كتبت نورما ابو زيد في"نداء الوطن": حين تختار
إسرائيل ، أن تلامس نيرانها محيط العيشية والمصيلح، فالأمر لا يكون خطأ في التصويب، بل دقة في اختيار الهدف. العيشية مسقط رأس رئيس الجمهورية جوزاف عون، والمصيلح مركز الثقل السياسي لـ «الثنائي». ولذلك، في المطرحين، تخرج الضربة من البعد التكتيكي إلى عمق الرسائل.
دوائر «عين التينة» تعتبر أنّ الحرب بعيدة في الوقت الراهن، ورغم استبعادها لفرضية الحرب، تعتبر أن الرئيس
نبيه برّي متشائم وغير متفائل.
تنقل الدوائر السردية الكاملة لتواصل المبعوث الأميركي توم برّاك مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي نقل رسالة إسرائيلية، تتضمّن طلبًا بالموافقة على مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل. تروي الدوائر أن توافقًا حصل بين الرؤساء الثلاثة، وأن الأجواء كانت أكثر من إيجابية، حيث تمّ التوصّل إلى تفاهم مبدئي على المضي في مسار التفاوض، وبدأت مناقشات أولية حول تشكيل الوفد اللبناني.
تقول الدوائر إنّ زيارة الرئيس برّي إلى قصر بعبدا يوم الإثنين، كانت قد تقرّرت يوم الأحد، بهدف وضع رئيس الجمهورية في صورة جواب «حزب الله» على الدخول في مفاوضات غير مباشرة، غير أن المبعوث الأميركي توم برّاك فاجأ الجميع صباح الإثنين بخطوة غير متوقعة، إذ تراجع عن طرحه السابق، ناسفًا المبادرة التي كان قد روّج لها، وذلك قبل ساعات فقط من لقاء عون ـ برّي.
تفيد دوائر «عين التينة» أن برّاك لم يكتفِ بنسف مبادرته بشأن المفاوضات غير المباشرة، بل ذهب أبعد من ذلك، فطرح على رئيس الجمهورية سلّة من الشروط المسبقة، أبرزها تسليم سلاح «حزب الله» كمدخل لأيّ تفاوض. وتنقل الدوائر أن برّاك أبلغ الجانب اللبناني، أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يعد ساريًا وانتهت مدّة صلاحيته، وأن المرحلة الجديدة تستوجب التعامل مع وقائع ما بعد الانتصار
الإسرائيلي بحسب تعبير برّاك. وإزاء هذه الطروحات، جاء ردّ الرئيس جوزاف عون حازمًا على برّاك، إذ قال له: ما تقترحه ليس مدخلًا إلى مفاوضات، بل إلى حرب.
تكشف دوائر «عين التينة» أن اجتماع بعبدا الذي كان من المفترض أن يُخصّص لنقل رسالة إيجابية من «حزب الله» إلى
الرئيس عون حول المفاوضات غير المباشرة، تحوّل إلى جلسة نقاش في مضمون الرسالة السلبية التي بعثها المبعوث الأميركي توم برّاك. وقد خلص الرئيسان عون وبرّي، إلى اعتبار الشروط التي طرحها برّاك تعجيزية وغير قابلة للتطبيق. وتوافق الجانبان على إبقاء اتفاق وقف إطلاق النار في عهدة «الميكانيزم» والضامن الأميركي الذي يتولّى الإشراف عليها.
وفي موازاة النقاشات الداخلية، تكشف الدوائر، أن عين «عين التينة» هي على الحراك الدبلوماسي لرئيس الجمهورية، الذي يراهن على دعم الرئيس الأميركي
دونالد ترامب لإيجاد مخرج سياسي يجنب
لبنان التصعيد. كما تشير الدوائر إلى أن الرئيس عون طلب وساطة قطرية بهدف ضمان استمرار الضمانات الأميركية، بما يمنع انزلاق الأمور نحو حرب عسكرية.
تؤكّد دوائر «عين التينة» أنّ الرئيس برّي يعوّل بشكلٍ كبير على الدبلوماسية الهادئة التي ينتهجها الرئيس عون، وقدرته على ابتكار مخارج تفاوضية تحفظ الحدّ الأدنى من التوازن، بالتنسيق مع الضامن الأميركي. وتضيف إن
واشنطن ، ورغم إشارات المبعوث الأميركي غير المطمئنة في حديثه عن انتهاء صلاحية اتفاق وقف إطلاق النار، لا تزال تضطلع بدور الضامن الأساسي لهذا الاتفاق، ولو في حدوده الدنيا، ما يمنح هامشًا يمكن البناء عليه لتفادي الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة.