تبدأ لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية "الميكانيزم" برئاسة الجنرال الأميركي جوزيف كليرفيلد مرحلة جديدة من عملها، عنوانها الانتظام والفعالية وتثبيت قواعد عمل مستدامة، في محاولة للانتقال من مرحلة الأعمال العدائية التي لم تتوقف إسرائيليًا إلى إدارة الهدوء المقبول نسبيًا في الجنوب وصولًا إلى ما هو مأمول والذي يتمثل في ترسيخ استقرار فعلي على الأرض.
وكتب داوود رمال في" نداء الوطن": الانطلاقة لا تقتصر على إعادة انتظام الاجتماعات كل أسبوعين فحسب، بل تشمل أيضًا، بحسب مصدر وزاري معني "تكثيف التواصل عبر لقاءات مساعدة تُعقد خلال الفترات الفاصلة، ما يعكس توجّهًا نحو تحويل اللجنة إلى غرفة عمليات دائمة المراقبة، ذات فعالية ملموسة بعدما تحولت منذ إنشائها إلى آلية معطلة وغير قادرة على إنجاز المطلوب منها نتيجة عوامل ذاتية وأخرى خارجة عن إرادتها".
اللافت في النسق الجديد لعمل اللجنة هو ما كشفه المصدر الوزاري وهو "الاتجاه إلى وجود ممثل دائم لرئيسها في الجانب
الإسرائيلي ، بما يتيح تسريع التنسيق الميداني واحتواء أي توتر قبل تحوّله إلى تصعيد واسع. هذه الخطوة، وإن حملت دلالات تقنية، إلا أنها تعبّر عن مقاربة مختلفة للجنرال كليرفيلد، قائمة على بناء شبكة اتصال فورية تُحاكي طبيعة الانتهاكات المتكررة على الحدود الجنوبية، حيث غالبًا ما يسبق
الغارات والتحركات العسكرية ردّ
دبلوماسي أو سياسي".
غير أن العنصر الأهم في خطة الانطلاقة الجديدة يتمثل في اعتماد "آلية الكشف الميداني"، أي التحقق من المزاعم
الإسرائيلية بشأن وجود أسلحة أو منشآت عسكرية في مناطق محددة، قبل أن تتحول تلك المزاعم إلى مبرر لعدوان جديد. هذا الإجراء، يوضح المصدر أنه "لقي تجاوبًا لبنانيًا، لأنه قد يشكّل خطوة متقدمة للحد من الدمار وتخفيف الخسائر البشرية والمادية، ويمهّد لتكريس مبدأ المساءلة الميدانية في وجه الادعاءات التي لطالما استخدمتها
إسرائيل ذريعة لتوسيع استهدافها".
ويبدو أن الجنرال كليرفيلد يسعى إلى إرساء معادلة جديدة قوامها الربط بين المسارين الأمني والسياسي، إذ يشير المصدر إلى أنه "ليس من باب الصدفة تعمّده إبلاغ القيادات
اللبنانية التي التقاها بأن وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى
بيروت بات وشيكًا جدًا وأنه أنهى كل الترتيبات التي تمكنه من القدوم إلى
لبنان في أي لحظة، ما يعني إعادة تفعيل القناة الدبلوماسية الأميركية بالتوازي مع الجهد الميداني للجنة. بهذا المعنى، فإن "الميكانيزم" تتحول إلى أداة مزدوجة؛ فهي من جهة، ضمان استمرار وقف الأعمال العدائية ومتابعة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، ومن جهة أخرى، دعم المسار السياسي الهادف إلى تثبيت اتفاق وقف النار وتحويله إلى
التزام دائم".