كتبت سلوى بعلبكي في" النهار": لم يبقَ قرار ديوان المحاسبة، المتعلق بملف مخالفات عدد من وزراء الاتصالات السابقين، حبرًا على ورق، بل تُرجم بخطوات تنفيذية واضحة، تمثلت في إصدار
وزارة الاتصالات سندات تحصيل رسمية وإحالتها إلى وزارة المال.
فبعد أقل من شهر على طلب ديوان المحاسبة، أفادت وزارة الاتصالات أنها أنجزت جميع الإجراءات المطلوبة، فأعدّت سندات التحصيل وأرسلتها إلى وزارة المال بتاريخ 17/12/2025، تنفيذًا مباشرًا للقرار القضائي.
وبناءً على ثبوت مخالفات في استعمال المال العام، طلب ديوان المحاسبة من وزارة الاتصالات إصدار سندات تحصيل بحق الوزراء السابقين على النحو الآتي:
نقولا صحناوي بمبلغ 8.07 ملايين دولار، جمال
الجراح بمبلغ 11.3 مليون دولار، محمد شقير بمبلغ 11.3 مليون دولار، وجوني القرم بمبلغ 4.92 ملايين دولار. كذلك ألزم الديوان شركة «زين» بدفع تعويض قدره 2.75 مليون دولار، مع تزويد وزارة الاتصالات بموقفها من التنفيذ.
وأكدت وزارة الاتصالات أن هذه الإجراءات تأتي حصرًا في إطار إنفاذ قرار ديوان المحاسبة، من دون المساس بأي حقوق أخرى عائدة إلى
الدولة اللبنانية .وفي ما يخص شركة «ميك 2»، أودعت الوزارة الشركة نسخة من قرار الديوان بتاريخ 8/12/2025، وطلبت منها اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ البند العاشر من القرار، ولا سيما العمل مع الدوائر العقارية المختصة على إعادة 123 موقفًا للسيارات كانت في الأصل بتصرف شركة «تاتش»، بموجب عقد إيجار مبنى الباشورة، وتزويد الوزارة بكل التفاصيل المرتبطة بتنفيذ هذا الإجراء
في أسرع وقت ممكن .
واعتبر ديوان المحاسبة أن استعادة هذه المواقف تشكّل خطوة أساسية في تقليص الضرر اللاحق بالخزينة العامة، وقدّر قيمتها بنحو 4.92 ملايين دولار. ويؤكد هذا التطور، للمرة الأولى عمليًا، أن قرارات ديوان المحاسبة ليست توصيات أو آراء استشارية، بل أحكام قضائية إدارية واجبة التنفيذ. وأفاد ديوان المحاسبة بأنه تبيّن وجود شكوى مقدّمة من وسيم منصور أمام
قاضي التحقيق الأول في
بيروت بتاريخ 27/10/2020، مرتبطة بملف مبنى الباشورة، ورد فيها، وفق ما جاء في القرار، أن عمليتي إيجار العقار وبيعه تزامنتا مع وقائع مدعومة بمستندات تثير شبهات تقاضي رشى وتبييض أموال. وفيما يشكّل هذا الحكم سابقة غير معهودة في تاريخ الرقابة على العمل الوزاري، ومحطة مفصلية في مسار المحاسبة واستعادة المال العام في
لبنان ، شرحت المحامية الدكتورة جوديت التيني لصحيفة «النهار» أن قرار الديوان وضع وزير الاتصالات الحالي أمام مسؤوليته في إصدار أوامر التحصيل بحق الوزراء المدانين، على أن يكون محتسب المالية المركزي، أي مدير الخزينة في وزارة المال، مسؤولًا عن التحصيل، وذلك استنادًا إلى المادة 45 من قانون المحاسبة العمومية.
وقد ألزم القرار وزير الاتصالات الحالي الإفادة عن الإجراءات التي اتخذها لتحصيل حقوق الدولة خلال مهلة شهر من تاريخ تبلّغه القرار. وتؤكد التيني أن قرار الديوان قابل للطعن أمام مرجعين:
أولًا، ديوان المحاسبة نفسه، من خلال مراجعة إعادة النظر إذا ظهرت مستندات أو وقائع جديدة من شأنها تبديل وجهة القرار.
ثانيًا،
مجلس شورى الدولة بصفته مرجع نقض، وذلك خلال مهلة شهرين من تاريخ التبلّغ، بداعي عدم الصلاحية أو مخالفة أصول المحاكمة أو مخالفة القوانين والأنظمة.
والأهم أن الطعن لا يوقف تنفيذ قرار ديوان المحاسبة وأوامر التحصيل، ما لم يقرر المرجع القضائي الناظر في الطعن ذلك، لأسباب قانونية محددة يراها قائمة.