نظّمت وزارة الزراعة بالتعاون مع جمعية "إرشاد" لقاءً حوارياً في قاعة اتحاد بلديات بعلبك، تناول آليات تطبيق وتنفيذ القانون رقم 178 المتعلق بزراعة القنب الهندي للاستخدام الصناعي والطبي، برعاية وزير الزراعة الدكتور نزار هاني.
حضر اللقاء عدد من النواب بينهم غازي زعيتر، بلال الحشيمي، سليم عون، والدكتور سامر التوم، إضافة إلى رئيس الهيئة الناظمة للقنب الهندي الدكتور داني فاضل، وعضو الهيئة الدكتور محمد مروة، ورئيس جمعية “إرشاد” بسام طليس، ومسؤول إقليم
البقاع في حركة “أمل” أسعد جعفر على رأس وفد من الحركة، إلى جانب نواب ووزراء سابقين، ورئيس مصلحة الزراعة في بعلبك الهرمل الدكتور عباس الديراني، ورؤساء مصالح ودوائر في وزارة الزراعة، ومديري مؤسسات تعليمية وصحية، ورؤساء اتحادات وبلديات في محافظات البقاع وبعلبك الهرمل وعكار، وممثلين عن العشائر والتعاونيات والمخاتير، وحشد كبير من المزارعين.
واستهلّت اللقاء مديرة الحوار الباحثة سلام
حمية ، معتبرةً أن "المرحلة المقبلة بعد تشكيل الهيئة الناظمة تستوجب إجراءات واضحة ومسؤولة"، مشيرة إلى أن أولويات العمل تتضمن تحديد نوع القنب المسموح بزراعته وفق نسبة مادة THC، وتأهيل الفريق الفني في الوزارة عبر تدريب متخصصين للإرشاد الزراعي والمواكبة التقنية للمزارعين، إلى جانب إقرار آلية واضحة لمنح التراخيص، ووقف الملاحقات القانونية السابقة بحق المزارعين "احترامًا لواقعهم الاجتماعي والاقتصادي، فهم العمود الفقري لهذه الزراعة".
بدوره، أكد وزير الزراعة الدكتور نزار هاني أنّ "زراعة القنب كانت ولا تزال عنوانًا للإنتاج والصمود الزراعي في
لبنان "، مشددًا على أنها زراعة تواجه تحديات متراكمة من تغير المناخ إلى ارتفاع كلفة الإنتاج وضعف التسويق، لكنها "تملك فرصًا واعدة إذا أحسنا إدارتها للاستخدام الطبي والصناعي".
وأشار إلى أنّ تشكيل الهيئة الناظمة منذ أسابيع يشكل "تقدمًا ملموسًا وخطوة أساسية نحو إطلاق هذا القطاع بصورة رسمية ومنضبطة"، موضحًا أنّ هذه الزراعة "ليست عشوائية أو تقليدية، بل حديثة تتطلب أساليب علمية وتقنيات متطورة تتناسب مع طبيعة الصناعة الطبية والصناعية التي ستُنتج منها".
وطرح الوزير سلسلة اقتراحات عملية أبرزها:
1. تشكيل تعاونيات متخصصة تضم المزارعين ضمن أطر قانونية وإدارية واضحة.
2. إطلاق التصنيع الأولي في المناطق الزراعية لتشجيع القيمة المضافة وخلق فرص عمل محلية.
3. اعتماد الزراعة التعاقدية بحيث لا يُسمح بالزراعة قبل توقيع عقد مع مصنع أو مصدر معتمد لضمان التسويق المنظّم والإنتاج المضبوط.
4. إحالة الجوانب التقنية والتفصيلية إلى الهيئة الناظمة برئاسة الدكتور داني فاضل لاستكمال النقاش.
وشدّد هاني على أهمية تطوير الزراعة
اللبنانية نحو الحداثة والتحول الذكي مناخيًا ضمن مشروع GAT بالتعاون مع البنك الدولي، "لتحويل الزراعة من تقليدية إلى ذكية"، عبر تحديث التشريعات، ودعم المزارعين، وتحسين آلية التسويق والتصنيع الزراعي، وتسهيل وصول المنتجات إلى الأسواق المحلية والخارجية.
كما أشار إلى برنامج وطني موازٍ للإرشاد الزراعي وتتبع المنتجات ورصد أثر المبيدات لضمان سلامة الغذاء وشفافية الإنتاج، مؤكدًا أن السجل الزراعي الوطني سيشكل قاعدة بيانات مركزية لتسجيل مزارعي القنب الهندي وتنظيم هذه الزراعة تحت إشراف الدولة والهيئة الناظمة.
من جهته ، عبّر رئيس جمعية "إرشاد" بسام طليس عن فخره بانعقاد هذا اللقاء "تحت رعاية وزير الزراعة وبالتعاون مع جمعية إرشاد"، مشيرًا إلى أن المبادرة جاءت بتوجيه مباشر من دولة الرئيس
نبيه بري ، "الذي لطالما دافع عن حقوق المزارعين وسعى لتخفيف معاناتهم، خصوصًا في ملف تنظيم زراعة القنب الهندي وتسريع تنفيذ القانون 178".
واعتبر طليس أن اللقاء يمثل "بداية مرحلة جديدة على طريقٍ طويل نسلكه معًا كجهات رسمية ومجتمع مدني ومزارعين"، مؤكدًا أنّ الهدف هو إنصاف المزارعين الذين عانوا لعقود من الإهمال والملاحقة في غياب إطار قانوني يحمي حقوقهم.
وخصّ بالشكر الوزير نزار هاني على "مساعيه الدؤوبة لإيجاد فرص قانونية واقتصادية مستدامة للمزارعين"، كما نوّه بـ"الجهد الكبير للدكتور داني فاضل في متابعة تفاصيل هذا الملف بدقة وحرصه على إرساء الشفافية والعدالة في التطبيق".
وشدد طليس على أن القنب الهندي لم يعد قضية هامشية أو محظورة، بل أصبح ضرورة اقتصادية ووطنية، داعيًا إلى "تسريع خطوات التنفيذ ضمن إطار قانوني منظم يحتضن المزارعين بدل معاقبتهم".
وختم بالتشديد على أربعة مطالب أساسية:
• تشريع واضح ونافذ،
• تنظيم فعّال ومنصف،
• حماية كاملة للمزارع،
• تنمية شاملة ومستدامة للقطاع،
إضافة إلى العفو عن المزارعين الذين تضرروا في السابق.
وجدد طليس شكره للرئيس
نبيه
بري ، والوزير هاني، والدكتور داني فاضل، وجمعية "إرشاد"، وكل الحضور، مؤكدًا "الاستمرار في النضال لتحقيق العدالة والإنصاف لمزارعينا الأكارم".
من جانبه، أكد رئيس الهيئة الناظمة للقنب الهندي الدكتور داني فاضل أن هذه الزراعة "تفتح الباب أمام مستقبل زراعي واقتصادي مشرق، يقوم على المسؤولية والإنتاج والشفافية"، معتبرًا أن تشكيل الهيئة "شكّل تحولاً مفصليًا من مرحلة الوعود إلى مرحلة التنفيذ الفعلي".
وشدد على أن الهيئة تعمل "على تنظيم القطاع بما يخدم المصلحة الوطنية ويحمي المزارع"، عبر استكمال النظام الداخلي، وإعداد المراسيم التطبيقية، وتنظيم مراحل الإنتاج من الترخيص إلى المراقبة فالتصنيع والتسويق والتصدير تحت إشراف الدولة اللبنانية بالكامل.
وكشف فاضل عن بدء العمل على منصة إلكترونية وطنية لتسهيل التواصل والمتابعة، وعن إطلاق قريب لـ شهادة بلد المنشأ للقنب الهندي اللبناني، لحماية هوية المنتج المحلي ومنحه الصفة الرسمية التي تتيح له دخول الأسواق الدولية وفق المعايير القانونية المعترف بها.
كما شدد على ضرورة تقييم الموسم الزراعي الحالي لإنقاذ جهود المزارعين، موضحًا أن الهيئة قامت بعدد من الجولات الميدانية بالتعاون مع الدكتور محمد مروة، لبناء قراراتها على أسس علمية واضحة.
وختم بالتأكيد على وجود "تجاوب رسمي واضح بعدم اللجوء إلى تلف الإنتاج، حفاظًا على تعب المزارعين وتكريسًا لهيبة الدولة".
بدوره، اعتبر رئيس اتحاد بلديات بعلبك حسين رعد أن اللقاء "يشكّل فرصة لتحويل التحديات إلى تغيير بنّاء"، داعيًا إلى تبني مفاهيم المسؤولية المجتمعية والمواطنة في رسم السياسات وتحقيق العدالة التنموية.
وأشار إلى أن تشريع القانون 178 من قبل المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري، كان يهدف إلى "تحويل زراعة القنب من نشاط عشوائي إلى إطار قانوني منظّم ينعش الاقتصاد ويحمي المزارع من المافيات التجارية والاحتكارية"، مؤكّدًا أنّ التعاون بين الدولة والمجتمع المحلي هو الضمانة الوحيدة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
(الوكالة الوطنية)