كان لافتاً تصريح رئيس مجلس النواب
نبيه برّي حينما قال إنه "لا حرب جديدة بين
لبنان وإسرائيل"، مُعرباً عن اطمئنانه بشأن المرحلة المقبلة.
ما يقوله بري يتقاطع مع سقف التهدئة التي حاول أمين عام "
حزب الله " الشيخ نعيم قاسم الحديث عنها عبر القول إن "حزب الله لا يريد معركة"، في رسالة تُوحي بأنّ "الحزب"، ورغم محاولته ترميم نفسه، لن يبادر هو الى الحرب، إلا إذا فرضتها
إسرائيل عليه، وهذا هو السيناريو الأكثر طرحاً.
وعملياً، فإن "حزب الله" يعيش اليوم مرحلةً صعبة جداً على صعيد وضعه الداخلي، خصوصاً أن أي حربٍ جديدة سيخوضها ستعني انتكاسة شعبية جديدة، كما أنه لا إجماع حول أي خطوة سيتخذها، ذلك أن سلاحه يُعتبر بالنسبة للكثير من اللبنانيين، عنواناً للحرب والنزاعات المستمرة.
وسط كل ذلك، يُطرح سؤال أساسي وهو: لماذا ترغب إسرائيل بالتصعيد؟ يقولُ الخبير في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد أكرم سريوي لـ"لبنان24" إنّ إسرائيل ترغب في التصعيد لأكثر من سبب، أولاً لأنها ترى أن "حزب الله بات ضعيفاً، إذ خسر عدداً من قادته المهمين بالإضافة إلى خسارته مواقعه في منطقة جنوب الليطاني، فيما قُطعت طرق الإمداد الخاصة به من
سوريا والتي كانت تُشكل قاعدة خلفية مهمة له بالإضافة إلى خسارته طريق إمدادٍ بالمال والسلاح من
إيران ".
يلفت سريوي إلى أنَّ "حزب الله يتعرض لضغط كبير من الداخل اللبناني الرافض لسلاحه والمعارض أيضاً للعودة إلى الحرب في ظلّ قرار الحكومة بحصرية السلاح بيد الدولة"، وأضاف: "أيضاً، فإن إسرائيل أنهت نسبياً حربها في غزة وباتت قادرة على التركيز بشكلٍ أكبر على الجبهة الشماليّة، فيما يرى قادة إسرائيل أن الدولة
اللبنانية تتلكأ في مسألة حصرية السلاح وأنه على إسرائيل
القضاء على حزب الله بالقوة مثلما حصل عام 1982 عندما أخرج الضغط العسكري الإسرائيليّ منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان".
وتابع: "كذلك، إسرائيل ترى أنه في ظل وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، سيكون هناك غطاء كامل لأي عملٍ عسكريّ إسرائيليّ في لبنان وأيضاً في الجنوب السوري"، وأضاف: "كل هذه الأسباب إضافة إلى التهديدات العلنية
الإسرائيلية والأميركية وغيرها، تُوحي بأن احتمال عودة إسرائيل إلى التصعيد مرتفع جداً وقد يكونُ وشيكاً".
ثمن إسرائيلي باهظ
ومع استمرار إسرائيل بهجماتها على لبنان واغتيالها عناصر "حزب الله"، إلا أن الأخير لا يردّ على تلك الاعتداءات، ولكن في حال قررت إسرائيل توسيع هجماتها وعملياتها، عندها سيذهب "حزب الله" نحو الردّ وسيكونُ هناك ثمنٌ تدفعه إسرائيل بدءاً من عودة تهجير سكان المُستعمرات في
الشمال وصولاً إلى قصفٍ سيطال عمق المُدن الإسرائيلية.
مع هذا، يجد سريوي أن "حزب الله سيعتبر أي هجوم إسرائيلي بمثابة حرب وجودية له، وبالتالي سيستخدم كل ما لديه من إمكانيات"، موضحاً أن "الحرب الجديدة ستكونُ دفاعية بالنسبة للحزب، ما سيعطيه مشروعية أكبر داخل بيئته للتصدي للعدوان
الإسرائيلي ".
وإلى جانب أي عمليات عسكرية، فإن الاجتياح البري الإسرائيلي المحدود للبنان سيمثل ورقة ضغط كبيرة حتى وإن لم تبادر إسرائيل إلى تصعيد عملياتها بشكل موسع. وعملياً، إن نفذت إسرائيل هجمات برية حدودية، فإن جيشها سيتمدد وينتشر على مساحة واسعة داخل الجنوب ويقوم بمهام تفتيش في الأودية والمناطق الجبلية عن مخابئ لـ"حزب الله". لكن، في المقابل، فإن لهذا الأمر تكاليف باهظة وكبيرة، إذ أن إسرائيل ستواجه عمليات مواجهة ميدانية قد تؤدي إلى خسارات فادحة في الجنود والمعدات العسكرية.
ويتوقف سريوي عند التقارير الغربية بشأن عودة قوة "حزب الله"، فيجدُ أنه "مبالغ فيها من أجل تبرير استمرار الضربات العسكرية الإسرائيلية، وربما تبرير عدوان واسع النطاق قد يستهدف المدنيين في عدة مناطق محسوبة على "الحزب"، كما يقول.