مع بدء قيادة قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب
لبنان ، تنفيذ خطّة تخفيض عديدها تمهيداً لإنهاء مهمّتها بعد عام، تجدّد الكباش الدولي حول حضور ودور
الأمم المتحدة على الحدود.
وانضمّت «اليونيفيل» إلى لائحة أهداف الاعتداءات
الإسرائيلية شبه اليومية في جنوب لبنان. وآخرها ما أعلن عنه أمس، عن تعرّض دورية من جنودها في سهل سردا، إلى إطلاق رشقات ثقيلة من دبابة ميركافا، أطلقتها القوات الإسرائيلية، من مركزها المستحدث في تلّة الحمامص.
وبحسب بيان «اليونيفيل»، فقد سقطت الرشقات على بُعد خمسة أمتار من الجنود قبل أن تعود الدبابة إلى موقع الحمامص. وعلم أنّ الاعتداء استهدف الجنود فجر أمس، عندما كانوا يتنقّلون في سردا، قبالة مستعمرة المطلّة. وادّعى جيش العدو، أنّ «إطلاقه النار سببه الاشتباه بأشخاص صنّفوا كمشتبه بهم نتيجة الأحوال الجوّية».
في المقابل، تواصل قوات الاحتلال بناء جدار إسمنتيّ يمتّد من أطراف عيترون الجنوبية باتجاه غربي يارون، مروراً بحدود مارون الرأس وموقع جل الدير المحتلّ.
وبحسب مصدر عسكري، فإنّ الجيش اللبناني و«اليونيفيل» على السّواء، لم يتمكّنا من الوصول إلى منطقة الأشغال المعادية لمعرفة إمكانية خرق الخط الأزرق والأراضي
اللبنانية . ومن المنتظر بأن يتوجّه اليوم، فريق طوبوغرافي تابع للجيش ، لإجراء مسح عن بعد لمنطقة الأشغال. لكنّ المصدر لفت إلى أنّ الجدار عند عيترون ومارون الرأس، يتمّ عند الخط الأزرق باتجاه الشريط. وكانت تخرق الآليات والجرّافات الخط الأزرق في أثناء عمليات الجرف والبناء. أمّا في يارون في محيط موقع الحدب، فالجدار يبنى شمال الخط الأزرق داخل الأراضي اللبنانية، بعمق 41 متراً طولاً و172 متراً عرضاً.
وقالت الناطقة باسم اليونيفيل كانديس كارديل، ردّاً على أسئلة «الأخبار»، إنّ عمل القوات الدولية «محفوف بالمخاطر، لكننا نطبق تدابير أمنية صارمة للحفاظ على سلامة أفرادها قدر الإمكان. ومع ذلك، فإنّ سلامة قوات حفظ السلام، تقع في نهاية المطاف على عاتق الأطراف المعنية بالقرار 1701».
وأشارت إلى حادثة أمس، حيث سقطت القذائف على مسافة خمسة أمتار من قوات حفظ السلام التي كانت تقوم بدورية راجلة، قائلة إنه «يجب تذكير الجيش
الإسرائيلي بالتزاماته حماية أفراد اليونيفيل».
وعن تأثير هجمات
إسرائيل على خطة تقليص قوات اليونيفيل، قالت كارديل، إنّ «الهجمات على قوّاتنا تثير القلق الكبير، لكن على قوات حفظ السلام أداء واجبها، وسنواصل فعل ذلك، بما يوجد بين أيدينا من الموارد، تماماً كما فعلنا في العام الماضي، إذ سبق أن تعرّضنا إلى عدد من الهجمات عندما رفضنا المغادرة، ولا نزال ملتزمين بمهمّتنا كما كنا آنذاك». مشيرة إلى «أنّ التقليص في عمل قواتنا مرتبط بالأزمة المالية التي تُؤثّر على الأمم المتحدة بأكملها. لكن ذلك لن يؤثّر على التزامنا بالقرار 1701، كما لن يؤثّر على التدابير الأمنية الصارمة التي نتّخذها لسلامة قواتنا».
