كتب نبيل بو منصف في" النهار": قبل ستة أشهر ونصف الشهر تقريباً على موعد الانتخابات النيابية المقبلة، لا يبدو منطقياً وواقعياً من الآن أي جزم بنعي الانتخابات وحتى لو انفجرت الألغام الجاهزة والتي يدأب على تجهيزها بعض المنتفعين من عرقلة مسار انتظام النظام والدولة والمؤسسات أو لأسباب تآمرية.
لايزال ممكناً الجزم بأن إجراء الانتخابات في موعدها سيبقى ممكناً ومرجحاً وأقوى الاحتمالات، لأن الكلفة الثقيلة لأي تلاعب بموعدها ستكون فادحة جداً على
العهد والحكومة وكل القوى التي تمارس الازدواجية وكل مشتقات الخبث السياسي للإطاحة بهذا الاستحقاق.
في نهاية الأسبوع الطالع هذا، ستنتهي مهلة تسجيل المنتشرين اللبنانيين في العالم على عدد متواضع جداً على ما توحي الأرقام الحالية، فيما ينطوي مع نهاية المهلة الطموح الضخم الذي كان معلّقاً على احتساب من 300 إلى 400 ألف مغترب ضمن الحسابات
الانتخابية المقبلة، أي تشكيل رصيد بالغ التأثير في المجيء بكوكبة إضافية من النواب ذوي القدرة على تزخيم مدّ تغييري في
البرلمان المقبل، أياً تكن الانتماءات التي تحركهم.
الأخطر من اختزال التصويت الاغترابي المعوَّل عليه في الاستحقاق المقبل، أنه مع بدء تهافت المهل القانونية والدستورية واحدة تلو الأخرى، سيغدو القانون النافذ وحده سيد الموقف بلا أي قدرة على تعديله. بذلك، ومع نهاية مهلة التسجيل بعد أيام، ستدخل الأزمة في مربع تصعيدي جديد نيابي وسياسي ناجم عن "نجاح" مضمر جرى التخطيط له من جانب رئيس المجلس والثنائي الشيعي في فرض أمر واقع سيعطّل الانتخاب الاغترابي كلياً، على الأرجح، بحيث يُحرَم خصوم هذا
الثنائي من تسونامي حقيقي كان يمكن أن يصبّ لمصلحة كتلهم.
الأزمة هذه لن تبقى ضمن إطارها الانتخابي، فهي ستغدو المحرّض الأساسي لإذكاء الصراع الحاد بين سائر القوى السياسية والثنائي الشيعي، كما ستضاعف حال اهتزاز الثقة بين المكوّنات الحكومية. ولن نضيف الواقع المتصل بمصير البلاد التي تنام وتصحو على توقعات الحرب الآتية. كل هذا سيصنع الأسوأ من الخوف على الانتخابات بأزمة مركّبة تصاعدية ستسبق من الآن مرور السنة الأولى على العهد.
وكتب غاصب المختار في" اللواء": ما يجري حول
قانون الانتخابات النيابية من سجالات وخلافات واقتراح قوانين منذ فترة، وتفسيرات متناقضة للدستور وللنظام الداخلي لمجلس النواب، ليس أمراً جللاً مخيفاً، ولا خارجاً عن طبيعة التركيبة السياسية
اللبنانية ، ولا عن تناقضات وغموض بعض مواد دستور اتفاق الطائف، برغم ان وثيقة الوفاق الوطني حدّدت الثوابت حول كل الأمور ومنها ما يتعلق بقانون الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية وخلافه... لكن التطبيق الانتقائي للدستور ولوثيقة الوفاق أطاح بكل التفاهمات الممكن التوصل إليها في بلد متعدد الاتجاهات السياسية ومتنوّع طائفياً، بحيث باتت كل جهة سياسية - طائفية تفسّر الأمور غبّ الطلب على هوى مصالحها من دون الالتفات الى ان التوازن هو جوهر أي توافق وأي دستور.
وأتت مسألة إقتراع المغتربين لـ 128 نائباً في أماكن تواجدهم بدول الاغتراب ليزيد من حدّة التنافس، كونها تؤمّن لبعض الأطراف السياسية حاصلا انتخابياً إضافياً يزيد من حصتها النيابية لتوظّف هذه الإضافة في زيادة عدد نواب بعض الكتل النيابية في «المعارك» الكبرى والصغرى، سواء المتعلقة بإنتخابرئيس المجلس النيابي أو رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومات أو توفير نصاب الجلسات العامة، أو تلك المتعلقة بالبتّ بالكثير من القوانين التي تناسب هذه الفئة ولا تناسب فئة أخرى. والغريب أن الخلافات والانقسامات الواسعة الحاصلة على أمور جوهرية كبرى، تتلاشى عند تفاهم الكتل المتخاصمة على تمرير مشروع أو اقتراح قانون معيّن أو على الإطاحة به، فيحصل التفاهم والوئام واللقاءات وتسجيل الانتصارات وكأن لا خلافاً مطلقاً بين القوى السياسية.
تخوض بعض القوى السياسية معركة الانتخابات وإقتراع المغتربين بالتوازي مع معركة «حصرية السلاح وسيادة الدولة»، ليس لسبب وهدف داخليين تراهما أكثرية اللبنانيين ربما أمر مطلوب، بل لسبب وهدف خارجيين مطلوب تحقيقهما في
لبنان في ظل التوجهات الأميركية التي تريد أن تفرض التسويات السلمية في المنطقة «ولو بالقوة».