اعتبرت وزيرة التربية والتَّعليم العالي الدكتورة ريما كرامي أن "كل بلد يريد أن يصون استقلاله تكون التربية هي الحارس الأول لوجدانه الجمعي، والدرع الذي يحمي ذاكرته وهويته من التشظي والانقسام. ونحن في الوزارة نؤمن أن التربية ليست نقلًا للمعرفة، بل بناء للإنسان والمواطن، فهي التي تصنع الوعي الجمعي، وتعيد إنتاج القيم المشتركة وتمنح شباب
لبنان القدرة على الحلم بوطن يتَّسع للجميع".
كلام كرامي جاء خلال حفل أقامته في
بعلبك "الجمعية
اللبنانية للتعايش والإنماء (LACODE) تكريمًا للطلاب المتفوقين في فروع شهادة الثانوية العامة في محافظة بعلبك الهرمل، بحضور النائب غازي زعيتر، الوزير السابق الدكتور حمد حسن، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر ممثلا بقائمقام الهرمل المحامي هبة زعيتر، مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، راعي أبرشية بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميخائيل فرحا، رئيس المنطقة التربوية في محافظة بعلبك الهرمل حسين عبد الساتر، رئيس قسم المحافظة دريد الحلاني،
رئيس اتحاد بلديات بعلبك
حسين علي رعد، رئيس بلدية بعلبك المحامي أحمد زهير الطفيلي، ممثل رابطة معلمي التعليم الأساسي في لبنان نبيل عقيل، مديري الثانويات وفروع الجامعات في المنطقة، وفاعليات تربوية ونقابية واجتماعية.
وتحدثت
الوزيرة كرامي، فقالت: "يسعدني أن أكون بينكم اليوم، في هذه البقعة الأصيلة من لبنان التي تحمل في تاريخها وجغرافيتها رمز الصمود والعطاء، وفي ناسها نبل الانتماء وصدق الولاء".
وتابعت: "من هنا، من بعلبك الهرمل، حيث تلتقي العراقة بالعزيمة، نحتفل بثمار الجد والتفوق وتكرم نخبة من طلابنا الأوائل الذين رفعوا اسم لبنان عاليًا بعلمهم وجهدهم وإصرارهم".
وتوجهت إلى الطلاب معتبرة أن نجاحهم "لا يُعبّر عن تفوق دراسي فحسب، بل عن انتصار للقيم التربوية اللبنانية التي نؤمن بها: المثابرة، وعدالة الفرص والإيمان بأن كل تلميذ لبناني قادر على التميز، متى أتيح له الدعم والرعاية والبيئة التربوية السليمة. أنتم اليوم برهان على أنّ لبنان ما زال يملك رأس ماله الحقيقي عقول أبنائه وإرادتهم. حين نحتفل بكم اليوم، فإنّنا نؤكد إيماننا العميق بدور التربية كركيزة لحماية الهوية الوطنية".
ورات أن "كل بلد يريد أن يصون استقلاله، تكون التربية هي الحارس الأول لوجدانه الجمعي، والدرع الذي يحمي ذاكرته وهويته من التشظي والانقسام. ووزارة التربية في لبنان تتحمل اليوم مسؤولية مضاعفة: أن تكون الراوي الوطني الذي يُعيد وصل الأجيال بتاريخها ويزرع فيها الإيمان بأن الانتماء للوطن هو الانتماء الأسمى، فوق الطائفة، وفوق الحزب، وفوق الفئة".
وأكدت "نحن في الوزارة نؤمن أن التربية ليست نقلا للمعرفة، بل بناء للإنسان والمواطن. فهي التي تصنع الوعي الجمعي، وتعيد إنتاج القيم المشتركة، وتمنح شباب لبنان القدرة على الحلم بوطن يتسع للجميع. وفي قلب هذه الرسالة، تبرز المدرسة الوطنية بوصفها النموذج الأسمى لما نريد أن تكونه التربية في لبنان... مدرسة تحمل صفة الوطنية في معناها الكامل. وطنية في رسالتها، في تنوّعها، في شراكتها، وفي انفتاحها على مجتمعها. مدرسة تترجم رؤية التربية 2030 التي أطلقناها، رؤية تقوم على سبعة مجالات مترابطة: تعليم نوعي، وقيادة تربوية فاعلة وبنية تحتية عصرية، ورقمنة تربوية وتعليم دامج وشمولي، وتعاون مع المجتمع المحلي وشراكات مع الجامعات ومراكز البحث والتطوير".
وأردفت: "هي مدرسة تنصف كل طالب وطالبة، وتفتح أبوابها للجميع دون تمييز، مدرسة تعيد وصل التلميذ ببيئته، وتجعل من مجتمعه المحلي شريكا في مسيرته التعليمية مدرسة تتبنى التعليم الدامج الذي لا يُقصي أحدًا، وتؤمن بنية تحتية حديثة تتيح للطلاب التعلم في بيئة آمنة وعصرية، وتستثمر في الرقمنة كأداة للابتكار وتوسيع الآفاق. تلك هي المدرسة الوطنية التي نحلم بها. مدرسة تخرج مواطنين مسؤولين ومبدعين يفكرون بعقول حرّة، ويحملون في قلوبهم حب الوطن الصادق، مدرسة هي الفضاء الجامع الذي تبنى فيه المواطنة والتميز معاء حيث تتحول التربية من منظومة تعليم إلى مشروع دولة ومجتمع وإنسان".
وأضافت: "في وجوه طلاب بعلبك الهرمل أرى اليوم صورة لبنان الذي نؤمن به لبنان الذي يواجه الصعوبات بالعلم، ويتخطى الأزمات بالإرادة ويبني
المستقبل بالتربية. وأنتم أيها المتفوقون والمتفوقات، أنتم فخر أهاليكم ومدارسكم، وأنتم شركاء في بناء لبنان الغد، لبنان الذي نريده دولة عدالة، ومعرفة، وإنتاج، وتنوع خلاق. من هنا، أوجه ندائي إليكم: ابقوا أوفياء لقيمكم، لمدارسكم، ولمجتمعاتكم. احملوا علمكم أينما ذهبتم، وعودوا به لتخدموا أرضكم. فالوطن يحتاج إليكم، وأنتم الأمل الذي عليه تُبنى التربية وتتعزز الدولة".
وختمت كرامي: "أتقدم بالشكر إلى كل من دعم هؤلاء المتفوقين، من أهالٍ، ومعلمين، ومدارس وجمعيات كريمة مثل الجمعية اللبنانية للتعايش والإنماء، التي تثبت اليوم أن الشراكة بين المجتمع الأهلي والدولة هي الطريق الأقصر إلى التنمية والعدالة. فلنواصل العمل سويا وزارة ،ومجتمعًا، مدارس وجامعات، أهلا وطلابا، لنصنع لبنان الذي يليق بكم، لبنان الذي يُكرم التفوق لا الانقسام، والجهد لا المحسوبية، والعلم لا الجهل. ألف مبروك للمتفوقين والمتفوقات، عاش لبنان، وعاشت التربية اللبنانية منارة للوحدة والأمل". (الوكالة الوطنية)