آخر الأخبار

البادل في لبنان.. هكذا تحوّلت إلى أسلوب حياة وقطاع تجاري مزدهر

شارك
لم تعد الرياضة في لبنان محصورة بالأندية التقليدية والتمارين المعتادة، إذ برزت خلال الفترة الأخيرة رياضة البادل بقوّة لافتة، لتفرض نفسها كظاهرة رياضية واجتماعية جديدة في البلاد.
هذا العام، ولا سيّما بعد صيفٍ حافل بالنشاطات، شهد لبنان انتشارًا ملحوظًا لأندية البادل، التي أخذت تتكاثر في مختلف المناطق، حتى باتت هذه الرياضة مستقلة بذاتها عن غيرها من الرياضات المشابهة كالتنس.
ولم يقتصر الإقبال على فئة محددة، فالشباب والصغار قبل الكبار وجدوا في البادل هواية أسبوعية ورياضة ممتعة في آنٍ معًا، يقضون خلالها ساعات من الحماس والتفاعل داخل الملاعب.
المفارقة أن هذه الرياضة، التي أصبحت فجأة حديث الناس ومواقع التواصل، لا يزال كثيرون يجهلون أصلها الحقيقي، رغم أنّها نجحت خلال وقتٍ قصير في أن تصبح جزءًا من نمط الحياة العصري في لبنان.
من المكسيك إلى لبنان.. قصة ولادة وانتشار
تعود نشأة رياضة البادل إلى عام 1969 في مدينة أكابولكو المكسيكية، على يد رجل الأعمال إنريكي كوركويرا، الذي ابتكرها عن طريق الصدفة تقريبًا. فقد كان يملك قصرًا واسعًا يضم ملعب تنس، لكنه أراد تعديل المساحة لتناسب حديقته الصغيرة، فقام ببناء جدران حول الملعب وأدخل قواعد جديدة تسمح للكرة بالارتداد عنها، لتولد بذلك لعبة تجمع بين التنس والسكواش في آن واحد.
أعجب أحد أصدقاء كوركويرا، وهو الأمير الإسباني ألفونسو دي هوينوس، باللعبة خلال زيارته للمكسيك، فنقلها إلى إسبانيا في أوائل السبعينيات، وتحديدًا إلى مدينة ماربيا الساحلية، حيث بدأ الترويج لها في الأوساط الراقية، قبل أن تنتشر في مناطق أخرى من البلاد.
أما الانطلاقة العالمية الحقيقية فجاءت من الأرجنتين في الثمانينيات، حين وصلت اللعبة إليها بفضل رجال أعمال إسبان. وخلال فترة قصيرة، تحوّلت إلى رياضة شعبية واسعة الانتشار، حتى أصبحت الأرجنتين وإسبانيا اليوم من الدول الرائدة في هذه الرياضة من حيث عدد الملاعب واللاعبين والبطولات.
ومع بداية الألفية الجديدة، بدأ الاهتمام بالبادل يمتد إلى أوروبا والعالم العربي، وصولًا إلى الشرق الأوسط ولبنان، حيث دخلت اللعبة منذ سنوات قليلة فقط، لكنها استطاعت أن تحقق انتشارًا سريعًا وتستقطب جمهورًا متزايدًا عامًا بعد عام.
قطاع مزدهر واستثمار مربح
تحوّلت رياضة البادل في لبنان اليوم إلى واحدة من أكثر الرياضات رواجًا وربحية، بعدما أصبحت قطاعًا رياضيًا وتجاريًا مزدهرًا تتزايد عائداته يومًا بعد يوم، بحسب ما أكّد أحد أصحاب النوادي لـ" لبنان 24 ".
ويشرح صاحب النادي أنّ هذه الرياضة لا تستهدف فئة الدخل المتوسط أو المحدود، نظرًا لطبيعتها وأجوائها الراقية التي تجذب شريحة معيّنة من الناس يرون فيها أسلوب حياة أكثر من كونها مجرّد رياضة.
ويضيف أنّ كلفتها تُعدّ مرتفعة نسبيًا مقارنة برياضات مثل كرة القدم أو السلة، خصوصًا لمن يمارسها بانتظام، ما يجعلها غير متاحة للجميع.
أما من حيث التكلفة، فيشير إلى أنّ بعض النوادي توفّر مضارب البادل مجانًا، فيما تفرض أخرى رسومًا إضافية تصل إلى نحو 5 دولارات. وتختلف كلفة استئجار الملعب من نادٍ إلى آخر، إذ تتراوح بين 30 و40 دولارًا للساعة، وقد تصل المباراة الكاملة التي تمتد لنحو ساعة ونصف إلى نحو 65 و 70 دولارًا.
ويلفت إلى أنّ الإقبال يرتفع في فصل الشتاء، نظرًا لكون العديد من الملاعب مسقوفة ومجهزة للعب في مختلف الظروف الجوية، فيما تمتد فترات الذروة عادةً من الخامسة عصرًا حتى العاشرة مساءً، حيث تكون غالبية الملاعب محجوزة بالكامل.
إذًا، لم تعد البادل في لبنان مجرّد رياضة عادية، بل أصبحت نمط حياة وأسلوبًا جديدًا للبعض، وللبعض الآخر استثمارًا مربحًا يدرّ آلاف الدولارات ويوفر فرص عمل داخل قطاع رياضي وتجاري مزدهر.
ومع ازدياد عدد النوادي وتنوّع الفئات المهتمّة بها، يُتوقّع أن تواصل البادل توسّعها لتصبح جزءًا ثابتًا من المشهد الرياضي والسياحي في لبنان، وربما تفتح الباب أمام بطولات محلية ودولية تعزّز موقع البلاد على خارطة الرياضة العالمية.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا