آخر الأخبار

بهاء الحريري: لكسر حلقة الخوف والعمل الجاد والمنظم لإنتاج قيادة وطنية

شارك

قال رجل الأعمال السيد بهاء الحريري في بيان: "‏تنطلق رؤيتي لإنقاذ لبنان من قناعة حاسمة لا تحتمل التأويل لبنان لن يُنقذ بإدارة الانهيار، ولا بإعادة إنتاج المنظومة نفسها، ولا بتسويات ظرفية تعقد فوق أنقاض الدولة. إن الإنقاذ يتطلب خيارا وطنيا سياديا واضحا يقوم على إطلاق مشروع وطني جديد يعيد بناء الدولة من أساسها، دولة سيدة، قادرة، وعادلة، تُحكم بالمؤسسات والقانون، لا بالأمر الواقع ولا بسياسات المحاور".

وأضاف: "لقد شكلت مواقفي وبياناتي السابقة الإطار الثابت لهذه الرؤية، والتي تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، وتربط استعادة القرار الوطني المستقل بإعادة الاعتبار للدستور والمؤسسات، وبترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومن خلال تطبيق اتفاق الطائف بجميع مندرجاته وبنوده كشرط مسبق لعودة الثقة الداخلية والدولية، ولإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي دولة فاعلة لا ساحة مستباحة".

‏وتابع: "لقد بلغ لبنان مرحلة الخطر الوجودي الشامل، خطر لم يعد محصورا بانهيار اقتصادي أو إفلاس مالي أو تفكك اجتماعي، بل أصبح خطرا سياسيا سياديا يهدد الكيان اللبناني نفسه، وهويته، ودوره، ومستقبله، معتبرا ان ما يشهده لبنان اليوم هو نتيجة مباشرة لفشل كامل وممنهج للمنظومة الحاكمة التي أثبتت، مرة تلو الأخرى، عجزها عن إدارة الدولة، وخضوعها لمصالح ضيقة، وارتهانها لمحاور خارجية، على حساب المصلحة الوطنية العليا".

‏وأردف: "لقد سقطت هذه المنظومة سياسيا وأخلاقيا ووظيفيا سقطت لأنها لم تحمِ الدولة، ولم تبنِ مؤسسات، ولم تصن الدستور، ولم تحترم إرادة اللبنانيين، بل أوصلت البلاد إلى الانهيار، ثم راحت تبحث عن تسويات مشبوهة لتغطية فشلها، بدل محاسبة نفسها والأخطر اليوم، أن هذه المنظومة لا تكتفي بالعجز، بل تدفع لبنان عمدا نحو إعادة تموضع استراتيجي خطير، عبر محاولة إخراجه من محيطه الطبيعي العربي والدولي، وزجه في محور جديد مرفوض من غالبية اللبنانيين، بعدما استُنزف لبنان لسنوات داخل المحور الإيراني وتحت شعارات ثبت زيفها وكلفتها الكارثية".

‏وقال: "إن محاولات تمرير سياسات مصيرية، من دون تفويض شعبي أو وطني ، عبر فتح مسارات تفاوض أمني وسياسي واقتصادي مباشر أو غير مباشر مع العدو الإسرائيلي ، أو إعادة هندسة موقع لبنان الإقليمي، كل ذلك يتم في ظل دولة منهارة، ومؤسسات مشلولة، وبرلمان فاقد للثقة، وحكومة عاجزة عن تأمين أبسط حقوق الناس هذا ليس قرار دولة هذا تصرف منظومة مأزومة تبحث عن شرعية بديلة".

