بقيت أزمة انتخابات المغتربين تراوح مكانها، في انتظار ان تحيل الحكومة الى مجلس النواب مشروع القانون المتعلّق بالإجازة للمغتربين للتصويت للنواب الـ128 بحسب دوائرهم،فيما لم "القوى السيادية" الى وضع خارطة طريق لادارة هذه المعركة، في ظل وجهات النظر المختلفة لقواها، وبالتحديد في ملف مقاطعة التشريع.
وكتبت" الاخبار": بانتظار إحالة الحكومة، مشروع قانون تعديل قانون الانتخابات النيابية إلى مجلس النواب، وما سيتضمّنه من تعديلات تقنية، والأسباب الموجبة التي ستُطرح لتبرير إشراك المغتربين في انتخاب النواب الـ128، تتّجه المعركة السياسية حول القانون إلى مرحلة أكثر ضراوة. إذ سيواجه المشروع بمشاريع قوانين أخرى ستصل إلى المجلس، تتضمّن اقتراحات متعدّدة، من بينها اقتراح قدّمه النائب في كتلة «التنمية والتحرير»
علي حسن خليل، بصفة المعجّل المكرّر، ويتضمّن تعديلات أبرزها اعتماد صوتين تفضيليّين بدلًا من صوت واحد، واعتماد تسع محافظات في النظام النسبي، إلى جانب تعديل المادة المتعلّقة بسنّ الاقتراع لخفضه إلى 18 عاماً. ورغم أنّ هذه التعديلات ستثير انقساماً سياسياً واسعاً وقد لا تمرّ بسهولة، إلّا أنّ مجرّد طرحها على الهيئة العامة يشكّل جزءاً من الاشتباك السياسي المحتدم حول قانون الانتخابات.
وقالت مصادر مواكبة للملف لـ«الديار» «وصلنا في ملف المغتربين الى متاهة نحن غير قادرين على الخروج منها، نتيجة تعنت القوى المعنية بمواقفها، واعلان جهوزيتها لخوض هذه المعركة حتى النهاية»، لافتة الى أن «ضيق المهل وعدم القدرة على تعديل قانون الانتخاب الحالي، كما على اقرار آلياته التنفيذية، يضع الاستحقاق النيابي في مهب الريح، ما سيوصلنا الى امر واقع يؤدي لتأجيل الانتخابات النيابية، وهو أمر تريده كل القوى السياسية وتتمناه، وان كانت لا تعلن ذلك صراحة».
وكتبت" الجمهورية": الكواليس النيابية مزدحمة بالنقاشات والمداولات وجسّ النبض بين التناقضات السياسية، وأكّدت بما لا يرقى إليه الشك أنّ المعركة السياسية السابقة للاستحقاق الانتخابي أصعب بكثير من العمليات
الانتخابية نفسها. أمّا الصعوبة الكبرى، فتحوم في أجواء المتحمّسين لمشروع تصويت المغتربين الذين لا يضمنون أن يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف وتعديل القانون الانتخابي النافذ بالشكل الذي يُريدونه. ووفق الأجواء النيابية والسياسية، فإنّ مشروع الحكومة لا يُشكّل العنوان الوحيد للاشتباك والصراع المحموم المنتظر بين التناقضات السياسية، بل هو يسقط على ما يبدو أنّه «بنك تعديلات» رُصدت فيه مجموعة كبيرة من الاقتراحات في موازاته أو بالأحرى مواجهة المشروع الحكومي، وبعض تلك الاقتراحات يذهب إلى مسافات واسعة أبعد بكثير من الإجازة للمغتربين بالتصويت لكل أعضاء المجلس النيابي. وإذا كان مشروع تصويت المغتربين يُعتبر تعجيزاً من قِبل أطراف لأطراف آخرين، وفرصة مؤاتية لتحقيق غلبة المتحمّسين له على سائر الآخرين، فإنّ الاقتراحات الموازية له تتضمّن بدورها تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات النافذ، أقلّ ما يُقال فيها إنّها تعجيزية، وخصوصاً أنّ بعضها يتجاوز قليلاً الشق التقني كالبطاقة الانتخابية و«الميغاسنتر» وما شابه ذلك من تقنيات، بطرح إجراء الانتخابات في أيار المقبل وفق أحكام القانون الانتخابي النافذ مع إلغاء تصويت المغتربين بشقَّيه الخارجي والداخلي، أي في الخارج للنواب الستة على مستوى القارات الست، ومن الخارج للمقيمين في
لبنان .
