بعد أشهر من الشغور في الجهاز الفني للمنتخب الأول، حسم الاتحاد التونسي لكرة القدم الملف الأكثر إثارة للاهتمام، وذلك بتعيين سامي الطرابلسي مدربا جديدا لـ"نسور قرطاج" ليعود لتدريب منتخب بلاده في عهدة ثانية.
وسبق للطرابلسي أن كان لاعبا لفرق "سكك الحديد" ثم "الصفاقسي" في الدوري التونسي، وتوج مع الأخير بلقب الدوري والكأس 1995 وكأس الكونفدرالية 1998، كما لعب مع الريان القطري، فضلا عن خوضه 81 مباراة دولية.
ودرب سامي الطرابلسي منتخب تونس للاعبين المحليين عامي 2010 و2011 وقاده للتتويج ببطولة أفريقيا 2011، ثم درب المنتخب الأول حتى 2013 عندما تسلم مقاليد نادي السيلية القطري حتى 2023.
ويستهل الطرابلسي (57 عاما) تجربته مع منتخب نسور قرطاج -اليوم الأربعاء- أمام منتخب ليبيريا في الجولة الخامسة من تصفيات كأس العالم 2026، التي تعتبر المهمة الأولى للمدرب الجديد من أجل إعادة التوهج للمنتخب بعد فترة من التراجع والنتائج المخيبة.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، تحدث سامي الطرابلسي عن أهدافه في تجربته الثانية والتحديات التي يحملها بعد 12 عاما على مغادرته المنصب في 2013، كما تطرق لعوامل تراجع كرة القدم التونسية، وكشف عن موقفه تجاه مشاركة بلاده في النسخة المقبلة من كأس العرب للمنتخبات "قطر 2025″، وغيرها من المحاور المهمة.
هذه التجربة تمثل بالتأكيد قبل كل شيء استجابة للواجب، لأن تدريب المنتخب الذي طالما لعبت فيه وحملت شارة قيادته شرف، لكنه مسؤولية وتكليف في الوقت نفسه، فأمامنا أهداف لا بد من تحقيقها وعلى عاتقنا مهمة ثقيلة تأتي في ظرف صعب تمر به الكرة التونسية.
والمنتخب التونسي مقبل على عديد من الرهانات الكبيرة، بدءا بتصفيات كأس العالم التي نستأنف مبارياتها اليوم بمواجهة ليبيريا، وصولا إلى المشاركة في كأس العرب للمنتخبات "قطر 2025″، وخوض نهائيات أمم أفريقيا في المغرب العام الحالي، وهذه المسابقات تضعنا أمام مسؤولية جسيمة لإعادة الاعتبار لكرة القدم في تونس ولمنتخب نسور قرطاج.
المنتخب التونسي يسجّل حضوره باستمرار في كأس العالم، وهذا كاف لوحدة ليعلن أول أهدافنا، تونس كانت أول منتخب عربي وأفريقي يحقق انتصارا في المونديال، وذلك في نسخة 1978، كما كنا حاضرين في المونديال في 2018، فضلا عن النسخة الأخيرة في قطر منذ أكثر من عامين، وبالتالي يعتبر التأهل لكأس العالم 2026 واحدا من أوكد أهدافنا وأولها.
ومن الأهداف المتفق عليها أيضا بلوغ الأدوار المتقدمة من نهائيات كأس أمم أفريقيا المقبلة في المغرب، هدفنا هو بلوغ نصف النهائي ولم لا أكثر من ذلك.
والمنتخب التونسي لعب -على الدوام- الأدوار الأولى من النهائيات الأفريقية، كما أنه يملك الرقم القياسي في عدد المشاركات المتتالية برصيد 17 مشاركة بين 1994 و2025 وهذا دليل على أننا نملك كل مقومات استعادة مكانتنا في الكرة الأفريقية.
وكأس العرب للمنتخبات في قطر، ستكون واحدة من أهدافنا، المسابقة تتزامن تقريبا مع استعدادنا لكأس أمم أفريقيا، ولكن سنعمل على المشاركة فيها والظهور بوجه مشرف، امتدادا لما حققناه في النسخة الأولى عندما بلغنا الدور النهائي.
الكرة التونسية كثيرا ما أثبتت أنها جاهزة للمواعيد الكبرى، لا ننكر أننا مررنا في 2024 بصعوبات كبيرة، ولكن عندما نشاهد تطور مستوى الدوري التونسي ووصول الأندية إلى أدوار متقدمة في المسابقات القارية، فضلا عن تألق عدد من لاعبينا المحترفين بأوروبا نزداد يقينا بأننا قادرون على المنافسة بجدية في أمم أفريقيا (المغرب 2025).