وأضاف: "بوضوح لا يقبل الالتباس، إيماننا بمنطق السلام هو إيمان استراتيجي نابع من مصلحة لبنان والمنطقة، لكننا نرفض بشكل قاطع أي سلام شكلي، أو يُفرض تحت الضغط أو الابتزاز أو اختلال موازين القوى. وإن السلام الذي نؤمن به هو سلام عادل، متوازن، وغير قسري، سلام لا يفرض على لبنان ولا على شعوب المنطقة كأمر واقع، ولا يستخدم كغطاء لتكريس اختلالات سياسية أو انتقاص من الحقوق السيادية والوطنية. وهو سلام يُبنى بالتنسيق والتكامل الكامل مع الأشقاء في المنطقه والأشقاء العرب، وفي مقدمهم الأشقاء في تركيا، دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ، سوريا ، الأردن والعراق، باعتبار أن الاستقرار الإقليمي لا يُجزأ، ولا يمكن لأي دولة أن تحقق أمنها أو ازدهارها بمعزل عن محيطها الطبيعي".

‏وتابع: "إننا نرفض منطق السلام القائم على القوة القاهرة، أو على فرض الوقائع بالقسر، ونؤمن بأن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا عبر إحقاق الحق ، واحترام السيادة، ومعالجة جذور النزاعات، لا عبر إدارتها أو تجميدها مؤقتا. سلام يفتح الباب أمام إنهاء دوامات الصراع، ويضع المنطقة على سكة التطور والتحديث والتنمية المستدامة، وهي السكة التي سبقتنا إليها دول نامية عديدة، لا لتفوّق ذاتي، بل لأنها تمتعت باستقرار سياسي، واقتصادي، واجتماعي مكّنها من الاستثمار في الإنسان والمؤسسات والمستقبل".

‏وقال الحريري: "أي مقاربة لبنانية لمسألة السلام يجب أن تكون جزءا من رؤية سياسية شاملة، لا صفقة ظرفية، ولا مسارا منفردا، ولا نتيجة ضغوط، بل خيارا سياديا محسوبا، يهدف إلى حماية لبنان، وتثبيت استقراره، وتمكينه من لعب دوره الطبيعي في محيطه العربي والدولي. إن تقييمي الواضح والحاسم هو أن المجتمع الدولي لن يتعامل مع لبنان بجدية ما دام خاضعا لحكم المنظومة نفسها وإن المجتمع الدولي لم يعد يثق بالوعود، ولا بالمناورات، ولا بالخطابات المزدوجة. والدعم الخارجي لن يأتي لدولة مختطفة، ولا لسلطة عاجزة، ولا لمشروع يفتقد السيادة والشفافية والشرعية الشعبية".

وأضاف: "لبنان بحاجة إلى مشروع وطني جديد، مشروع دولة حقيقية، دولة مؤسسات، دولة قانون، دولة حياد إيجابي فاعل، دولة قرارها بيدها فقط، لا بيد أي محور، ولا أي وصاية، ولا أي قوة أمر واقع وإن استمرار الصمت، أو التواطؤ، أو المسايرة، لم يعد خيارا واللبنانيون لن يدفعوا مرة جديدة ثمن تسويات فاشلة تُعقد فوق رؤوسهم".

‏وتابع: "ندعو كل اللبنانيين الأحرار، في الداخل والاغتراب، إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية، وإلى كسر حلقة الخوف، ورفض الأمر الواقع، والعمل الجاد والمنظم تحت سقف القانون وبناء على احكام الدستور واتفاق الطائف لإنتاج قيادة وطنية جديدة، نظيفة، مستقلة، قادرة على استعادة الدولة، لا إدارتها بالنيابة عن الآخرين".

‏وتوجه إلى "الشعب اللبناني، الذي تحمّل ما لا يحتمل، بأصدق التمنيات بمناسبة الأعياد المجيدة وحلول السنة الجديدة، لشعب صمد رغم الألم، ولم يفقد إيمانه بالحياة، أقول: أنتم تستحقون أن تعيشوا بسلام ، وأن تفرحوا في أعيادكم، وأن تعود البسمة إلى بيوتكم التي أثقلها الظلم والانهيار. أملي أن تكون السنة الجديدة بداية مسار يعيد الكرامة والاستقرار، ويعيد الفرح إلى قلوب اللبنانيين، ويضع لبنان أخيرا على طريق الدولة، والعدالة، والمستقبل الذي يليق بتضحيات شعبه لبنان يستحق دولة والتاريخ لن يرحم".
الجديد المصدر: الجديد
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا