آخر الأخبار

التفاهمات الاقليمية تحد من حجم الاشتباك الإنتخابي الداخلي

شارك
لا تبدو الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان مجرد استحقاق داخلي روتيني، بل تشكل جزءًا من مشهد إقليمي أوسع تتداخل فيه المصالح والتحالفات الدولية.

فالمعركة الانتخابية التي بدأت ملامحها بالظهور، لا يمكن قراءتها بمعزل عن التطورات الجارية بين طهران والرياض، خصوصًا وأن أي تفاهم شامل بين الطرفين بشأن الملف اللبناني سيُحدث تبدلًا جذريًا في شكل الاصطفافات السياسية، وربما في طبيعة التوازنات التي تحكم المجلس النيابي المقبل.

في الجوهر، تبدو القوى السياسية التي تراهن على تحقيق مكاسب داخلية عبر توسيع حضورها النيابي أو كسر هيمنة " الثنائي الشيعي" وكأنها تتحرك ضمن مساحة محدودة. فحتى لو نجح خصوم الحزب في حصد ثلثي المقاعد، فإن هذا المكسب قد يفقد قيمته السياسية في حال حصل تفاهم إيراني – سعودي واسع النطاق، إذ إن مثل هذا التفاهم من شأنه أن يعيد تثبيت قواعد اللعبة اللبنانية وفق تسوية إقليمية أكبر.

هذه التسوية، وإن كانت لا تزال في طور التبلور، إلا أن مفاعيلها بدأت تظهر في شكل رسائل تهدئة متبادلة، خصوصًا أن الرياض لم تعد تنظر إلى سلاح الحزب كملف يمكن تفجيره داخليًا، بل كجزء من توازنات تتصل بالاستقرار الإقليمي الأوسع. فالمملكة باتت تميل إلى خيار تثبيت النفوذ من خلال التفاهمات لا المواجهات، ما يفتح الباب أمام تهدئة في الخطاب السياسي تجاه الحزب، على الأقل في المرحلة المقبلة.

في المقابل، لا يبدو أن "الثنائي الشيعي" قلق فعليًا من إمكانية حصول خروق في البيئة الشيعية، لأن أي تراجع عددي في المجلس لن يبدّل في جوهر الموقف السياسي العام. فالتفاهمات الكبرى، إن حصلت، ستضمن بقاء موقع رئاسة المجلس بعيدًا عن أي تحدٍّ جدي، وربما تُبقي التوازنات الطائفية والسياسية على ما هي عليه، بما يشمل الحفاظ على شبكة التحالفات التقليدية التي يديرها رئيس المجلس النيابي منذ سنوات.

بناءً على ذلك، يمكن القول إن المشهد الانتخابي الحالي أقرب إلى تمرين سياسي داخلي بانتظار كلمة السر الإقليمية. فكل الحملات والاشتباكات الإعلامية والنيابية الجارية اليوم، قد تنتهي إلى لا شيء إذا ما نضجت التسوية بين إيران والسعودية. وحينها، ستتحول الانتخابات إلى مجرّد محطة شكلية لتثبيت نتائج اتفاق أكبر، لا لتغيير موازين القوى.

يسير لبنان نحو انتخابات تبدو محلية في ظاهرها، لكنها إقليمية في مضمونها. واللاعبون الكبار في الداخل يعرفون جيدًا أن مفاتيح المرحلة المقبلة لن تُصنع في بيروت ، بل في العواصم التي ترسم حدود الصراع والتهدئة معًا.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا