وطمأن الرئيس عون الى ان الكلام عن "تلزيم"
لبنان الى سوريا غير مبرر ولا داع له، مشيراً الى ان استقرار سوريا ضروري لاستقرار لبنان.
واعتبر الرئيس عون ان الدعوة الى حوار
وطني قبل اجراء الانتخابات النيابية، هو بمثابة "حوار طرشان"، مشدداً على اصراره ورئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونواف سلام على حصول الانتخابات في موعدها، لافتاً الى انه على مجلس النواب ان يقوم بدوره في هذا الاطار.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله ظهر
اليوم في قصر بعبدا، وفد نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف الققصيفي الذي تحدث في بداية اللقاء فقال: " فخامة الرئيس، نلتقيكم اليوم على مرمى أمل ورجاء من زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، أرض الرسالة والتنوع التي تجسد التلاقي المسكوني، وما تمثّل من غنى إنسانّيً نوعّي يحدّد الهوية الأصيلة لهذا الوطن الذي يعبر جلجلة المعاناة ، دائسا الاشواك، تمزق سياط الحقد جغرافيته: إعتداء إسرائيلي متماد عصّي على اللجم، تصلّب في شراييّن الحياة السياسية التي تستنزفها متاريس القوى المتنازعة: كل يغني على ليلاه ولا من يغني على ليلى لبنان، مودعون قلقون على ودائعهم لا يعرفون من أمرها شيئا وهي جنى العمر وعرق الجبين، إقتصاد منكمش، إنقسامات حادة تطاول كل الملفات، ووصلت إلى الاستحقاق الانتخابي وشكل القانون، إلى ما هنالك من صعاب، ندرك انكم تواجهونها بقوة شكيمة، وصبر وطول اناة، وبكثير من العزم على تذليلها، وبمتابعة دؤوب وارادة لا تلين. هذا عهدنا بكم مذ كنتم قائدا للجيش، ولم يتبدل الرهان بعد انتخابكم على رأس الجمهورية، لما ابديتم من عالي الهمّة وصدق الالتزام بما اقسمتم عليه.
فخامة الرئيس، في زيارتنا هذه نرغب في أن نسمع منكم، وعبرنا الرأي العام، عرضا لواقع الحال، واضاءة على المستقبل الذي تسعون إلى رسم خطوطه بمداد التفاؤل، علكم تمسحون عن جبين الوطن المتغضن غبارة الحزن واليأس."
ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، واكد انه لا يزال يحدوه الامل ببناء لبنان الجديد، مشيراً الى ان الفرص امامنا كبيرة جدا وهناك وفود ومؤتمرات تعقد من اجل لبنان، ولا يزال البعض تستهويه صراعات داخلية لا فائدة منها، وكلٌّ يريد ان يشد عصب مجموعته، إذ نحن في سنة إنتخابية. هذا حق كل شخص، ولكن لا يحق لأحد ان يشوه صورة لبنان بالسلبيات، وان يوقظ الوحش الطائفي والمذهبي، وتحريك العصبيات من اجل مصالح خاصة لا تؤدي بالبلد الا الى الخراب. أضاف: إن الأمل لا يزال موجودا وبقوة، على الرغم من كل ذلك. وإذا امعنا النظر منذ آخر شباط الماضي عقب تشكيل الحكومة الى اليوم، نجد انه تحققت إنجازات كبيرة لا تتم الإضاءة كفاية عليها، وإن كان الطريق لا يزال طويلا امامنا.
واشار رئيس الجمهورية الى ان المؤشرات الإيجابية عديدة، لكن هناك من هم نقيض منطق الدولة ولا يبغون قيامها، لأن قيام الدولة في لبنان يعني حكما انتهاء دورهم، فهم من يسيئون الى لبنان. اكرر انني رغم كل ذلك، لا أزال متفائلا، ولا زلت أتطلع الى الخير، ولست بمحبط ابدا، ولكن عندي عتب على هؤلاء،. فليرحموا هذا البلد.
وردا على سؤال حول ما إذا كنا لا نزال كلبنانيين نملك قدرة الضغط على
الإسرائيلي لتحرير بلدنا أم فقدنا كل عناصر القوة، أكد الرئيس عون ان الموضوع لا يتعلق بالضغط ام لا. الرئيس الأميركي لديه مشروعه في المنطقة، وهو قائم على الاستقرار والأمن فيها. ونحن لدينا مشروعنا وقوامه وقف الإعتداءات وتحرير الارض وإستعادة الأسرى، ونقوم بما تقتضيه مصلحة بلدنا. وهناك حكومة هي المسؤولة وحدها،ولا احد غيرها. وانا اسأل: هل لغة الحرب قادرة على إيصالنا الى نتيجة؟ انا اطرح هذا السؤال كرجل عسكري، والعسكريون اكثر من يكرهون الحرب لأنهم يعرفون ويلاتها. من هنا، فإنه بالمفهوم العام، عندما لا تؤدي الحرب الى أي نتيجة، فإنها تنتهي بالدبلوماسية، ونحن لدينا تجارب سابقة وهي الحدود البحرية.