وأكّدت أنّ ما يجري لن يغيّر في عمل قوات «اليونيفيل» التي «ستواصل أداء مهامها الأساسية، مع التركيز على مراقبة الخط الأزرق، والإبلاغ عن انتهاكات القرار 1701، ودعم الجيش اللبناني».
انهاء مهام اليونيفيل
وتتزامن الضربات لقوات الطوارئ مع حملة تحريض إسرائيلية، لإنهاء مهمّة حفظ السلام.
وذكرت «الأخبار» بأنّ الدول الأكثر حضوراً في القوة، لا سيّما فرنسا، تُجري اتصالات مع مسؤولين في
الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لإقناعهم بالإبقاء على وجود القبّعات الزّرق في الجنوب وإن بأشكال جديدة.
ويستند الرأي الفرنسي، الذي توافق عليه دول مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، إلى أنّ الجيش اللبناني، لن يكون قادراً على الحلول مكان القوة الدولية. مع الإشارة إلى أنه من المفترض أن ترفع قيادة القوة تقريراً في نيسان المقبل إلى مجلس الأمن، يشمل مراجعة لمهمّتها مع توصيات بتمديد مهمّتها بعد إضافة تعديلات إلى دورها وصلاحياتها. لكنّ المسؤولين
الأميركيين ، يحاولون ابتزاز دول «اليونيفيل» بعدم المساهمة بتمويلها كما تفعل (تسهم بنحو 23 في المئة من موازنة اليونيفيل). وفي حال احتاجت إلى الأموال الأميركية، عليها أن تخضع لإملاءات واشنطن. وفي هذا السياق، من المفيد التذكير بأنّ الجنرال الأميركي الذي يتولّى منصب رئيس لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، كان قد أسمعَ وفد الجيش اللبناني كلاماً قاسياً بسبب رفضهم طلب إسرائيل و«الميكانيزم» بتفتيش المنازل والممتلكات الخاصة.
وكتبت" النهار": قفز الواقع "الاستباحي" المزدوج إسرائيلياً وإيرانياً مجدداً إلى واجهة المشهد اللبناني، نظراً إلى ما ينطوي عليه من ازدياد المحاذير والأخطار.
ولعل التصعيد الإسرائيلي الميداني اكتسب دلالات بالغة السلبية لجهة استهداف جديد للشرعية اللبنانية أولاً عبر قضم أراضٍ لبنانية في عملية تشييد جدار اسمنتي حدودي، ولما كشفت قوة "اليونيفيل" هذا القضم تحوّل الاستهداف الإسرائيلي إلى "اليونيفيل" نفسها. وليس خافياً أن هذا الواقع الضاغط سيواكب تقديم السفير الأميركي الجديد في لبنان ميشال عيسى أوراق اعتماده اليوم إلى رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية وبدء تحركه بين تعقيدات واقع بلده الأم، علماً أنه دشّن أول تحركاته أمس بزيارة مسقطه بسوس التي احتفت به.
مصادر رسمية عبّرت عبر "نداء الوطن" عن تخوفها حيال ما حصل جنوبًا، وشددت على أنه ليس خطأً تقنيًا أو استهدافًا غير مقصود لـ "اليونيفيل"، فإسرائيل تملك أحدث التقنيات وتستطيع أن تحدد الأهداف بدقة. ولفتت المصادر إلى أن ما حصل هو رسالة للدولة اللبنانية وللمجتمع الدولي بأن لا أحد يستطيع الوقوف بوجهها وماضية بضرباتها رغم إعلان رئيس الجمهورية جهوزية لبنان للمفاوضات، وبالتالي إسرائيل تخطط للأسوأ ولا يوجد رادع أمامها.
وكتبت" الديار": في تطور خطير عند الحدود الجنوبية، استهدف جيش العدو الاسرائيلي مرة جديدة يوم أمس، قوات «اليونيفل» الدولية، وذلك بعد يومين من اتهام هذه القوات «تل أبيب» ببناء جدار داخل الأراضي اللبنانية ، و»انتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ولسيادة لبنان»، بما بدا أنه محاولة لـ «تأديب» هذه القوات، ومنعها من رفع الصوت بموضوع الانتهاكات المتواصلة للسيادة اللبنانية.
