كتبت سابين عويس في" النهار": لم تكن الحدة غير المسبوقة التي اتسمت بها مواقف الموفد الأميركي توم براك، باب الضغط الوحيد الذي تمارسها
واشنطن على
لبنان . فقد تزامنت مواقف براك مع ضغط مماثل لمسّه عدد من أعضاء الوفد اللبناني إلى اجتماعات صندوق النقد الدولي. وعلم أن جوهر المحادثات ومحورها الأساسي تركز على الاقتصاد الأسود، أو الاقتصاد الموازي الذي يعيش تحت وطأته لبنان والذي يوفر التمويل لـ "
حزب الله " من خارج النظام المصرفي اللبناني الشرعي.وفي رأي أوساط سياسية أن الاهتمام الأميركي يركز حاليا بشكل أساسي ومباشر على قنوات التمويل التي يحظى بها الحزب، سواء من خلال شركات تحويل الأموال أو عبر الأموال النقدية التي لا تزال طليقة وتصله من خلال ما يهرب من تركيا أو العراق أو إفريقيا أو أميركا اللاتينية عبر
طرابلس أو في البحر، وهذه لا تخضع لرقابة الدولة أو قدرتها على ضبطها. من هنا، برز الضغط على المصرف المركزي للتعامل بصرامة أكثر مع اقتصاد الكاش الذي تعجز أجهزة الدولة عن مراقبته في ظل وجود أكثر من ٥٠٠ فرع لشركات تحويل الأموال موزعة على كل المناطق
اللبنانية ، وهي غير خاضعة للامتثال. وفي المعلومات الواردة من واشنطن أيضا أن هذا الواقع انعكس على غالبيّة اللقاءات الرسمية المنعقدة هناك، حيث لمس أعضاء في الوفد اللبناني "صفر" اهتمام بالإصلاحات المالية والاقتصادية، و"صفر" اهتمام بالبرنامج مع صندوق النقد الدولي، في حين كان الهم الوحيد الذي شغل
الأميركيين ، كيفية
القضاء على الاقتصاد النقّدي وتجفيف منابع الحزب المتفلتة من أي ضوابط أو رقابة. ويعود التركيز على هذا الشأن إلى ضغط تمارسه واشنطن لمنع حصول الحزب على الأموال التي يحتاج إليها، ليس خشية أن يعيد بناء ترسانته العسكرية وتسليح نفسه، بل خشية استعمال هذه الأموال لشراء الأصوات في الانتخابات النيابية المقبلة. ذلك أن الأولوية الأميركية اليوم باتت لإعادة تكوين سلطة سياسية لا يحظى فيها الحزب بتمثيل وازن يتيح له المحافظة على موقعه في المعادلة السياسية الداخلية. من هنا تكشفت المعلومات أن التوجه المقبل سيكون نحو فرض رزمة جديدة من
العقوبات بهدف فرض قيود إضافية على حركة انتقال الأموال، على أن يرافق ذلك مزيد من الضغط على السلطات المالية والنقدية لاتخاذ إجراءات أكثر تشدداً في المراقبة وتقييد الحركة المالية من خارج النظام المصرفي. وأن الهدف في الخلاصة، بات واضحا اليوم: تدمير اقتصاد الحزب وليس تدمير صواريخه فقط!