي ارتاح"؟
أقول لهم: هذا الألبوم هدية من قلبي، استغرق وقتًا طويلًا، لأنه خرج من أماكن عميقة في روحي. كل أغنية فيه تحملني وتحملكم، وأتمنى أن تجدوا أنفسكم في بعض سطوره، كما وجدت أنا نفسي بين نغماته، وقد لمست حبًا ونجاحًا من الجمهور مع إطلاق أول أغاني الألبوم.