نشر موقع " الجزيرة نت" تقريراً جديداً تحدّث فيه عن الوضع الأمني عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، متحدثاً عن مسارات الجبهة وما قد تشهده فعلياً وعلى أرض الواقع.
وقال التقرير إنه "بينما تتصاعد الضربات
الإسرائيلية على الجنوب اللبناني بوتيرة محسوبة، يتكشف منطق جديد خلف هذا التصعيد، لا يهدف إلى إشعال حرب شاملة بقدر ما يسعى إلى زعزعة توازن الداخل اللبناني ودفع
حزب الله نحو أزمة سياسية تتجاوز الميدان إلى بنية الدولة".
وينقل التقرير عن الأكاديمي والخبير في الشأن
الإسرائيلي مهند مصطفى قوله إنّ
إسرائيل اعتبرت هجوم 7 تشرين الأول 2023 من قبل حركة "
حماس "، بمثابة لحظة إعادة تعريف للجبهات، مشيراً إلى أن لبنان بات مُجدداً "الجبهة المركزية" في عقل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بعد أن فشلت الضغوط السابقة في إجبار
بيروت على أي خطوة حقيقية نحو نزع سلاح حزب الله.
ووفقاً لمصطفى، فإن "إسرائيل تتجه إلى تصعيد تدريجي مدروس، يجعل الضغط العسكري وسيلة لإنتاج أزمة داخلية، لا لتحقيق نصر ميداني فحسب".
التقرير يقول إنه "بحسب المقاربة الإسرائيلية، يؤدي كل فشل في تحقيق اختراق سياسيّ إلى رفع مستوى النار، في إيقاع محسوب يهدف إلى دفع الحكومة
اللبنانية إلى مأزق داخلي مزدوج: إنْ ردَّ حزب الله عسكرياً، فذلك يبرر لإسرائيل توسيع عملياتها بذريعة الدفاع؛ وإن لم يرد، فإن ذلك يُفسر ضعفاً يضع الحزب والحكومة في مواجهة الرأي العام اللبناني".
وبحسب مصطفى، تشكل تلك المعادلة فخاً سياسياً مفتوحاً يُراد به استنزاف خصوم إسرائيل من الداخل، وفق مصطفى، في حين أن هذه السياسة لا تنفصل عن مشهد أوسع يسعى فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى إبقاء التوتر قائماً من دون تجاوز عتبة الحرب الشاملة.
الخبير يقول أيضاً إن "إسرائيل تُدرك أن انهيار لبنان الكامل لا يخدم مصالحها الأمنية، لكنها تريد إبقاءه في دائرة الضغط الدائم، حتى يتحول الأمن إلى أداة سياسية لإعادة هندسة التوازنات في بيروت".
أما في الموقف الأميركي، فيراه الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كاتزمان، يتبنى عملياً المنطق الإسرائيلي ذاته، إذ تعتبر أن حزب الله لا يمثل الحكومة اللبنانية ولا يحق له جرّ البلاد إلى مواجهة.
ويؤكد أن
الولايات المتحدة ترى في
الجيش اللبناني القوة الشرعية الوحيدة، وتؤيد ضربات إسرائيل طالما أنها موجهة ضد ما تصفه بـ"التهديدات غير المشروعة"، حتى وإن أبدت رغبتها في ضبط سقف التصعيد تجنبا لحرب أهلية داخلية.
لكن هذا "الضبط الأميركي" لا يعني كبح العدوان، بل يسمح، وفق مراقبين لبنانيين، باستمرار القصف تحت عنوان الرد المشروع، ما يكرّس حالة "اللا سلم واللا حرب" التي تمنح إسرائيل تفوقاً تكتيكياً طويل الأمد وتضغط في الوقت نفسه على حزب الله لتقليص هامش حركته.
وفي ظل ذلك، يجد لبنان نفسه، وفق التقرير، أمام معادلة معقدة، وهي أنه كل محاولة لاحتواء الموقف تفسر إسرائيلياً ضعفاً، وكل ردّ محتمل قد يفتح بابا لتصعيد أكبر، وهو وضع قد يعيد إنتاج الانقسام الداخلي حول سلاح الحزب ودور الجيش، ويضع الحكومة أمام اختبار وجودي في وقت يعاني فيه الاقتصاد والسياسة من هشاشة غير مسبوقة.