في تصفيات كأس العالم 1998، واجهنا ليبيريا التي كانت معززة آنذاك بنجوم كبار يتقدمهم جورج وياه، ونجحنا في الفوز عليهم على قواعدهم (1ـ0)، وكانت تلك بداية الرحلة نحو التأهل لمونديال فرنسا. واليوم نواجه منتخبا مختلفا قد يكون أقل إمكانيات من منتخب "وياه"، ولكن المباراة لن تكون سهلة لأن ليبيريا حققت نتائج جيدة في التصفيات، فضلا عن صعوبة الأوضاع المناخية. نحن عازمون على الانتصار وخوض المباراة بكامل الواقعية من أجل دعم حظوظنا في التأهل.
الأوضاع تغيرت كليا، الكرة التونسية تعرف جيلا جديدا من اللاعبين يختلف عن الجيل السابق الذي دربته في 2011 ثم في 2013، اليوم هناك رهانات جديدة، ونملك مجموعة طموحة وقادرة على الذهاب بعيدا.
وفي الفترة الأولى، عندما فزنا بكأس أفريقيا للاعبين المحليين في السودان، كان المنتخب متكونا من لاعبي الدوري ثم دعمنا المجموعة بلاعبين في دوريات أوروبية، ولكن الآن هناك عدد كبير من اللاعبين المحترفين خارج تونس، وهذا لا ينفي بالمرة مكانة لاعبي أندية الدوري الذين نتوقع منهم إضافة كبيرة.
والنقطة الثالثة هي أن مسؤوليتنا هذه المرة أثقل باعتبار الفترة الصعبة التي مر بها منتخبنا العام الماضي والتي تستوجب جهودا كبيرة لاسترجاع مكانته المعهودة.
لا يمكن أن نتجاهل أننا مررنا بفترة صعبة عام 2024؛ الأسباب عديدة والأوضاع التي مرت بها الكرة التونسية على كل الأصعدة ساهمت في حالة التخبّط وأفرزت نظرة سوداوية للوضع بشكل عام. وبداية العام الماضي، شهدت خروجا مدويا من الدور الأول لأمم أفريقيا في كوت ديفوار، ثم أنهينا سباق تصفيات أمم أفريقيا بصعوبة كبيرة ولكن من المؤكد أن الأمور تسير نحو التحسن بعد انتهاء فترة التسيير المؤقت للاتحاد وصعود مجلس إدارة جديد على رأس اتحاد الكرة برئاسة معز الناصري.
وهناك جهود من الجميع في محيط المنتخب لأجل النجاح، وذلك سيتطلب بالتأكيد عملا كبيرا ووقتا لبلوغ الأهداف المتفق عليها، ولكن ما أؤكده أننا نسير في الطريق الصحيح وهناك حرص جماعي على أن تستعيد كرة القدم في تونس إشعاعها على صعيد المنتخبات والأندية على حد سواء.
من الطبيعي أن نسجل حضورنا في مسابقة مثل كأس العرب في نسختها الثانية حتى وإن كانت متزامنة مع كأس أمم أفريقيا، إذ تقام كلتا التظاهرتين أواخر العام الجاري.
وكنا نودّ مثلا أن تكون المسابقتين متباعدتين زمنيا حتى نجهّز أنفسنا على أكمل وجه، ونظهر بمستوى مشرف فيهما، وحتى تأخذ كل مسابقة حظها من الإعداد والأهمية التي اكتسبتها مثلا كأس العرب في نسخة 2021.
من المؤكد أن كأس العرب للمنتخبات 2021 كانت واحدة من التظاهرات الكروية الممتعة واللافتة بشهادة كثيرين على المستوى التنظيمي والمنافسة والأداء الفني الرفيع الذي أظهرته كل المنتخبات المشاركة. وكان لتونس شرف خوض النهائي الذي خسرناه أمام الجزائر، ولكن إجمالا حصلت فائدة كبيرة لتونس في تلك النسخة وظهرت بالخصوص في كأس العالم بعد ذلك بعام واحد.
وكأس العرب مسابقة ستكتسب مزيدا من الأهمية، خصوصا بعد نجاح النسخة الماضية، ومن المؤكد أن نجاح قطر في تنظيم مونديال 2022 سيجعل كأس العرب 2025 "مونديالا عربيا" مصغّرا يحتفظ بكل مقومات النجاح والتنافس.