وقال: إذا لم نكن قادرين الى الذهاب الى حرب، والحرب قادتنا الى الويلات، وهناك موجة من التسويات في المنطقة، ماذا نفعل؟ ومشكلتنا، كما ذكر لي بعض المسؤولين
الأميركيين أنفسهم، ان بعض اللبنانيين الذين يقصدون الولايات المتحدة" يبخون سماً" على بعضهم البعض وهم مصدر الأخبار المسيئة. لقد اصبح بعض اللبنانيين لا يرحمون حتى انفسهم. وانا بت استلم نفياً من الأميركيين على الذي يقال. هناك فئة من اللبنانيين همها تشويه الصورة، وهي لا تقصد الأميركي لتنقل إليه حقيقة الأمر. عليك ان تقول للأميركي الحقيقة كما هي لا كما يحب ان يسمعها، مثلما يفعل بعض اللبنانيين، وهو يقتنع عندذاك.
وأشار رئيس الجمهورية الى اننا تكلمنا على مبدأ التفاوض، ولم ندخل بعد بالتفاصيل، ولم نتلق بعد جوابا على طرحنا هذا. وعندما نصبح امام قبول، نتكلم عندها على شروطنا. والنقطة الأساسية التي أطرحها تبقى التالية: هل نحن قادرون على الدخول بحرب؟ وهل لغة الحرب تحل المشكلة؟ فليجبني أحدهم على هذين السؤالين.
وردا على سؤال حول ما إذا كان سأل
حزب الله هذين السؤالين، أوضح رئيس الجمهورية انه قال ذلك للحزب بكل صراحة. أضاف: "إن منطق القوة لم يعد ينفع، علينا ان نذهب الى قوة المنطق. هذه اميركا، بعد 15 سنة من الحرب في فييتنام، وحماس، إضطرتا الى الذهاب للتفاوض".
وسئل رئيس الجمهورية عن حقيقة ما يدور على السنة البعض من عتب غربي عليه، فذكَّر بمبلغ ال230 مليون دولار كمساعدة للجيش وقوى الأمن، فور عودته من نيويورك، وذلك للمرة الأولى التي يتم فيها تخصيص مثل هذا المبلغ للقوى العسكرية والامنية
اللبنانية من قبل واشنطن، "كما ان الرئيس ترامب أشاد بي في كلمته امام الكنيست، اضافة الى كافة الوفود التي تزور بلادنا. فكيف نفهم كل ذلك؟ علينا ان نفهمه بحقيقته الواقعية.
وكلمة حق تقال فحزب
الله لا يتعاطى في منطقة جنوب الليطاني، والجيش وحده يقوم بواجباته على اكمل وجه. فكيف يكون مقصرا على ما يصر البعض على تسويق هكذا إدعاء؟ وهل تنسون مهام الجيش الاخرى مثل مكافحة الإرهاب والمخدرات وحفظ الأمن وضبط الحدود والسهر على امن المهرجانات ... وغيرها من المهام التي يتولاها الجيش ايضا؟ الا يرون ان نحو اربع خلايا إرهابية تم توقيفها من قبل الجيش والأجهزة الأمنية؟ كلمة حق تقال أيضا هناك عمل جبار يتم تحقيقه من قبل الجيش والقوى الأمنية. والخارج يشيد بنا، الا في بعض الداخل عندنا."
وحول ما إذا تم التوصل الى إنجاز مع المسؤولين البلغاريين بخصوص ملف تفجير مرفأ بيروت، أوضح رئيس الجمهورية انه تكلم مع كبار المسؤولين البلغاريين وأتت الموافقة لإجراء تحقيق إفتراضي مع مالك الباخرة "روسوس" الموقوف من قبل القضاء البلغاري، على ان يتم رفع طلب بهذا الخصوص من وزير العدل اللبناني الى نظيره البلغاري، وهذا ما سيتم سريعاً.
ورداً على فكرة الدعوة الى حوار وطني، اعتبر الرئيس عون انه قبل اجراء الانتخابات النيابية، سيكون الحوار بمثابة "حوار طرشان".
اما عن امكان عدم حصول الانتخابات النيابية، شدد الرئيس عون على انه مصرّ مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونواف سلام، على اجراء هذه الانتخابات في موعدها، انما على مجلس النواب لعب دوره. واضاف: نحن نسير على طريق اجراء هذا الاستحقاق الدستوري، انما صيغة القانون الذي ستجرى على اساسه، تعود الى البرلمان، قد يكون هناك من لا يرغب في حصول الانتخابات، وهذا هو واقع لبنان، انما في ما يخصني مع الرئيسين بري وسلام، فهناك تمسّك بإجراء الانتخابات النيابية، والحكومة قامت بواجبها في هذا الموضوع، وانطلاقاً من مبدأ فصل السلطات، لا يمكنها لعب دور مجلس النواب، وهذا ما نص عليه الدستور واتفاق الطائف.
