آخر الأخبار

عزل حزب الله انتخابيا.. ممكن؟

شارك
يشهد لبنان في هذه المرحلة الدقيقة مشهدًا سياسيًا متقلّبًا ومعقدًا، تتداخل فيه الحسابات الانتخابية مع الصراعات الإقليمية والتوازنات الداخلية. ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، يبدو أن جزءًا كبيرًا من القوى السياسية المعارضة يتجه نحو خيار واضح يقوم على محاولة عزل " حزب الله " سياسيًا وانتخابيًا، عبر بناء تحالفات واسعة تهدف إلى منعه من الاحتفاظ بتأثيره السابق داخل البرلمان ، لا سيما لجهة امتلاكه ما يُعرف بالثلث المعطّل.

منذ انتهاء الحرب، بدأت القوى المعارضة للحزب تعمل على توحيد صفوفها، أو على الأقل تنسيق خطواتها في العديد من الدوائر الحساسة. هذه القوى ترى أن أي تغيير فعلي في التوازن السياسي لا يمكن أن يتحقق من دون كسر الهيمنة التي يتمتع بها "حزب الله" وحلفاؤه في المؤسسات الدستورية، سواء داخل البرلمان أو في مفاصل الدولة. لذلك، فهي تسعى إلى استقطاب معظم القوى التي كانت تاريخيًا تدور في فلك الحزب أو على الأقل تقف على الحياد، في محاولة لنقلها إلى الجبهة المقابلة. هذا التوجّه يُترجم اليوم بجهود مكثفة لإعادة رسم التحالفات الانتخابية وفق قاعدة "كل صوت ضد الحزب"، من البقاع إلى الجنوب مرورًا ببيروت وجبل لبنان.

لكن، وعلى الرغم من هذا الدفع السياسي والإعلامي القوي باتجاه العزل، يبدو أن هذا السيناريو يصطدم بعدد من العوائق الواقعية.
أولًا، لأن القوى المناهضة للحزب، رغم التقاء مصالحها في هدف محدد، لا تملك القدرة على توحيد صفوفها بشكل كامل. فالمقاعد النيابية محدودة، والطموحات كبيرة، والتباينات الشخصية والحزبية ما زالت عميقة. وبالتالي، فإن كثيرًا من القوى التي تسعى إلى حجز مقاعدها بأي ثمن قد تجد نفسها مضطرة في النهاية إلى التحالف مع "الحزب" أو مع قوى قريبة منه، إذا لم تجد لها مكانًا في تحالفات المعارضة.

أما ثانيًا، فإن محاولة عزل حزب الله سياسيًا قد تؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا. فبدلًا من إضعافه، قد تسهم هذه المساعي في شدّ العصب داخل بيئته الشيعية، ما يرفع نسبة الاقتراع في مناطقه ويزيد من التفاف جمهوره حوله. هذا العامل وحده كفيل بتحسين وضعه الانتخابي في الدوائر الأساسية، وتعزيز موقعه داخل البرلمان المقبل.

تبدو فكرة عزل "حزب الله" في الانتخابات المقبلة أشبه برغبة أكثر منها بخطة قابلة للتنفيذ. فالمعادلة اللبنانية المعقدة، بتنوع طوائفها وتشابك مصالحها، تجعل من المستحيل تقريبًا عزل أي طرف أساسي بشكل كامل. قد يتراجع الحزب في بعض الدوائر أو يخسر بعض الحلفاء، لكنه سيبقى لاعبًا محوريًا لا يمكن تجاوزه، لا انتخابيًا ولا سياسيًا، في مشهد لبناني لا يزال بعيدًا عن أي توازن جديد.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا