حالة انكار تعيشها الطبقة السياسة تجاه متلازمة الهشاشة التي تعاني منها والتي تتظهر فصولها يوما بعد يوم مع انفضاح حقيقة آدائها وقراراتها، المفترض انها مؤتمنة على تأديتها بصدق وأمانة في كل ملف واستحقاق، وآخرها القصة المهزلة " قصة ابو عمر " والتي وإن استخف البعض بها الا انها لا شك تخفي وراءها قصة اكبر، ابطالها كبار "رجلهم ورجل" بعض أبطال المرحلة "في الدق" حيث الحقيقة اليوم قيد المساومة.
بالطبع هذه الهشاشة السياسية أكلت من رصيد
الدولة اللبنانية ودفعتها نحو مزيد من التضييق. وهي اليوم تقف موقف " الدولة المدينة ". فهي مدينة على المستوى السياسي تجاه
المجتمع الدولي وشريحة كبيرة من الداخل اللبناني بالالتزام بقرارتها بنزع سلاح
حزب الله ، وهي مدينة تجاه الداخل اللبناني عبر تنفيذ الاصلاحات اللازمة ومن ضمنها اعادة اموال المودعين اللبنانيين – هذا ما عدا المودعين الاجانب وبخاصة السوريين الذين لا ندري ماذا يحضرون في هذا الصدد – اذا انها في قرارها الاخير باقرار مشروع قانون الفجوة المالية لم تأت بجديد فهي مازالت تعمل بـ"قحاطة" الحكومة السابقة وفي قرارات عدة، فحكومة
الرئيس نجيب ميقاتي كانت اكدت بشخص رئيسها بأن أول مئة الف دولار ستعود للمودعين وهي مضمونة مئة في المئة وستعود لهم باسرع وقت ممكن لا بل ايضا كانت تعمل على مشروع لاعادة اموال المودعين الكبار ولكن ضمن خطة زمنية اطول. الدولة مدينة ايضاً أمنيا في ظل التهديدات والخروقات الاسرائيلية المستمرة على
لبنان والدعوات الخجولة والقرارت غير الواضحة المعالم لوقف تلك الاعتداءات وحل العقد ، في ظل غياب واضح لاي مساعي جدية من رئيس الحكومة
نواف سلام اقله تجاه الدول النافذة لتأمين دعم جدي للجيش على مستوى العتاد والتجهيز.
ما يمكن قوله اليوم ان هذا المشهد لن يستمر طويلا، وان هناك "وهم" يحيط ملف نزع السلاح ، فالدولة عن قصد او غير قصد تعيش " وهم " خطورة الاقدام على نزع السلاح شمال الليطاني على اعتبار ان حزب الله مازال لديه قدرات كافية تمكنه من تحقيق الردع اللازم سيما في ظل الضخ الاعلامي عن اعادة حزب الله ترتيب صفوفه وبنيته العسكرية لا سيما من قبل الاعلام العبري والذي لا يقابله نفي او اقرار واضح بحصوله من قبل قيادة الحزب لغايات، ربما تبقيه محافظا على صورته ووزنه في اللعبة الخارجية . في حين ان الحقيقة نجدها في التاريخ حيث اذا فقدت اي منظمة او مجموعة او حزب رأسها او قادتها فهناك صعوبه ان لم نقل شبه استحالة من امكانية استمرارها بذات الزخم والعقيدة والشواهد كثيرة عن انفراط عقد منظمات ومقاومات عدة فقدت قادتها او رؤسائها. في المقابل "وهم" آخر يعيشه حزب الله وبيئته من خلفه وهو "وهم " الالغاء والاقصاء سيما مع غياب اي مبادرات حوار داخلية تعطي هذه البيئة الامان والغطاء اللازم بان الدولة ليست خضمها او عدو لها وانما هي البديل الطبيعي عن السلاح. حيال هذين الوهمين فان منسوب قيام اسرائيل بضربات قوية في لبنان يبقى عالياً، وفيما اذا كان معول عليه لحل جذري للانتهاء من السلاح فان تداعياته ستكون اوجع فيما لو تم بدلا من ان يتم نزعه وطنيا وبايادي لبنانية.اذا ان حل مسالة السلاح بتدخل اسرائيلي وأو أجنبي من شأنه ان يولد تشرذما داخليا مقيتا ان لم نقل اكثر، قد يعيد بنا، حتى الى ما قبل ميثاق 1943 الذي ارسى عدة مبادىء من ضمنها:" ان لبنان دولة مستقلة ذات وجه عربي، وعربية في انتمائها، غير ملحقة باي كتلة شرقية او غربية".