آخر الأخبار

قانون الفجوة المالية: إما الضرائب وإما الذهب

شارك
كتبت سابين عويس في" النهار": عكست المناقشات الحكومية حول مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، أو ما بات يُعرف بقانون الفجوة المالية، حجم التشرذم السائد حيال هذا الملف الشائك والخطير، بسبب اختلاف المصالح بين مودع وآخر، وبين المسؤولين عن الأزمة، ومدى استعداد كلٍّ منهم لتحمّل مسؤولياته الأخلاقية أولاً، ومن ثم الوطنية والمهنية.
تكفي مراقبة ردود الفعل على المشروع المرفوض من الجميع تقريباً، لفهم الخطر الذي يشكله لدى إقراره ودخوله حيز التنفيذ، كونه سيطوي صفحة قاتمة جداً من أزمة هي الأولى من نوعها في العالم. من يسبق من في تحمّل المسؤولية: الدولة أم المصارف أم المصرف المركزي؟ وما الذي يسبق ماذا؟ سؤالان يشكّلان جوهر المشكلة في القانون، الذي خلا كلياً من مبدأ المحاسبة، طالما أنه لم يحدّد المسؤولين عن الأزمة لمساءلتهم ومعاقبتهم. كما أن الاختلاف الظاهر في المناقشات الحكومية، يسلّط الضوء على عمق التباين.
توزيع الخسائر يجب ان يكون عادلاً وغير مجحف، خلافاً لما هو حاصل اليوم، حيث تتعامل الدولة مع المواطنين تماماً كما تعاملت معهم في زمن الحرب والتفجيرات: هم يدفعون الثمن بالأرواح والممتلكات كضحايا. واليوم يتكرر المشهد، وقد عبّرت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد عن هذه المشهدية عندما قالت، قبل جلسة مجلس الوزراء ، إن تحمّل الدولة الخسائر يعني زيادة الضرائب. ويتبين من المقاربة الحكومية أن الحكومة تتعمد رفع السقوف لتحسين شروطها التفاوضية مع المصارف من جهة، ولدفع المودعين إلى القبول بما سيتم إقراره على أنه تحسين للقانون من جهة أخرى. فالخيارات التي وضعتها الحكومة في المشروع تنحصر في اثنين: إما الضرائب وإما الذهب، علماً أن لدى الدولة ما يكفي من الأصول القابلة للاستثمار. وعلى أهمية موقف حاكم مصرف لبنان الساعي إلى تظهير وحدة الموقف الرسمي، فإن مظاهر التباين غير خافية في النقاشات، علماً أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار أن دور مصرف لبنان استشاري وغير ملزم للحكومة، وبالتالي فإن مسؤولية القانون ستكون على عاتق الحكومة، وما على المركزي إلا التنفيذ. أما المودعون، فإن 85 في المئة منهم سيحصلون على وديعتهم، ومجموعها لا يشكّل أكثر من 16 في المئة من حجم الودائع، فيما سيقاسي 15 في المئة منهم، وهم الذين يحملون 84 في المئة من الفجوة، من تبعات هذا القانون.
وكتب نبيل بو منصف في" النهار":صفة "الفجوة " أكسبتها الحكومة شهرة قانون باتت رحلته تختصر ست سنوات جاحدة ظالمة ، أفقرت الغالبية العظمى من اللبنانيين. واذا كانت العاصفة الاحتجاجية الواسعة التي ترافق العملية القيصرية الحكومية لاستيلاد "قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع" اقل المنتظر ، تبعا للصدمة الحتمية التي يثيرها قانون سيعني في المقام الأول والأخير، ان ما كتب قد كتب في مأساة انتزاع جنى الإعمار وإعادة الفتات والنذر اليسير من بقايا الودائع.
انها فجوة على مستوى الدولة اللبنانية بما يتجاوز الانهيار المالي إلى الانهيار الشمولي، فلن يكون امام اقل من صدمة نهائية ان ظن السذج منا بعد ، بان فجوات بحجم ومستوى ومنسوب الكوارث الوطنية ، قد تخضع يوما للمحاكمات والمحاسبة والمساءلة .
مسألة الفجوات في تركيبة الدولة الرسمية ومؤسساتها ، توازي تلك التي تطبع واقع الطبقات السياسية المتعاقبة اقله منذ اتفاق الطائف ، علما ان جمهورية ما قبل الحرب اللبنانية وان لم تشهد واقعات كبرى في المحاسبة والمحاكمات فإنها كانت تستظل حدا ادنى من الانتظام وتجنب الشرشحة التي صارت السمة الغالبة على معظم الطبقة التي ورثها لبنان بعد الحرب ، او صارت هي القابضة على السلطة والمؤسسات بعد الحرب بإدارة ووصاية اشد الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة ، أي النظام الاسدي ومن ثم لاحقا حتى انهيار المحور الممانع .
الان ، عند مشارف طي السنة الأولى من العهد وبعده السنة الأولى من ولاية أولى حكومات هذا العهد ، تثير محاولات إقامة بنى قانونية جديدة ان في الملفات المالية والاقتصادية او في المجالات الأخرى المختلفة، انطباعات متصادمة حيال ما يفترض ان يشكل نمطا اصلاحيا جذريا.
جاء طرح مشروع قانون الفجوة المالية في هذه اللحظة ليذكر بان الوقت في لبنان عامل قاتل كلما مر الزمن وتراكمت عقبات حل الأزمات بالقوانين بعيدا من التسويات اذ ان التشريع في لبنان أيضا ممره التسويات الهشة. ان مرت فجوة الانهيار المالي بتسوية، فلا شيء يفرق مؤسسات مالية ومصرفية ودولتية عن المنطق العشائري نفسه. والأخطر ان يغدو الأمر كيف نرضي مصرف لبنان او جمعية المصارف او الحكومة او الدولة ، فيما المودع يسكر على زبيبة !
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا