يقوم رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد بزيارة إلى
بيروت في الساعات المقبلة، هي الأولى لمسؤول أمني
مصري بارز من العيار الثقيل ومعه فريق من كبار الضباط الأمنيين برتبة لواء منذ فترة طويلة، ويُتوقع أن يلتقي الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش العماد رودولف هيكل بحضور مدير المخابرات العميد طوني قهوجي، وعلى جدول أعمال لقاءاته بند وحيد يتعلق بالوضع المأزوم في الجنوب وإمكانية الخروج منه بمساعدة من القيادة المصرية، التي لا تخفي قلقها حيال احتمال لجوء
إسرائيل لتوسعة الحرب، وتبدي استعدادها للتدخل في حال ارتأى
لبنان أن هناك ضرورة لذلك.
وقال مصدر وزاري لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن رشاد لا يحمل أفكاراً جاهزة، وأن مهمته تبقى في إطار الاستماع إلى وجهة نظر الرؤساء الثلاثة وقيادة الجيش ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، في حال أنه باستكشافه للموقف اللبناني لمس أن الأبواب مفتوحة أمام قيام القيادة المصرية بوساطة على غرار تلك التي قامت بها بين حركة «حماس» وإسرائيل بضوء أخضر أميركي، أدت إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة تأييداً للخطة التي طرحها الرئيس دونالد ترمب، رغم أن تنفيذها لا يزال في بدايته.
واستغرب المصدر الوزاري ما أخذ يشيعه البعض، استباقاً لزيارة رشاد، بأنه يحمل معه تحذيراً إسرائيلياً للبنان هو أقرب إلى الإنذار، وينطوي على استعدادها لتوسعة الحرب في حال لم يُستجب لشروطها.
وأكد المصدر، نقلاً عن دبلوماسي عربي بارز مواكب للزيارة، أن لا صحة لما أشيع، وأن مجيئه إلى بلد شقيق يأتي في سياق التضامن معه والتشاور مع قيادته في السبل الآيلة لإخراجه من الوضع المأزوم، مبدياً استعداد القيادة المصرية للقيام بكل ما تراه أركان الدولة مناسباً لتهيئة الظروف أمام تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي رعته
الولايات المتحدة وفرنسا والتزم به لبنان بخلاف إسرائيل.
وأضاف المصدر: «نحن نتفهم الموقف اللبناني ونتعاون لوقف مسلسل الاعتداءات عليه».
ولفت إلى أن القيادة المصرية كانت أول من بادر لتأييد قرار الحكومة
اللبنانية بتبنّيها الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة لبسط سلطتها على جميع أراضيها تنفيذاً للقرار 1701.
وقال إن الموفد الأمني المصري يُكلَّف، كما هو معروف عنه، بمهام سياسية وأمنية فوق العادة، وبطلب مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان شارك بشكل فاعل في المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل التي أدت لوضع آلية لإنهاء الحرب في غزة.
وتوقّف المصدر أمام زيارة رشاد إلى تل أبيب الأسبوع الماضي واجتماعه برئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وتواصله مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف الذي شارك في المفاوضات التي استضافتها القاهرة. وتنقّل أيضاً ما بين قطر وإسرائيل لتذليل المعوقات التي مهدت للتوافق على إنهاء الحرب. وسأل، نقلاً عن المصدر الدبلوماسي، ما إذا كان استعداد مصر للقيام بوساطة موضع نقاش بينه وبين نتنياهو؟
ورأى المصدر الوزاري أن القاهرة بإيفادها رشاد، أرادت تمرير رسالة تبدي فيها استعدادها للعب دور يؤدي لإنقاذ الوضع في الجنوب، لكنها لن تُقدم على أي خطوة ما لم تلق الضوء الأخضر من لبنان. وأكد أنه لا يحمل أفكاراً جاهزة وهو يرغب في الوقوف على الرأي اللبناني وما لدى الرؤساء من معطيات.
