نشر موقع "geopoliticalmonitor" الكندي المعني بالدراسات الإستراتيجية تقريراً جديداً تحدث فيه عن الضربات الإسرائيلية التي تستهدف " حزب الله " في لبنان ، متسائلاً عما إذا كانت التطورات ستُقود إلى صراع جديد.
التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقولُ إنه "منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين
إسرائيل ولبنان، كان الهدوء المضطرب بين إسرائيل وحزب الله أقرب إلى هدنة استنزاف وليسَ سلاماً مبنياً على الثقة المتبادلة"، وأضاف: "لقد أوقف وقف إطلاق النار مؤقتاً حملةً أثّرت على الاقتصاد اللبناني الهشّ أصلاً، وشرّدت الآلاف، في حين واجهت إسرائيل ضغوطًا محلية ودولية لاحتواء مواجهة متعددة الجبهات".
وتابع: "مع ذلك، فمن الواضح أن هذا الهدوء يتدهور مع حلول أواخر عام 2025، فقد أججت سلسلة من الغارات الجوية الاستباقية الإسرائيلية في جنوب وشرق لبنان، ضد إعادة بناء القدرات العسكرية لحزب الله، المخاوف من اندلاع صراع جديد. في الواقع، يكشفُ هذا التدهور الأخير عن تضافر الضغوط العسكرية والسياسية والإقليمية التي قد تدفع الجانبين قريباً نحو مواجهة أخرى، وإن كانت محدودة النطاق، على الأقل في البداية".
وأكمل: "تزعم المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية أن حزب الله أعاد بناء بنيته التحتية الهجومية جزئياً، وخاصة أنظمة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى التي دُمرت خلال حرب عام 2024. كذلك، تُشير تقييمات الاستخبارات إلى أن طرق التهريب من
سوريا قد أعيد فتحها، مما مكّن حزب الله من إعادة تكوين مخزونه من صواريخ فاتح 110
الإيرانية الصنع وأنظمة الإطلاق المحلية".
وأضاف: "من وجهة نظر إسرائيل، يُمثل هذا النشاط انتهاكاً لأحكام وقف إطلاق النار السارية حالياً، وكذلك لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يُلزم الجماعات المسلحة بالانسحاب شمال نهر الليطاني. في الوقت نفسه، يُجادل الجيش
الإسرائيلي بأن الحكومة
اللبنانية إما فشلت في تطبيق هذه الشروط أو رفضت تطبيقها، وهو ادعاءٌ يُعززه مسؤولون أميركيون يصفون لبنان بأنه غير قادر على نزع سلاح حزب الله بالقوة، وبأنه دولة فاشلة".
التقريرُ يقول إنّ "الحكومة اللبنانية تُواجه معضلة سياسية متفاقمة"، وأضاف: "يتعرض الرئيس جوزيف عون والقوات المسلحة اللبنانية لضغوط دولية متزايدة لفرض سيطرة
الدولة على استخدام القوة المسلحة وضمان نزع سلاح حزب الله، إلا أن الأخير لا يزال فاعلاً سياسياً واجتماعياً مهيمناً في هيكل السلطة اللبنانية. مع هذا، فإنَّ أي محاولة لنزع سلاح الحزب بالقوة ستعيد إشعال الصراع الداخلي، وربما تدفع البلاد نحو حرب أهلية".
واستكمل: "لقد زاد هذا الجمود الداخلي من مخاوف إسرائيل من عدم قدرة لبنان على الالتزام بوقف إطلاق النار، ولن يلتزم به، مما أدى إلى فراغ سياسي على طول الحدود الجنوبية للبنان، حيث يتعايش الردع الإسرائيلي والوجود العسكري لحزب الله بصعوبة. مع هذا، يستغل الحزب هذا الغموض في نهاية المطاف لتصوير الضربات الإسرائيلية على أنها انتهاكات لسيادة لبنان، معززاً شرعيته المحلية كحركة مقاومة لبنانية فعلية وقوة على الأرض. وهكذا، يجد الطرفان نفسيهما في حلقة مفرغة، فالإجراءات الوقائية الإسرائيلية تبرر استمرار تسليح حزب الله، بينما يبرر تحدي حزب الله الضربات الاستباقية الإسرائيلية. مع هذا، تكمن إمكانية التصعيد تحديداً في هذه الدوامة من التبريرات المتبادلة".
وذكر التقرير أنه "داخل
مجلس الوزراء الإسرائيلي، يتطور النقاش حول تهديد حزب الله"، موضحاً أنَّ "المخططين العسكريين لا ينظرون إلى حزب الله كمشكلة لبنانية معزولة، بل كجزء من شبكة الردع الإقليمية المتكاملة لإيران، إلى جانب الجماعات في سوريا والعراق واليمن، والتي تُشكل مجتمعةً تهديداً ليس فقط لإسرائيل، بل أيضاً لاستقرار
الشرق الأوسط الأوسع".
التقرير قال أيضاً إن "الغارات الإسرائيلية المتزايدة تمثل حملة ممنهجة تهدُفُ إلى منع قدرات حزب الله من الوصول إلى مستويات ما قبل عام 2024"، وتابع: "مع ذلك، يُعدّ التوقيت السياسي بالغ الأهمية. يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتقادات داخلية متجددة بسبب الإخفاقات الأمنية في
الشمال واستمرار حالة عدم الاستقرار في غزة في ظل عودة حماس إلى الظهور. ومن شأن عملية عسكرية محدودة، وإن حظيت بتغطية إعلامية واسعة، ضد حزب الله أن تُسهم في استعادة صدقية الردع، وإعادة ترسيخ السلطة السياسية. كذلك، يُشير خطاب الجيش الإسرائيلي الأخير، المُحذّر من أن لبنان بأكمله مسؤول عن أفعال حزب الله، إلى تخطيط طارئ قد يتجاوز الضربات المُوجّهة".
واستكمل: "مع ذلك، تُدرك القيادة الإسرائيلية أن حرباً شمالية شاملة ستستنزف مواردها، لا سيما مع تزايد خطر مواجهة إسرائيلية - إيرانية أخرى. وعليه، من المرجح أن يبقى المبدأ السائد هو احتواء التصعيد، وبالتالي تكثيف الضغط على حزب الله من دون إشعال حرب إقليمية أوسع، على الأقل في المدى القريب".
وقال: "من وجهة نظر حزب الله، خدم ضبط النفس عمقه الاستراتيجي بفعالية، حيث تجنبت الجماعة إطلاق صواريخ كبيرة عبر الحدود منذ أوائل عام 2025، وركزت بدلاً من ذلك على إعادة بناء القدرات والرسائل السياسية المحلية. أما بالنسبة لإيران، فهي تفضل الحفاظ على حزب الله كرادع موثوق به ضد إسرائيل، وليس قوة مستهلكة متورطة في مواجهة لا يمكن كسبها".
وأوضح التقرير إنه "من المرجح أن يكون حزب الله قد أعاد بناء أجزاء من شبكة قيادته في منطقتي البقاع وبعلبك، وحسّن قدراته الاستطلاعية، واستثمر في عمليات المراقبة المضادة على طول الخط الأزرق"، مشيراً إلى أن "هذه الإجراءات تُلمح إلى استعداد الحزب لرد دفاعي انتقامي، لا لتصعيد هجومي فوري".