آخر الأخبار

من دير الصليب… البابا لاوون يعيد تكريس مفهوم العدالة الاجتماعية

شارك





هي محطة بعيدة عن زحمة السياسة وأجوائها المشحونة؛ محطة خاصة تحاكي الإنسان أولًا، وترفع لواء الرحمة والعدالة الاجتماعية.
من هذا المكان الذي يضجّ بالرجاء قبل الألم، بدأ البابا لاوون الرابع عشر يومه الأخير في لبنان ، في مشهد إنساني استثنائي يسلّط الضوء على رسالة الكنيسة تجاه المرضى والمهمّشين.
ما إن توقّفت سيارة الحبر الأعظم أمام تمثال الطوباوي ابونا يعقوب الكبوشي، حتى ترجّل منها وسط استقبال شعبي ورسمي مؤثّر، فيما عزف طلاب المدرسة لحن التعظيم قبل أن يتقدّم قداسته الى داخل المركز.

في الباحة الداخلية، حيث عاينت " لبنان 24 " المشهدية، كانت جوقة ذخائر الأب يعقوب—المؤلفة من مرضى المستشفى—تنتظره بنشيد خاص بعنوان "أملنا"، أُعدّ خصيصًا لزيارته من قبل راهبات الصليب . وفي أحد مقاطعه نداء موجّه إلى البابا والسماء لدعم مسار تقديس الأب الاستثنائي يعقوب الكبوشي.
وزُيّنت الزيارة بلمسة روحية خاصة: ورود مصنوعة من البرشان، أعدّتها الراهبات داخل الدير، تخليدًا لعبارة الأبونا يعقوب: "ازرعوا برشان… بتحصدوا قديسين."

دخل البابا إلى القاعة المخصصة لاستقباله، والتي اتّسعت لحوالى 600 شخص من المرضى والراهبات والرهبان والإكليروس والضيوف. ومن على كرسيه الأبيض، أراد أن ينقل رسالة واضحة إلى العالم: إن دير راهبات الصليب هو أعجوبة يومية عمرها من عمر مؤسّسها الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي، حيث تتجسّد الرحمة الإلهية والعناية الحقيقية بلا انقطاع.
وكانت اللفتة الرمزية في افتتاح صالة جديدة تحمل اسم البابا ليو الرابع عشر.

لماذا اختار البابا لاوون زيارة دير الصليب؟

تحمل هذه الزيارة أبعادًا روحية وإنسانية تتجاوز البروتوكول الرسولي. فاختيار البابا أن يبدأ آخر أيام زيارته في مكان يحتضن المرضى النفسيين والعقليين ليس تفصيلًا. إنها إشارة واضحة إلى فئة غالبًا ما تبقى على هامش الاهتمام، وإلى قلب رسالة الكنيسة في مرافقة الضعفاء والأكثر هشاشة.

أراد البابا أن يقول إن الحضور إلى مراكز الألم هو جوهر الإنجيل، وأن قيمة الإنسان تبقى ثابتة مهما قست عليه أيامه أو تبدّلت ظروفه. وفي كلماته التي وجّهها للمرضى والعاملين والراهبات، برزت رسالة مزدوجة:

أولًا: طمأنة المرضى بأنهم قريبون إلى قلب الله، وأن معاناتهم لا تُقصيهم بل ترفعهم إلى مكانة محبّة خاصة، في خطوة تسهم في إزالة وصمة المرض النفسي في مجتمعاتنا.

ثانيًا: تقدير العاملين والراهبات، الذين شبّههم بالسامري الصالح، على ما يبذلونه من صبر وتفانٍ ورعاية رغم الظروف الصعبة، معتبرًا عملهم شهادة حيّة لمحبة المسيح.

أبونا يعقوب الكبوشي… الأعجوبة المستمرة

شكّلت الزيارة تحية مباشرة لإرث الطوباوي أبونا يعقوب، مؤسس مستشفى دير الصليب وجمعية راهبات الصليب. ذكّر البابا برسالته القائمة على خدمة الأشد وجعًا والأكثر فقرًا، وبأن روحه لا تزال تنبض في هذا المكان حتى اليوم.
وابعد من ذلك بدا البابا لاوون وكأنه يوجّه دعوة إلى لبنان والعالم: إن مجتمعًا يجري خلف رفاهية زائفة ويتجاهل الضعفاء يفقد جوهر إنسانيته. فالمرضى هنا هم مرآة الحقيقة، وصوتهم يذكّر بأن الرحمة هي معيار حضارة الشعوب.

نداء من قلب الدير يتجاوز ماديات العالم

شكّلت كلمة الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الأم ماري مخلوف، محطة مؤثّرة حملت عمقًا لاهوتيًا وإنسانيًا. فحين قالت إن الدير "صمد بمساعدة الله والسماء"، وإنه "يعيش من فلس الأرملة وفلس المحبّين"، كانت تعيد التأكيد على أن هذا الصرح لم ينهض يومًا على المال أو النفوذ، بل على إيمان بسيط يُشبه جذور الأب يعقوب وروحانيته.
أما مخاطبتها البابا بعبارة: "لقد رفعتم للعالم شعارًا إنجيليًا: طوبى لفاعلي السلام"، فقد جاءت بمثابة ترجمة لجوهر الزيارة: سلام لا يُعلن من على المنابر فقط، بل يُصنع حين تمسك الكنيسة بيد إنسان موجوع أو مهمّش.

هكذا تحوّلت زيارة البابا إلى محطة رمزية تعيد التأكيد على خيار الكنيسة الثابت: الوقوف إلى جانب المهمّشين، واعادة الضوء في أكثر الأماكن ألمًا.
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا