آخر الأخبار

اللبناني يكتشف صُنع في لبنان من جديد

شارك
اللبناني لم يعد يستهلك كما كان قبل الأزمة. خلال السنوات الأخيرة، تبدّل المشهد على رفوف السوبرماركت والمحالات، فالمنتجات المحلية التي كانت غالبًا "خيارًا ثانويًا" تقدّمت إلى الواجهة، وبات كثيرون يضعونها في السلّة تلقائيًا.

تقديرات ميدانية واستطلاعات رأي حديثة تشير إلى أن غالبية اللبنانيين، أي ما بين ثمانية إلى تسعة من كل عشرة، أصبحوا في حالات كثيرة يفضّلون المنتجات المصنّعة محليًا، خصوصًا في المواد الغذائية ومواد التنظيف وبعض المستحضرات اليومية. ويُقدَّر أن أكثر من ثلثي المستهلكين زادوا اعتمادهم على "صُنع في لبنان" خلال السنوات الخمس الأخيرة، سواء بفعل الأسعار أو بفعل شعور متنامٍ بضرورة دعم الاقتصاد المحلي.

هذا التحوّل لا يظهر فقط في نسب وتقديرات، بل يلمسه أصحاب المصانع والمشاغل الصغيرة مباشرة في حركة المبيع. كثير منهم يتحدّث عن زيادة تتراوح تقريبًا بين 20 و40 في المئة مقارنة بما قبل الانهيار، خصوصًا في الفئات التي تجمع بين جودة مقبولة وسعر أدنى بكثير من البديل المستورد. في المقابل، يواجه هؤلاء تحديات قاسية، من كلفة الطاقة إلى شراء المواد الأولية بالدولار، ما يجعل استمرارهم قائمًا على مزيج من ترشيد النفقات والابتكار في التسويق وضبط الهوامش إلى الحدّ الأدنى.
مع ذلك، لا يقتصر الأمر على معادلة السعر والجودة. ثمة بُعد جديد يتشكّل في علاقة اللبناني مع ما يستهلكه، جزء من الجيل الشاب الذي كان يميل فطريًا إلى العلامات الأجنبية بات اليوم يتقصّد اختيار المنتج المحلي، من المأكولات والمونة القروية إلى الألبسة والحرف اليدوية ومستحضرات العناية الشخصية. هذا المزاج، وإن كان لا يلغي حجم الأزمة ولا يعيد إلى الصناعة الوطنية قوّتها المفقودة، إلا أنه يرسم ملامح سلوك مختلف فالمستهلك يكتشف بلده من خلال ما يُنتج، لا فقط من خلال ما يَستورد. وفي بلد اعتاد لسنوات طويلة النظر إلى الخارج بحثًا عن الجودة، يبدو أن الأزمة فتحت ثغرة صغيرة نحو الداخل، يمكن، إذا توفّرت سياسات داعمة، أن تتحوّل إلى فرصة حقيقية لاقتصاد أكثر توازنًا.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا