في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عند الشاطئ الصخري في بلدة عمشيت تختبئ "مغارة الفقمة"، أحد أبرز المعالم الطبيعية البحرية في
لبنان ، التي حملت اسمها من "الفقمة المتوسّطية النادرة" التي كانت تتخذ منها ملجأ منذ عقود. هذه المغارة ليست مجرّد تجويف صخري نحتته الأمواج، بل رمزٌ للتوازن البيئي والتنوّع البحري الذي يميّز الساحل اللبناني، وموقع لطالما شكّل مقصدًا لعشّاق الطبيعة والمصورين والباحثين في الحياة البحرية.
تُعتبر "مغارة الفقمة" جزءًا من سلسلة مغارات طبيعية تشكّلت بفعل التآكل البحري لعشرات السنين. ويُروى أنّ صيادي عمشيت الأوائل كانوا يشاهدون الفقمات تتردّد إلى المكان طلبًا للأمان والغذاء، ما أكسب المغارة اسمها وشهرتها.
ومع مرور الزمن، تحوّلت المنطقة إلى محمية طبيعية غير معلنة رسميًا، إذ تشهد الحياة البحرية فيها تنوّعًا لافتًا من الأسماك والأعشاب والطيور الساحلية، فضلاً عن كونها من المواقع القليلة في شرق المتوسط التي شوهدت فيها الفقمة المتوسّطية، وهي من أكثر الأنواع المهدّدة بالانقراض عالميًا.
غير أنّ هذا الإرث الطبيعي المميّز تعرّض فجر اليوم الاربعاء لاعتداءٍ خطير. فقد دخلت جرافة إلى محيط مغارة الفقمة في عمشيت عند الساعة السادسة والنصف صباحًا، قبل بدء الدوام الرسمي للورش، وبدأت بأعمال حفر وجرف في منطقة تُعدّ من أبرز المواقع الساحلية المحمية بيئيًا.
وقد وثّق الناشط البيئي فريد
أبي يونس بالفيديو انطلاق هذه الأعمال من الموقع نفسه، ما أثار موجة استنكار واسعة بين الأهالي والجمعيات البيئية التي سارعت إلى التحرك والتنديد بما جرى.
وفي بيانٍ صدر عنها، أكّدت
جمعية الأرض – لبنان (TERRE Liban) أنّ ما يجري "يُشكّل تعدّياً صارخًا على الملك العام البحري ومخالفة فاضحة للقوانين البيئية المرعية الإجراء"، مشدّدةً على أنّ الأشغال تُنفّذ من دون أي دراسة لتقييم الأثر البيئي كما تفرضه القوانين
اللبنانية ، ولا سيّما المرسوم رقم 8633/2012.
وأوضح رئيس الجمعية
بول أبي راشد أنّ "مغارة عمشيت ليست مجرّد موقع طبيعي، بل إرث بيئي وملجأ نادر للفقمة المتوسّطية، وأيّ عمل إنشائي في محيطها يُعدّ اعتداءً على التراث الطبيعي والبحري الوطني".
وطالبت الجمعية كلًّا من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ووزيري العدل والبيئة، ومحافظ
جبل لبنان ، وقوى الأمن الداخلي، بالتدخّل الفوري لوقف هذه الأشغال ومحاسبة المسؤولين عنها، مؤكّدةً أنّها ستتابع القضية قانونيًا وإعلاميًا حتى إعادة الموقع إلى حالته الطبيعية، ومعتبرة ان "حماية مغارة الفقمة مسؤولية وطنية تتجاوز حدود عمشيت".
تأتي هذه الحادثة لتذكّر اللبنانيين مجددًا بمدى هشاشة
الثروة البيئية الساحلية في بلد يعاني من غياب الرقابة الفعلية على الملك العام البحري.