تواجه شركة أبل موجة من رحيل المديرين التنفيذيين، إذ تواصل الشركة المضي في فترة انتقالية، ليس فقط بين قياداتها، بل أيضًا على مستوى أعمالها، في حال تمكّن المنافسون من تحقيق أهدافهم.
وأعلنت الشركة يوم الخميس أن مستشارتها العامة ورئيسة قسم السياسات ستبلغان سن التقاعد العام المقبل. وفي يوم الأربعاء، غادر مصمم رفيع المستوى الشركة للانضمام إلى شركة ميتا أما يوم الإثنين، فقد أعلنت "أبل" أن رئيس استراتيجيات الذكاء الاصطناعي سيتقاعد. وكان المدير التنفيذي للعمليات قد أعلن تقاعده في يوليو، فيما انتقل المدير المالي إلى دور جديد.
يبرز رحيل المديرين التنفيذيين تغييرًا جذريًا في قيادة "أبل"، حتى مع عدم إبداء الرئيس التنفيذي تيم كوك نفسه أي مؤشرات على التنحي، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، اطلعت عليه "العربية Business".
ويواجه كوك ومساعدوه الجدد اختبارًا حاسمًا في إعداد "أبل" لعصر الذكاء الاصطناعي وموجة الأجهزة التنافسية الجديدة التي ستنجم عنه.
وفي أسفل الهيكل التنظيمي، انتقل العشرات من موظفي "أبل" إلى "أوبن إيه آي" و"ميتا" في الأشهر الأخيرة، في إطار عملية نزيف للعقول طويلة الأمد حرمت الشركة من المبتكرين، ووفرت لمنافسين خبرات ومواهب يأملون في استخدامها للإطاحة بملك الأجهزة الرقمية.
ستستمر سيطرة "أبل" طالما استمر وصول المستهلكين إلى خدماتهم عبر الإنترنت من خلال أجهزتها. وهذه السيطرة على وسائل توزيع التطبيقات تُزعج شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى التي تحاول إيجاد طرق للتحكم في مصائرها، بما في ذلك مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، وإيلون ماسك.
وقبل أيام، قام زوكربيرغ بتعيين آلان داي، المصمم البارز في "أبل"، بعد أن استقطب مجموعة من كبار موظفي الذكاء الاصطناعي في "أبل" خلال حملة توظيف مكثفة بدأها سعيًا منه لإعادة هيكلة أعمال الذكاء الاصطناعي في "ميتا". وبعد فشل جهوده لإنشاء "ميتافيرس" ليحل محل آيفون، حول زوكربيرغ الآن تركيزه إلى الذكاء الاصطناعي والنظارات الذكية لتحقيق الهدف نفسه.
ودفع ألتمان 6.5 مليار دولار لاستقطاب جوني إيف، تلميذ ستيف جوبز، والذي ساعد في بناء آيفون وأبل ووتش، وشملت العملية استحواذ بهدف التوظيف لفريق إيف الذي يضم شخصيات بارزة أخرى سابقة في "أبل". وهم يخططون الآن لجهاز ذكاء اصطناعي يأملون أن يكون مستقبل الحوسبة. وتقوم الذراع الجديدة للأجهزة في "أوبن إيه آي" مؤخرًا بتوظيف مكثف من مهندسي ومصممي "أبل".
وبحسب مراجعة للملفات الشخصية على منصة لينكدإن، فقد غادر عشرات من مهندسي ومصممي "أبل" ذوي الخبرة في الصوت وتصميم الساعات والروبوتات وغيرها للانضمام إلى "أوبن إيه آي" خلال الأشهر الأخيرة.
إضافة إلى هذا، فكر ماسك أحيانًا في بناء هاتف ذكي بنفسه بسبب إحباطه من هيمنة "أبل". وتقاضي منصته للتواصل الاجتماعي، "إكس"، أبل لعدم رضاه عن وضع تطبيق الذكاء الاصطناعي الخاص به في متجر أبل للتطبيقات "App Store".
لا يُشكل أي منهم تهديدًا مباشرًا؛ لأن حياة المستهلكين مرتبطة بهواتف آيفون الخاصة بهم، ولا يوجد حتى الآن تطبيق ذكاء اصطناعي ناجح للغاية يدفعهم إلى نقل هويتهم الرقمية، ناهيك عن جهاز يُتيح ذلك.
ومع ذلك، وبدون استراتيجية ذكاء اصطناعي متماسكة خاصة بها قادرة على إقناع العملاء والموظفين بقدرة الشركة على لعب دور فعّال في تطوير التكنولوجيا الفاصلة في هذا العقد، فإن "أبل" تُفسح المجال للمنافسين.
ولا يزال كوك أحد المديرين التنفيذيين المُتمسكين بمناصبهم في "أبل"، وعلى الرغم من بلوغه سن الخامسة والستين الشهر الماضي، وهو سن يُفكر فيه العديد من الرؤساء التنفيذيين بالتقاعد، لم يخفف كوك من وتيرة عمله. وقد أثبت قيمته للمساهمين مُجددًا هذا العام من خلال تعامله ببراعة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتصديه تهديد الرسوم الجمركية، وإعادة أسهم الشركة إلى مستويات قياسية.
إذا تمكن كوك من تقديم منتجات ذكاء اصطناعي ناجحة قبل تقاعده، فسوف يضمن إرثه كأحد كبار المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، بينما يمنح خليفته انطلاقة قوية.
المصدر:
العربيّة