شدد النائب حسن فضل الله على ان"أن العدو في هذه الحرب الأخيرة كان يهدف إلى احتلال القرى والبلدات الجنوبية وكان يسعى على الأقل إلى احتلال جنوب الليطاني وطرد أهله والسيطرة على الأرض وربما لاحقًا استيطانها لكن صمود المقاومين الذين واجهوا أعتى الجيوش على تخوم الحدود حاملين روحًا استشهادية في القرى الأمامية وعلى جبهات المقاومة المختلفة هو الذي أسقط أهداف الغزو الإسرائيلي ومنع احتلال الجنوب".
وأكد في كلمة خلال المراسم التكريمية التي نظمها "حزب الله" لشهداء بلدة كفرصير، أن "وجود المقاومة هو الذي يمنع العدو حتى اليوم من احتلال الأرض، ولولا هذه المقاومة لكان العدو احتل أرضنا كما يفعل الآن في سوريا، وكما يسعى إلى ضمّ الضفة الغربية في فلسطين"، معتبرا أن "من قاتل وصمد في غزة ولبنان منع الاحتلال رغم الأثمان والآلام والأوجاع"، مشددًا على "أن أهداف العدوان سقطت".
وقال فضل الله: "الحرب سجال يوم لنا ويوم علينا"، داعيًا إلى "التمسك بوصايا القادة وتضحيات الشهداء لأن إرادة المقاومة لم تُكسر"، مشيرا إلى أن "المرحلة التي تلت وقف إطلاق النار تختلف عن عام 2006 من حيث طبيعة المعركة وموازين القوى وتطورات المنطقة"، وموضحًا أن "المقاومة التزمت بما وافقت عليه الحكومة اللبنانية رغم تحفظات جمهورها على أداء الدولة لأن المرحلة الجديدة لها ظروفها الخاصة".
ورأى أن "الاعتداءات الإسرائيلية التي تطال المدنيين والمنشآت تهدف إلى الضغط على لبنان وشعبه خصوصًا في الجنوب لدفعهم إلى الهجرة والاستسلام"، مضيفا "أن هذا الضغط العسكري يترافق مع ضغط سياسي واقتصادي داخلي إذ تتلاقى اليد الإسرائيلية التي تدمر مع أيادٍ لبنانية داخل بعض مؤسسات الدولة تساهم في الحصار والعقوبات وتمنع وصول الأموال لإعادة الإعمار".
وتوجه فضل الله إلى حاكم مصرف لبنان وكل المؤسسات الرسمية قائلاً: "أنتم تخالفون القانون والدستور ومن يقدّم خدمات للجهات الأجنبية خلافًا للقانون لن يستقيم عمله ولن يدوم في لبنان"، مشددًا على أن "هذا الملف يُتابع بكل الوسائل القانونية، وأن القانون سيلاحق المعتدين على الشعب والجنوب".
وأكد أن "هناك حربًا مستمرة على الجنوب وأهله تهدف إلى منع الإعمار ومنع عودة الأهالي وهذه الحرب ستواجه بكل قوة وصلابة لأن قضية إعمار الجنوب هي بقدسية دماء الشهداء"، مضيفا "لا يمكن أن نقبل بسياسات داخلية عوجاء تناقض القانون والدستور، فهناك من يخالف القانون علنًا استجابةً لضغوط خارجية"، ومحذرًا من أن "الضغط يولّد الانفجار" وداعيًا إلى "عدم جرّ البلد إلى متاهات خاطئة".
وتابع فضل الله: "إن لبنان أمام تحديين أساسيين: الاعتداءات الإسرائيلية ومسؤولية الدولة في مواجهتها، وقضية الإعمار"، مؤكدا أن "من واجب الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وتلزم الجهات الراعية للاتفاقات بوقف الاعتداءات"، موضحًا أن "المقاومة ستقابل أي خطوة إيجابية من الحكومة بإيجابية لأن الهدف هو وقف سفك الدماء ووقف التخريب الإسرائيلي".
ورأى أن "بقاء أهل الجنوب في أرضهم وصمودهم وإصرارهم على الإعمار هو جزء من المقاومة وأن التمسك بالأرض هو خيار ثابت مهما كان الثمن"، وقال: "نريد للحكومة أن تقوم بمسؤولياتها من موقع وجودنا فيها، وبرغم الخلافات والشكليات، فإن مواجهة العدو تتطلب وحدة المخلصين في لبنان.
وشدد فضل الله على أن "كل حريص على لبنان يجب أن تكون أولويته حماية السيادة ومنع الاعتداءات"، مؤكدًا أن "ملف الإعمار تحدٍ أساسي لا يمكن إعفاء الحكومة منه، وأن لدى الدولة إمكانات مالية يجب أن تُستخدم في هذا المجال"، مشيرًا إلى أن "كتلة الوفاء للمقاومة ستسعى في الموازنة المقبلة لتأمين اعتمادات واضحة لإعادة الإعمار، وان حزب الله ملتزم بكل ما قاله بشأن الإعمار وسيقوم بواجبه في الوقت المناسب لكن المسؤولية الكبرى تقع على الدولة".
واستعاد في ختام كلمته ما قاله العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين في رسالته عام 1949 إلى الرئيس بشارة الخوري: "إن لم تكن قدرة على الحماية، أفليس من طاقة على الرعاية"، معتبرًا أن "هذه المعادلة ما زالت تعبّر عن قدر الجنوب منذ ذلك الحين، فمنذ 1949 ونحن أمام قضية الحماية والرعاية".