وأمّا بعض الاقتراحات الأخرى، فيتضمّن جوهريات تنسف القانون الانتخابي من أساسه، ومنها:
أولاً، اقتراح يرمي إلى قانون انتخابي قائم على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية.
ثانياً، اقتراح يرمي إلى قانون انتخابي قائم على المحافظات دوائر انتخابية، وفق ما نصّ عليه اتفاق الطائف.
ثالثاً، اقتراح تعديل دستوري بتخفيض سنّ الاقتراع إلى 18 سنة.
رابعاً، اقتراح يقضي بوقف العمل بصوت تفضيلي واحد، بل يقترح رفع النسبة إلى صوتين تفضيليين.
في هذه الأجواء الصدامية، يؤكّد مصدر سياسي ل «الجمهورية» أنّ المشروع الحكومي في حال وصل إلى المجلس النيابي، فثمة أصول تتبع حياله قبل إدراجه في جدول أعمال جلسة تشريعية، إذ يُفترض أن يُحال إلى اللجان النيابية المختصة لدراسته، ليس فقط من عنوانه وجوهره وما يرمي إليه، بل في الأسباب الموجبة التي يرتكز عليها. لكن بمعزل عن كيفية التعاطي مع هذا المشروع، فإنّ الأجواء على ما هي عليه من تباعد وانقسام وإرادة جدّية بالصدام، تُغطّي أفقاً سياسياً مسدوداً بتصلّب كل فريق على موقفه وعدم التراجع عنه، ما يجعل من العثور على معبر آمن للانتخابات النيابية أمراً مستحيلاً.
ورداً على سؤال، يقول المصدر عينه، إنّه من الطبيعي في هذه الأجواء أن يجري الحديث عن احتمالات مفتوحة، وتُرسَم في الأجواء علامات استفهام حول الاستحقاق الانتخابي برمّته. إلّا أنّ هذا الأمر لا يغيّر في القرار الحازم على مستوى الدولة وكل سلطاتها ورئاساتها، بأنّ الانتخابات ستجري في موعدها المحدّد في أيار المقبل، والأرجح أن تجري وفق القانون النافذ حالياً. علماً أنّ جهات داعمة لتصويت المغتربين تُروّج في أوساطها أنّ تحقيق هذا الهدف تعتريه صعوبة كبرى، ولعلّ أكثر تلك الصعوبات هو تعمّد رئاسة المجلس النيابي تمييع مشروع الحكومة وعدم إدراجه في جدول أعمال جلسة تشريعية لمجلس النواب، كما أنّ تلك الجهات تتهامس في ما بينها بأنّ ظروفاً ما قد تطرأ وتفرض تأجيلاً للانتخابات وتمديداً للمجلس النيابي الحالي لسنة أو سنتين أو ربما أكثر.
وكانت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين اعلنتا أنه، ولغاية تاريخ 12/11/2025، تمّ تسجيل 51,685 طلبًا عبر المنصة الإلكترونية التابعة لوزارة الخارجية والمغتربين. وقد تسلّمت
وزارة الداخلية والبلديات منها 41,957 طلبًا، يجري حاليًا العمل على تدقيقها ومطابقتها مع قوائم الناخبين.
ومع اقتراب موعد انتهاء مهلة التسجيل المحدّدة بتاريخ 20 تشرين الثاني الجاري، دعت الوزارتان اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي
اللبنانية ، والراغبين في المشاركة في العملية الانتخابية، إلى تسجيل طلباتهم قبل انتهاء المهلة، تأكيدًا لحقهم الدستوري في الاقتراع.