وفي ما خص اللقاء الذي شهده البيت الابيض بين الرئيسين
الاميركي والسوري، والخوف من "اعادة تلزيم" لبنان لسوريا، اوضح الرئيس عون ان استقرار سوريا ضروري لاستقرار لبنان، لان البلدين مرتبطين في هذا المجال. واشار الى ان اللقاء بين الرئيسين الاميركي والسوري امر ايجابي، فرفع العقوبات الاميركية على سوريا يستفيد منه لبنان ايضاً، ولكن الكلام عن " تلزيم" لبنان الى سوريا ليس سوى مجرد كلام وشائعات، والخوف من هذا الامر غير مبرر، فالحكم وفقاً للنوايا لا يجوز، وليس هناك من "تلزيم" للبنان، وليطمئن الجميع.
ورداً على سؤال حول مسألة المودعين والغموض الذي يرافقها، طمأن الرئيس عون ان حقوق المودعين بمثابة خط احمر، كاشفاً ان غالبيتهم الساحقة لا يملكون ودائع تفوق الـ100 الف دولار، وان قسماً كبيراً منهم قد استعاد مبالغ كبيرة من ودائعه حيث تم دفع نحو 4 مليارات دولار في هذا الخصوص وفقاً للتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان ، واكد انه في كل اللقاءات التي تجمعه مع المسؤولين الماليين في الخارج، كما هو حال حاكم مصرف لبنان ايضاً، فإن التشديد هو على حقوق المودعين وعدم التفريط بها. واضاف: لا يمكن ان يكون الحل خلال ايام، ولكن هذا لا يعني ان اموال المودعين منسية او يتم التعامل معها بخفة، وبالاخص صغار المودعين.
وحول مسألة التفاوض مع اسرائيل وموقف لبنان والاميركيين منها، اشار الرئيس عون الى ان لبنان لم يتسلم رسمياً اي موقف اميركي واضح بشأن هذا الطرح، وانه في انتظار وصول السفير الاميركي الجديد الى لبنان الذي قد يحمل معه جواباً اسرائيلياً، وان ما قاله الرئيس بري في هذا الخصوص، مواز تقريباً لمسألة المفاوضات حول الحدود البحرية التي كانت قد تمت سابقاً، وان لجنة "الميكانيزم" موجودة وهي تضم كل الاطراف ويمكن اضافة بعض الاشخاص اليها اذا اقتضى الامر.
وعن الانتقادات التي رافقت زيارة الرئيس عون الى نيويورك لجهة عدم لقائه كبار المسؤولين الاميركيين، لفترئيس الجمهورية الى وجود كلام كثير حول هذا الموضوع مناف للواقع، حتى ان هناك من قال انه (اي رئيس الجمهورية) توسط لاخذ صورة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الفاتيكان واميركا، وهو امر لا يمت الى الحقيقة بصلة. وذكر ان الرئيس ترامب وجّه دعوة اليه لحضور حفل الاستقبال الذي اقامه على شرف رؤساء الوفود المشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، الا ان توقيت القاء كلمة لبنان تأخر، وعند انتهائه من القاء الكلمة، وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وطلب منه سماع الكلمة التي سيلقيها، وانتهت في وقت مـتأخر نسبياً ولم يعد هناك من وقت كاف للمشاركة في الحفل.
وركّز الرئيس عون على اهمية الاعلام ودوره الكبير، ولكنه أسف لقيام البعض بتشويه الواقع في لبنان عن قصد او عن غير قصد، وهو ما يؤثر سلباً على تشويه صورة الاعلام بحد ذاته، الى حد الوصول الى درجة الاساءة الشخصية وحدود اللااخلاق.
الى ذلك، استقبل الرئيس عون، وفدا من الجامعة الانطونية ضم رئيسها الاب ميشال السغبيني وأمينها العام الاب زياد معتوق والمسؤولة الإعلامية حنان مرهج. وقد وجه الوفد الى الرئيس عون دعوة لحضور الاحتفال الذي تقيمه الجامعة في 15 كانون الأول المقبل في افتتاح تساعية الميلاد المجيد الذي يترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وكان اللقاء مناسبة تم خلالها التداول في الأوضاع التربوية والواقع الجامعي في البلاد.
واستقبل الرئيس عون أربعة سفراء لبنانيين عينوا في الخارج ضمن التشكيلات الديبلوماسية الأخيرة وهم: ميرنا الخولي( اوستراليا)، جيمي الدويهي ( المجر)، علي قرانوع ( السعودية)، حازم عبد الصمد ( التشيلي)، وزودهم بتوجيهاته مؤكدا على ضرورة التواصل مع الجاليات اللبنانية في هذه الدول والاهتمام بها ورعاية مصالحها، إضافة الى تعزيز العلاقات مع الدول المعينين فيها.
وشكر السفراء الأربعة الرئيس عون على الثقة التي اولاها مجلس الوزراء اليهم، مؤكدين العمل لما فيه مصلحة لبنان.