تتسارع الأحداث في الشرق الأوسط منذ 7 تشرين الأوّل 2023، وبعد التوقيع أخيراً على اتّفاق السلام بين حركة "حماس" وإسرائيل في غزة قبل أيّام قليلة في شرم الشيخ، وسط اتّجاه الأنظار إلى لبنان ، حيث يتمّ الضغط من قبل الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل، لنزع سلاح " حزب الله "، مع بقاء خيار الحرب وارداً، إنّ لم يتجاوب "الحزب" مع رؤية الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب الخاصّة بالمنطقة.
فرغم التوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى
الفلسطينيين بالمحتجزين الإسرائيليين الأحياء، لا يزال ترامب يُهدّد حركة "حماس" باستئناف الضربات الإسرائيليّة، إذا لم تحترم الإتّفاق، في إشارة واضحة إلى أنّ خيار الحرب لا يزال من ضمن حسابات
واشنطن وتل أبيب، إنّ لم ترضخ الفصائل الفلسطينيّة لشروطهما.
أما في لبنان، فالأمر ليس مُختلفاً، حيث إنّ الوضع اصعب مما هو عليه في غزة، مع بقاء "حزب الله" مُتمسّكاً بترسانته الصاروخيّة وعتاده العسكريّ، بالتوازي مع الغارات التي لا تزال تشنّها
إسرائيل بين الحين والآخر على البلدات الجنوبيّة وعلى البقاع.
وأمام التحوّلات الكبيرة في المنطقة، فإنّ لا خيار لدى "حزب الله" في الوقت الراهن، سوى التجاوب مع رئيسيّ الجمهوريّة جوزاف عون والحكومة نواف سلام وقيادة الجيش، لتسليم السلاح، لأنّ إسرائيل أنهت المعارك في غزة، وتوصّلت إلى تحقيق أهدافها العسكريّة عبر السياسة والضغوطات، وهي تجدّ نفسها متفرّغة من جديد للتعامل مع "الحزب"، تماماً كما حصل قبل أكثر من عام، عندما أعلنت أنّ جبهتها الرئيسيّة باتت لبنان وليس القطاع الفلسطينيّ.
وبحسب مرجع عسكريّ، فإنّ "لا قدرة لدى "حزب الله" على الدخول في حربٍ جديدة مع إسرائيل، مع قيام
إيران بإعادة بناء قدراتها العسكريّة بعد معارك الـ12 يوماً مع تل أبيب في حزيران الماضي، ومع عودة الجنوبيين إلى بلداتهم، وسط زيادة التشنّج السياسيّ في البلاد بين البيئة الشيعيّة من جهّة، والمطالبين بحصر السلاح بيد الدولة من جهّة ثانية".
ويُضيف المرجع عينه، أنّ "المنطقة مُقبلة على تفاهمات وتغيّرات، وحتّى طهران تعمل على التوصّل إلى اتّفاق نوويّ جديد مع ترامب، لتلافي أيّ مُواجهة عسكريّة جديدة مع إسرائيل والولايات المتّحدة، لذا، ليس أمام "الحزب" إلّا الإيمان بالدولة وبالجيش، كيّ يلحق لبنان بقطار السلام الذي بدأ من غزة وسوريا".
وبعد إنهاء ترامب الحرب في غزة، فإنّ الرئيس الأميركيّ لن يسمح ببقاء فصائل مُواليّة لإيران تُهدّد أمن تل أبيب، وقد وجّه رسالة واضحة من الكنيست الإسرائيليّ إلى الرئيس عون، حيث حيّا جهوده في حصر السلاح، ما يُؤكّد أنّ الإدارة الأميركيّة تُشدّد على تجريد "حزب الله" من سلاحه، وتُولي أهميّة كبيرة جدّاً لهذا الملف. ولو لم يكنّ موضوع "الحزب" على أجندة واشنطن الرئيسيّة، لما كانت الولايات المتّحدة لتُرسل موفدين إلى
بيروت ولا تزال، لمُعالجة هذه المُشكلة بالطرق الدبلوماسيّة وعبر تقديم المُساعدات المحدودة إلى الجيش، مع بقاء فكرة الحرب أو الضربات العسكريّة المُوجعة واردة، لأنّها استراتيجيّة أمست تعتمدها أميركا لحلّ النزاعات.