آخر الأخبار

تعديلات مطلوبة على قانون الفجوة الماليّة

شارك
كتبت باتريسبا جلاد في" نداء الوطن": لم يقَر مشروع قانون الفجوة المالية تحت وطأة ضغط صندوق النقد الدولي، رغم إيحاء البعض بذلك. وتشير مصادر " إلى أن صندوق النقد طلب من الحكومة التريّث لأن المقاربة غير مكتملة ولديه ملاحظات عليها ولن يقدّمها قبل بداية السنة بعد عودة موظفيه المختصين من الإجازة".
بحسب مصادر مطّلعة، لم يكن هناك ضغط في المرحلة الأخيرة، من أي من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني. فالإدارة الأميركية تركّز الآن على ملف السلاح والوضع مع إسرائيل والاقتصاد النقدي، وكذلك لم يأت أي ضغط على الموضوع من قبل الجهات السعودية والقطرية أو المصرية خلال اللقاءات أو الزيارات في الأشهر الأخيرة مع دبلوماسيين وسياسيين وموفدين إلا ضمن المطالبة بالإصلاحات بشكل عام من دون وضع مهل محددة.
الجهة الوحيدة التي تكلّمت عن مهل زمنية هي فرنسا، من خلال الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على لسان الموفد الفرنسي الموكل بمؤتمر باريس جاك دو لا جوجي، الذي أصرّ أمام من التقاهم على أن يضع حدًا زمنيًا وهو شهر 12 لإصدار قانون الفجوة المالية. وكان شهر 12 هو المحدد لإقامة مؤتمر دعم في "باريس"، الذي ألغي بسبب عدم اهتمام الدول المانحة بتقديم مساعدات مالية قبل حلّ مسألة السلاح .
ويُسجَّل في هذا السياق أنّ فرنسا كانت الدولة الوحيدة التي سارعت رسميًا إلى الترحيب بقرار مجلس الوزراء المتعلّق بقانون الفجوة، وسط أجواء تتحدّث عن ضغوط فرنسية مورست في الأيام الأخيرة لدفع إقرار القانون بسرعة. وإذا كان الهدف من الدعم مساعدة رئيس الحكومة سياسيًا لتحقيق إنجاز، فإن هذا المسار قد يكون أعطى مفعولًا عكسيًا، على غرار ما حصل مع الضغوط التي رافقت مؤتمر «سيدر» في عهد سعد الحريري وانتهت بنتائج سلبية عليه لاحقًا.
وكتبت" الديار": يعتقد البعض أن تعديلات معينة يمكن ادخالها الى قانون "الفجوة المالية" قد تسمح باقراره، وبالتالي تجاوز الضغوط الدولية التي تمارس على " لبنان الرسمي" لبدء تطبيقه، لكن الخبراء والمطلعين عن كثب على مواد هذا القانون وتفاصيله، يعتبرون أنه بحاجة الى اعادة نظر بكليته، لأنه قائم على أسس غير صالحة ماليا وقانونيا، ما يحتم تلقف الحكومة مجددا كرة النار، عوض القائها في كنف المجلس النيابي، ما يهدد بتأرجحه طويلا داخل اللجان، وبالتالي تمديد فترة الأزمة المتواصلة منذ 6 سنوات.
ويعتبر الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة البروفسور مارون خاطر، أنه وبعد اقرار القانون من قبل مجلس الوزراء، تتجه الأنظار الى لجنة المال والموازنة ودورها في مقاربة هذا النص، "لا بوصفه مسودة تِقنية قابلة للترميم، بل كمشروع يُعاني خللاً بنيوياً عميقاً، يبدأ من الإطار المفاهيمي ولا ينتهي عند أدقّ تفاصيله". وقال لـ"الديار" أن "المشكلة لَيست في نقص بَعض المواد أو ضُعف الصياغة كما تمَّ تصويرها، بَل في مُقارَبَة قانونية-اقتصادية خاطئة تجعل المشروع بصيغته الحالية، كارثيّ وَغير قابِل للحياة".
ويضيف: "بناءً على ما تقدّم، لا نَرى أنّ المسؤولية يمكن أو يَجب أن تُلقى على عاتِق هذه اللجنة أو أي لَجنة أُخرى في مَجلِس النواب، إذ إنَّ المًطلوب ليس إدخال تعديلات جزئية على مشروع القانون، بَل نقضه من الأساس. فالمسألة لا تتعلّق بتصحيح مواد هنا أو إعادة صياغة فقرات هناك، بل بإعادة النظر كلياً في الفلسفة التي قام عليها المشروع، وفي المنهجية التي اعتمدها لمعالجة واحدة من أخطر الأزمات المالية في تاريخ لبنان الحديث، لا بل في التاريخ".
وينبّه من "تحميل اللجان النيابية عبء ترقيع نصّ فاقد للأسس النظرية والعملية السليمة لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة، وتضييع ما تبقّى من وقت وفرص، فيما المطلوب مقاربة شاملة جديدة، واضحة الأهداف، محدّدة الخسائر، ومترابطة مع مسار إصلاحي ومحاسبي متكامل"، لافتا الى أن "المشروع الحالي يتجاهل أولا مقاربة الأسباب الحقيقية للأزمة اللبنانية ، كما وثّقتها تقارير موثوقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ولجنة تقصّي الحقائق النيابية. فهو لا ينطلق من رقم واضح ومحدّد للخسائر المجمّعة في النظام المالي، ولا يقدّم منهجية شفافة لتوزيعها، ولا يربط بين المعالجة المالية والإصلاحات البنيوية المطلوبة في المالية العامة والحوكمة واستقلالية القضاء . والأخطر أنه لا يضع أي جدول زمني للمحاسبة بالتوازي مع الإصلاح، ما يجعله مجرّد إدارة للأزمة لا حلاً لها".
كما يرى أنه "في ما يتعلّق بالودائع، فالمشروع يكشف عن مقاربة انتقائية وغير عادلة. فهو لا يأتي على ذكر الودائع بالليرة اللبنانية، التي حجزتها المصارف ومنعت تحويلها أو سحبها، في تجاهل فاضح لجزء أساسي من حقوق المودعين. كما يميّز بين الودائع، لا سيما تلك التي حُوّلت إلى الدولار بعد تشرين الأول 2019 بموافقات رسمية من مصرف لبنان، وكأن المودع يُعاقَب على التزامه بالقانون. أما الودائع التي تفوق قيمتها مئة ألف دولار، فيتعامل معها المشروع بطريقة تصادمية تؤدي عملياً إلى تدمير ما تبقّى من ثقة بالقطاع المصرفي، ليس فقط لدى المودعين، بل أيضاً لدى المستثمرين المحتملين".
ويحذّر خاطر من أن "هذا المسار سيقود اقتصاديا إلى إقصاء مالي واسع من جهة، وإلى عدم إنصاف المودعين من جهة ثانية، ما يعني حكماً ضرب القِطاع المَصرفي والدفع نحو المزيد من اقتصاد الكاش والفوضى النَّقدية"، مضيفا: "كما أنه من الجهة القانونية، يواجه المشروع عقَبات جسيمة، أبرزها عدم جواز تحويل الودائع إلى سندات قسرية، وعدم جواز اعتبار موجودات مصرف لبنان ضمانة لها، فضلاً عن إشكاليات دستورية تتعلق بآلية التصويت في مجلس الوزراء وصلاحياته".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا