كتبت ابتسام شديد في" الديار": ليس أمرا عابرا ان تتم الإطاحة بزيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى واشنطن فما خفي من موضوع الإلغاء كما تقول مصادر سياسية اكبر مما هو معلن، الا ان الظاهر من المؤشرات ان هناك عدم "رضى" أميركي على أداء السلطة والجيش اللبناني في تنفيذ عملية حصرية السلاح. فما حصل كما تضيف المصادر يندرج في إطار الضغوط الاميركية على الجيش لنزع السلاح والتضييق على حزب الله .
الجانب الأميركي هدف الى "هز العصا" وتذكير الجانب اللبناني لتطبيق حصر السلاح لكن لا يعني ذلك وقف المساعدات وبرامج التدريب، وما بين النظريات يبقى الثابت ان الجيش يمر في مرحلة دقيقة وخطرة فهو مطالب بتطبيق نزع السلاح وهو من أصعب الملفات على الإطلاق التي تتطلب إقامة توازن بين الواقعية السياسية والضغوط الدولية.
بحكم الواقعية تقول المصادر لا يمكن للجيش ان يقوم بخطوة تضعه في مواجهة مع حزب الله وجزء أساسي من الشعب اللبناني، فحزب الله جزء من المكون اللبناني ونزع سلاحه او سلاح اي فريق اخر لا يمكن ان يحصل بلا توافق وطني لئلا يصبح الجيش هدفا وتنزلق الأمور الى صراع داخلي، في المقابل اصبحت الضغوط الدولية عبئا على الدولة والجيش معا بسبب استمرار الاعتداءات
الإسرائيلية وهذا الامر دفع قائد الجيش إلى التهديد سابقا بتجميد خطة السلاح .
مصادر عسكرية مطلعة اكدت ان مهمة الجيش دخلت في مسار معقد فالجيش يسير اليوم بين الألغام السياسية التي توضع في طريقه وقد تحدث رئيس الجمهورية جوزاف عون عن فريق "بخ السم" في واشنطن ضد الرئاسة وقيادة الجيش وهناك التصعيد الاسرائيلي المتمادي والطلبات التي ترد الى لجنة الميكانيزم وآخرها طلب تفتيش بيوت الجنوبيين مع المزايدات السياسية
اللبنانية .
وتتحدث مصادر سياسية عن "أصداء" غير إيجابية في اجتماعات الميكانيزم مع تزايد الطلبات والضغوط على
لبنان في حين يعجز الميكانيزم عن ضبط العدو
الإسرائيلي ومنعه من مواصلة اعتداءاته.
وتقول المصادر ان الجيش أبلغ المعنيين في الميكانيزم رفضه تفتيش المنازل ورفع سقف خطابه السياسي اكثر من مرة مدينا الخروقات الإسرائيلية التي وصلت الى اربعة آلاف خرق وتضمنت بيانات الجيش اتهاما مباشرا لإسرائيل بعرقلة عمل الفرق العسكرية جنوب الليطاني .
الجيش يواجه تحديات صعبة فهو عالق في الوسط بين الضغوط الدولية لتسريع خطة السلاح والتصعيد الاسرائيلي الذي وصل الى ارتكاب مجازر ومن المؤكد ان الجيش ليس في صدد الدخول في مواجهة مع بيئة تدفع يوميا فاتورة الدم والتدمير والتهجير وتمسكها بالأرض والسيادة الوطنية وهي المبادىء نفسها وعقيدة الجيش.
وكتب طوني عطية في" نداء الوطن": تقع القرى الجنوبية الحدودية أو ما تبقى منها، ومعها الجيش اللبناني، بين فكّي عناد: الأول، "حزب اللّه" المصرّ على عدم التسليم بالهزيمة، والرافض الإقرار بانتهاء دوره القتالي ونزع سلاحه. والثاني،
إسرائيل التي لم يعد عقلها الأمني، يحتمل أي مهادنة أو تسوية قد تعيد إنتاج التهديد، في
المستقبل القريب والبعيد.
صحيح أن "الحزب" لا يزال يستند إلى بيئة واسعة تحتضنه وتناصره. إلّا أن شرائح أخرى من الطائفة الشيعية، بدأت تراجع حساباتها، مقتنعةً بأن فاتورة الدم والدمار والتهجير باتت باهظة، وأن خيار "الإسناد" لم يكن إلّا مسارًا انتحاريًا.
كما أن التركيبة السياسية والحزبية في بعض البلدات باتت تُشكّل عامل ضغط متزايد على "حزب اللّه". من بين هذه القرى بيت ليف، المحسوبة تاريخيًا على حركة "أمل".
اللافت في ما جرى ببيت ليف، أمران: أولًا، أنه فور إعلان الجيش الإسرائيلي عن رصد منشآت عسكرية تابعة لـ "حزب اللّه" داخل البلدة، واتهامه "الحزب" بإعادة ترميم تلك المنشآت، وجّه أبناء البلدة نداءً عاجلًا إلى قيادة الجيش اللبناني والرؤساء جوزاف عون،
نبيه بري ونواف سلام، دعوهم فيه إلى "التحرّك الفوري والاضطلاع بمسؤولياتهم الوطنية عبر الانتشار داخل البلدة وتأمين الحماية للمدنيين العزل" بما يوفر غطاءً أهليًّا لتحرّكه داخل القرى، باعتبار أن البديل، أي تكفل إسرائيل بالمهمّة، لن يجلب سوى الدمار والتهجير. لذا، بين كمّاشتي "حزب اللّه" وإسرائيل، يبقى خيار الدولة اللبنانية عبر مؤسّساتها الشرعية الملاذ الأكثر أمنًا واستقرارًا لأبناء الجنوب.