بدا واضحا من المجريات السياسية ان القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتشاور حياله مع رئيسي مجلس النواب والحكومة، بتعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً ديبلوماسياً مدنياً للوفد اللبناني إلى اجتماعات لجنة الميكانيزم، من شأنه ان يمنع تفجّر التهديدات
الإسرائيلية بحرب واسعة، من دون ان يلغي لغة التصعيد الاسرائيلية.
هذا القرار لا يرقى إلى مستوى مفاوضات ديبلوماسية – سياسية مباشرة، بحسب مصادر معنيين، وانما الطابع الأمني صار مطعّماً بطابع ديبلوماسي.
وبالفعل شارك كرم للمرة الاولى في اجتماع "الميكانيزم" الذي عقد في الناقورة في حضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس.
وقال مصدر لبناني أن المسؤولين اللبنانيين خرجوا بانطباع بأنّه سيتمّ إعطاء فرصة للجيش للقيام بعمله وأن اجتماع البارحة سيتم تطويره ويُبنى عليه. وأشار إلى أن الأجواء كانت إيجابية بحضور مدني من
لبنان وإسرائيل للمرّة الأولى، وبقي الاجتماع ضمن الأطر المعتادة سابقاً. وكشف أنه لم يتم التطرق في اجتماع الميكانيزم إلى تفتيش الممتلكات الخاصة، وخلا من أجواء التهويل التي قيل إنّ أورتاغوس سمعتها
في إسرائيل .
أضافت المصادر"ان تكليف السفير كرم في لجنة وقف اطلاق النار جاء بعد سلسلة مشاورات خاضها الرئيس جوزاف عون الذي وعلى الرغم من متابعته زيارة الحبر الأعظم كان يجري مع رئيس الحكومة مجموعة إتصالات في سياق العمل على تجنيب لبنان اي تصعيد محتمل الى جانب العمل على موضوع التفاوض".
وقالت "ان رئيس الجمهورية قد يتطرق الى هذا الامر في
مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم الخميس في القصر
الجمهوري ".
وكشف مصدر رسمي "بأنّ هذه الخطوة تكتسي أهمية بالغة في هذا التوقيت بالذات، كونها تُشكّل من جهة محاولة لقطع الطريق على احتمالات التصعيد
الإسرائيلي ضد لبنان، التي تصاعدت وتيرتها بشكل مكثف ومخيف في الآونة الأخيرة، وتعكس من جهة ثانية رغبة
واشنطن بعدم تدحرج الأمور إلى تصعيد على جبهة لبنان، وبإعطاء فرصة للمسار السياسي".
وأكد المصدر "أنّ هذا التطور الذي تجلّى بإشراك مدنيين في لجنة الميكانيزم، يستجيب بصورة واضحة للمبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، حول التفاوض لوقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما خلف الحدود الدولية وتسلّم الجيش كامل منطقة جنوب الليطاني، ويناقض بصورة واضحة أيضًا المطلب الإسرائيلي الذي تكرّر أكثر من مرة، بتجاوز لجنة الميكانيزم والدخول في مفاوضات سياسية مباشرة مع لبنان وعلى مستوى الوزراء، وهو ما رفضه لبنان بشكل قاطع"مؤكداً" أنّ الأولوية هي للالتزام الكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية وتنفيذ مندرجات القرار 1701 بالتنسيق والتعاون الكاملين بين الجيش وقوات اليونيفيل، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس وإطلاق الأسرى".
وفيما يرتقب ان يعلن الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم غدا موقف الحزب من تعيين السفير كرم، كان لافتا ما اوردته محطة " المنار"الناطقة باسم"
حزب الله ": في مقدمة نشرتها امس وجاء فيه: اتخذت الدولة
اللبنانية قراراتها وعليها ان تتحمل تداعياتها.فبعد طول تنازلاتها دون مقابل، كانت الدولة قد اكدت الا خطوة لبنانية اضافية تجاه العدو دون وقف اعتداءاته، لكنها قررت اليوم تكليف مدني هو السفير سيمون كرم لرئاسة الوفد اللبناني الى لجنة الميكانيزم، مقابل الوفد الصهيوني الذي يرأسه العضو بمجلس الامن القومي "
أوري رسنيك".
بررت السلطة الخطوة بانها من أجل الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه ومصالحه العليا، واتبعتها بانها تجاوب مع المساعي المشكورة من حكومة
الولايات المتحدة الأميركية.
اي تجاوب واي مساع اميركية؟ فهل من تعهد اميركي جديد للبنان بوقف الاعتداءات والخروقات الصهيونية اذا ما اقدم على مثل هذه الخطوة ؟ ام ان هناك ما لا يعلم به اللبنانيون ويعمل عليه القيمون؟ فماذا تبقى من سيادة وطنية؟ وهل هكذا تستعاد الأرض والحقوق؟ وهل هكذا يكون الدفاع الدبلوماسي عن مصالح الوطن العليا؟
لقد خطت الدولة اللبنانية خطوة نحو المجهول دون اثمان مضمونة، وحتى نرى ما ستكون عليه الامور فان اهل الارض عند موقفهم: لا تنازل عن الحقوق ولا استسلام.