وأكد أن لا مجال أمام «حزب الله» للاعتراض على الوساطة المصرية بناء على موافقة لبنانية، خصوصاً أنه لم يسبق له أن اعترض على وساطتها بين «حماس» وإسرائيل لتطبيق خطة ترمب لإنهاء الحرب، وبالتالي لم يعد من خيار أمامه سوى التموضع خلف القرار الرسمي اللبناني بدل التباهي بأنه استعاد بناء قدراته العسكرية ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها.
وهذا ما ادعته «حماس» عندما وافقت على وقف النار، مع أن غزة ولبنان دفعا أكلافاً مادية وبشرية لا تقدّر بثمن ترتبت على قرار تفردا باتخاذه من دون أن يحسبا أي حساب لرد إسرائيل.
وكتبت" الديار": يفترض ان ينقل رشاد الى رئيس الجمهورية جوزاف عون، «رسالة» من الرئيس السيسي تتضمن تقييما للوضع في المنطقة ولبنان بعد اتفاق وقف النار في غزة. في ظل مؤشرات مقلقة حيال التصعيد الاسرائيلي. وينتظر ان يسمع منه الترجمة العملية لاستعداد لبنان للدخول في مفاوضات لاجل وقف الاعتداءات الاسرائيلية. وسيقدم شرحا عما يمكن ان تقوم به مصر بهذا الخصوص. علما ان القاهرة تقوم باتصالات بعيدة عن الاضواء تشمل عدة دول في الاقليم، لمحاولة ايجاد موقف عربي جامع يساعد في تجنيب الساحة اللبنانية اي مغامرات اسرائيلية جديدة، وسيبلغ الرئيس عون دعم بلاده مقاربته الموضوعية لعملية التفاوض المقترحة التي تحتاج الى المزيد من التفصيل التي يامل ان يكون عنها مدير الاستخبارات الصورة الكاملة قبل تسويقها وعرضها على الجانب الآخر.
من جهته سيكون امام الضيف المصري اسئلة من قبل الرئيس حول جدول اعمال التفاوض ومن الواضح ان «اسرائيل» لا تريد مفاوضات بل الى فرض اتفاق من جانب واحد، في محاولة لفرض شروط الاستسلام على لبنان، والوصول إلى ما هو أبعد من تطبيق القرار 1701، مستفيدة من تغطية اميركية غير مسبوقة للموقف الاسرائيلي، بينما المطلوب
التزام اميركي بالضمانات السابقة والانتقال الى بلورة صيغة جديدة تحتاج الى ضامن، والا فلن تبصر النور لان بنيامين نتانياهو يريد فرض اتفاق امني من جانب واحد،ومنطقة عازلة خالية من السكان، اضافة الى تنسيق امني مباشر تحت غطاء لجنة «الميكانيزم» لتوسيع ما تسميه منطقة امنية خالية من اي سلاح ثقيل تمتد حتى نهر الأولي في صيدا، مع تدخل في تحديد تسليح الجيش اللبناني الذي سيسمح له فقط باسلحة «غير مؤذية». وهذه شروط «اذعان» لا يمكن للبنان ان يقبل بها سواء تحت الضغط او بدونه.
والسؤال المطروح اليوم، هل سيحمل الضيف المصري اي نوع من الترغيب مقابل بالترهيب
الاميركي ؟ واذا كانت واشنطن ترفض تقديم اي ضمانات مقابل «حصرية السلاح»، هل تملك القاهرة ما يمكن ان تقدمه؟ لا يبدو ذلك، بحسب اوساط مطلعة. وبالانتظار، سيكون امام الرئيس عون تثبيت «الخطوط الحمراء» اللبنانية التي لا يمكن التنازل عنها،مع الاستعداد للتفاوض لحل كل
القضايا العالقة بما يؤمن الحد الادنى من المصالح الوطنية، مع الاخذ بعين الاعتبار موازين القوى الراهنة. وعشية الزيارة، التقى السفير المصري علاء موسى رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة واضعا اياهما في طبيعة تحرك رئيس المخابرات المصرية، متمنيا ان تكون لدى الجهة اللبنانية اجوبة واضحة ازاء بعض الاستفسارات المصرية حول ملفات حساسة ترتبط باحتمال التفاوض مع «اسرائيل».