يذكر ان العلاقة بين الطرفين اتسمت منذ فترة بالتوتر والتصعيد، بعدما بدا واضحا أن العدو الاسرائيلي يسعى للتوسع في الأراضي اللبنانية، بغياب أي حسيب أو رقيب. لذلك ضغطت «تل أبيب» الصيف الماضي لانهاء ولاية هذه القوات، لكنها لم تنجح بذلك، وتم التفاهم دوليا على أن تنتهي هذه الولاية نهاية العام 2026.
ونبّهت مصادر رسمية من خطورة التطورات جنوبا، لافتة الى أن «اسرائيل تسعى للتوسع في الأراضي اللبنانية، معتمدة سياسة القضم التدريجي». وأضافت :»بدل أن تبدأ بالانسحاب من النقاط المحتلة، ها هي تحتل مزيدا من الاراضي اللبنانية».
واعتبرت المصادر ان «استهداف اليونيفل هدفه توجيه رسالة بالنار لهذه القوات، بأنه ممنوع عليها رفع الصوت باتجاه الانتهاكات الاسرائيلية، والا ستنال نصيبها من الاعتداءات».
بيان
وفي تطور ميداني جديد يكشف حال التوتر المتصاعدة بين إسرائيل و"اليونيفيل"، كشفت"اليونيفيل" أمس أن "دبابة ميركافا تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي أطلقت النار على قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل قرب موقع أقامته إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية وأصابت طلقات رشاشة ثقيلة قوات حفظ السلام على بُعد حوالى خمسة أمتار، وكان الجنود يسيرون على الأقدام واضطروا للاحتماء في المنطقة. ولحسن الحظ، لم يُصب أحد بأذى". وأكدت أن "هذا الحادث يعد انتهاكًا خطيرًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701".
وعلى الاثر، أعلنت قيادة الجيش اللبناني أن "العدو الإسرائيلي يصر على انتهاكاته للسيادة اللبنانية، مسببًا زعزعة الاستقرار في لبنان، ومعرقلًا استكمال انتشار الجيش في الجنوب، وآخر هذه الاعتداءات المدانة استهدافه دورية لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان. وتؤكد قيادة الجيش أنها تعمل بالتنسيق مع الدول الصديقة على وضع حد للانتهاكات والخروقات المتواصلة من جانب العدو الإسرائيلي، التي تستلزم تحركًا فوريًّا كونها تمثل تصعيدًا خطيرًا".
وحاول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي التقليل من الحادث، إذ قال أنه "تم رصد شخصيْن مشتبه بهما في محيط الحمامص جنوبي لبنان، حيث قامت قواتنا بإطلاق نار تحذيري لابعادهما، فابتعدا عن المنطقة دون وقوع إصابات". وقال: "بعد فحص الحادث، تبيّن أن المشتبه بهما هما جنديان من قوات الأمم المتحدة "اليونيفيل" كانا يقومان بدورية في الميدان، وقد جرى تصنيفهما كمشتبه بهما بسبب سوء الأحوال الجوية". ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي "لم يطلق النار بشكل متعمد باتجاه جنود اليونيفيل، وإلى أن الموضوع يُعالج عبر قنوات التنسيق العسكرية الرسمية".
معلوم أن الحادث حصل غداة طلب رئيس الجمهورية جوزف عون من
وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي تكليف بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، رفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل لإقدامها على بناء جدار اسمنتي على الحدود اللبنانية الجنوبية يتخطى الخط الأزرق.
وطلب عون إرفاق الشكوى بالتقارير التي صدرت عن الأمم المتحدة التي تدحض النفي الإسرائيلي لبناء الجدار، وتؤكد أن الجدار الخرساني الذي أقامه الجيش الإسرائيلي أدى إلى منع السكان الجنوبيين من الوصول إلى مساحة تفوق 4 آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية.