آخر الأخبار

أخطاء خصوم حزب الله تعزز موقعه شيعياً

شارك
بالرغم من كل الضجة التي تُصنع حول بعض الشخصيات الشيعية المعارضة ، وبالرغم من الاستثمار الإعلامي الذي حاول تضخيم حضورها وإبرازها كبديل محتمل، يبدو أن الواقع داخل البيئة الشيعية يسير في اتجاه مختلف تمامًا.

فهذه البيئة، التي خضعت لسنوات طويلة لاختبارات قاسية وضغوط سياسية وأمنية وإعلامية، تبدو اليوم أكثر التصاقًا ب" حزب الله " مما كانت عليه في أي مرحلة سابقة. بل يمكن القول إن "الحزب" يعيش حالة من الشعبية قد تكون الأكبر في تاريخه، ليس لأن الخصوم تراجعوا فقط، بل لأن الخطاب الذي رُفع بوجهه ارتد على أصحابه، وأنتج نتائج معاكسة تمامًا لما كانوا يسعون إليه، وتحديدا داخل البيئة الشيعية.

المسألة ليست مرتبطة بتأييد أعمى أو انغلاق طائفي كما يحاول البعض تصويرها، بل بتفاعل طبيعي مع موجة من الخطابات التي استهدفت الطائفة ككيان كامل، بكل ما تحمله من معتقدات وتجارب وذاكرة جماعية. الخطاب المعادي للحزب لم يذهب إلى خصومه السياسيين فحسب، بل طال الناس أنفسهم، واعتبرهم جزءًا من المشكلة، ما أدى إلى تعزيز حسّ التهديد وتعميق الشعور بأن هناك استهدافًا يتخطى الحزب إلى الوجود الاجتماعي للطائفة.

وعندما يُدفع الناس إلى هذا النوع من الشعور، يصبح رد الفعل بديهيًا: الالتفاف حول القوة التي يشعرون أنها تمثل خط دفاعهم الأول.

المفارقة أن خصوم الحزب، بدل أن يعملوا على كسب الشارع الشيعي وإقناعه ببدائل مقنعة، انشغلوا بخطابات تُرضي جمهورهم الخاص. فضّلوا تحقيق مكاسب سريعة في بيئاتهم بدل محاولة زعزعة حضور الحزب داخل بيئته. وهكذا خسروا الفرصة الوحيدة التي كان يمكن أن تبني علاقة مختلفة مع هذه الطائفة. فبدلاً من فتح حوار هادئ أو طرح مشروع سياسي يستوعب هواجس الشيعة ، ذهبوا إلى لغة تصادم وصدام، أظهرتهم وكأنهم لا يريدون التغيير بل الانتقام.

اليوم، يمكن لأي متابع أن يلاحظ أن محاولات الخرق الشعبي داخل البيئة الشيعية أصبحت شبه مستحيلة. فالعقود الماضية، بما حملت من صراعات وحروب وأزمات اقتصادية وسياسية، لم تُضعف حضور الحزب داخل طائفته كما توقع البعض، بل عززته. الشعور العام داخل هذه البيئة يشير إلى أن الحزب لم يعد مجرد فصيل سياسي، بل تحول إلى عنصر ثابت في الهوية اليومية لجمهوره.

في المدى المنظور، يبدو واضحًا أن أي محاولة لمواجهة الحزب سياسيًا لن تمرّ عبر الشعارات ولا عبر الاستفزاز. الطريق الوحيد يبدأ من احترام الطائفة نفسها وفهم دوافعها وهواجسها، ومن ثم تقديم خطاب بديل واقعي لا يقوم على النفي بل على الشراكة. أما الاستمرار في النهج السابق فلن يغيّر شيئًا، بل سيُرسّخ أكثر هذا الارتباط الذي يسعى كثيرون لكسره.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا