سجّلت العلاقات
اللبنانية -
السورية خطوة جديدة على طريق التنسيق الأمني، تجلّت في اللقاء الذي عُقد أمس على مستوى وزارتَي الداخلية في البلدين، في أوتيل الحبتور – سن الفيل.واتفق الجانبان على تعزيز التعاون الميداني بين
الأجهزة الأمنية في البلدين، لا سيما فيما يتصل بضبط الحدود المشتركة ومكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية.
وحضر
المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير، ووفد سوري برئاسة مساعد
وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبد
القادر طحان. وحضر الوفد السوري إلى
بيروت مع 14 ضابطاً أمنياً، للبحث في عدة ملفات.
وأفاد مصدر أمني مطلع" الشرق الاوسط" بأن المحادثات «شملت كلّ الجوانب الأمنية، حيث طرح كلّ فريق هواجسه». وأوضح أنّ الوفد السوري «ركّز بشكل أساسي على ملف مكافحة تهريب المخدرات من
لبنان إلى الأراضي السورية، والمساعدة في اجتثاث شبكات المخدرات التي تنشط على الحدود بين البلدين»، مشدداً على ضرورة «اتخاذ إجراءات عملية للحدّ من هذه الظاهرة التي تشكّل خطراً أمنياً واجتماعياً على الجانبين»، مشيراً إلى أن السوريين «أبدوا استعدادهم الكامل للتعاون في تبادل المعلومات وتفعيل التنسيق الحدودي الميداني، بما يسهم في كشف شبكات التهريب ومكافحتها».
مقابل المطالب السورية طرح الجانب اللبناني هواجسه، وأشار المصدر الأمني إلى أن الجانب السوري «طلب المساعدة في منع عمليات تهريب السلاح والأشخاص عبر المعابر غير الشرعية، وخصوصاً تلك التي تستخدمها مجموعات خارجة عن القانون لنقل المطلوبين أو المتسللين بين البلدين». وشدد الجانب اللبناني - بحسب المصدر - على أن «التعاون المباشر مع السلطات السورية يُعدّ مدخلاً أساسياً لضبط الأمن الحدودي وحماية الاستقرار في المناطق الحدودية التي تشهد نشاطاً متزايداً لشبكات التهريب»، مشيراً إلى أنّ الاجتماع «يؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق الأمني بين بيروت ودمشق، كما تطرق إلى إمكان تشكيل لجان مشتركة لوضع آليات تنفيذية لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات».
وقالت مصادر مطّلعة ل" الاخبار": إن «الاجتماع أسّس لصياغة اتفاقيات أمنية وتبادل معلومات»، وتركّز البحث على عدة ملفات من بينها الهجرة والجوازات، مكافحة المخدّرات والإرهاب، إدارة المعلومات والمباحث الجنائية، وتولّت خمس لجان مؤلّفة من ضباط سوريين ولبنانيين مناقشتها، بينما أثار الجانب السوري مسألة السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بصورة غير شرعية، كما أثار ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.
وعلم أن المسؤولين السوريين يكرّرون البحث في الآليات المُفترض اتّباعها لإطلاق نحو 2650 سورياً في السجون اللبنانية. وتصنّف دمشق هؤلاء بين مجموعة صغيرة قد تكون قامت بأعمال عسكرية في لبنان، وتبدي استعدادها لضمان قضاء محكومياتهم في سجونها، ومجموعة كبيرة تقول، إنها «أُوقفت أو حوكمت لدعمها الثورة السورية»، مع الإشارة إلى أن الحكومة السورية «تتفهّم بأن السلطات اللبنانية أوقفت هؤلاء بناءً على تنسيق مع النظام السابق، ولكن لم يعد هناك أي سبب يبرّر استمرار توقيفهم».
وكرّر الوفد السوري الاستعداد لنقل كل هؤلاء فوراً إلى الأراضي السورية. لكنه لم يثر بشكل رسمي مسألة الموقوفين اللبنانيين. ونُقل عن مسؤول سوري قوله على هامش الاجتماعات: «نحن مهتمون بمصير لبنانيين كانوا يناصروننا، واعتُقلوا بسبب مواقفهم الداعمة لنا، ولا نريد أن نفرض على لبنان أي شيء، لكننا على استعداد لاستقبالهم في حال قرّر لبنان الإفراج عنهم».
وبحسب المصادر، فإن النقاش الفعلي يدور حول مشروع إبرام معاهدة جديدة بين البلدين تخصّ الجانب الأمني والقضائي، قد تساعد الحكومة على معالجة ملف الموقوفين السوريين من دون أن تضطر إلى إجراءات تتطلّب إجماعاً سياسياً. وذكّرت المصادر بأنه «سبق أن عُرض إعداد مشروع قانون للعفو على أن يصار إلى تأمين إجماع لبناني عليه، لكنّ المناقشات أظهرت أن هناك قوى أساسية في المجلس النيابي ترفض هذا القانون، وأن القوى المؤيّدة ضمناً، مثل
القوات اللبنانية ، ستكون مُحرَجة أمام جمهورها».
وبحسب المصادر فإن الرئيس نواف سلام، «سمع من جهات قضائية رسمية أنه لا يمكن التحايل على القوانين لمعالجة قضية أشخاص أدانتهم المحكمة بارتكاب جرائم قتل ضد عسكريين ومدنيين لبنانيين على الأراضي اللبنانية»، و«أنه في حال تقرّر العفو عن هؤلاء لأسباب سياسية، فمن الأجدى إصدار عفو عن آلاف الموقوفين اللبنانيين الذين أُدينوا أو أُوقفوا بسبب كتم معلومات أو لتعاطي المخدّرات لا الترويج لها، وفي هذه الحالة، سيكون هناك إطلاق سراح لنحو خمسة آلاف سجين على الأقل، من كل المناطق اللبنانية، وعندها سيكون هناك إجماع على دعم المشروع».
كشفت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن وفداً من «قسد» سيزور لبنان اليوم للقاء المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير والبحث في إمكانية إعادة 13 لبنانية متزوّجات بعناصر من «داعش»، وهنّ متواجدات في سجن غويران (الحسكة) الذي تديره «قسد» وتحتجز فيه مقاتلين من «داعش» مع عائلاتهم.