كتب
ابراهيم بيرم في " النهار": في الوسط الفلسطيني المعارض للسلطة
الفلسطينية وأدائها كلامٌ خلاصته أن ثمة "صفقة" داخلية-إقليمية قد بدأ تنفيذها، ويُراد منها إعادة الوجود الفلسطيني في
لبنان إلى "قبضة السلطة والجزء اللصيق والمطواع من "فتح""، خصوصاً أن حركة "
حماس " نجحت في الأعوام العشرين الماضية، ومن خلال تحالفها وتنسيقها مع حليفها السابق في
دمشق ، بالإضافة إلى قوى لبنانية ذات توجّه
إسلامي ، ومع "
حزب الله "، في التمدد التدريجي إلى داخل هذه المخيمات، ممّا مهّد لها تعزيز حضورها فيها، وتشكيل عنصر منافسة لكبرى الفصائل وأعرقها، مستفيدة بطبيعة الحال من تعاون عهود الحكم اللبناني السابقة المتوالية.
لم يكن غريباً أن يكون عباس أول زائر عربي لبيروت على هذا المستوى، على مسافة أيام من انتخاب الرئيس
جوزف عون رئيساً للجمهورية، وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، وأن يلي ذلك بدء رحلة تصفية المرحلة السابقة التي لم تكن لمصلحة السلطة وحركتها.
كانت البداية إقالة الرئيس السابق للجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن، وأعقبها من الجانب الفلسطيني إقالة السفير الفلسطيني في
بيروت أشرف دبور، وتعيين سفير آخر، ثم إقصاء كلّ قيادة فتح "العسكرية والأمنية في لبنان والإتيان بقيادة جديدة".
لاحقاً، طرأ تطور لم يكن في الحسبان، إذ حضر فجأة إلى بيروت نجل رئيس السلطة ياسر محمود عباس مع فريق سياسي وأمني.كان العنوان المعلن لهذا الحضور ياسر عباس، الذي لا منصب رسمياً له، وأتى إلى بيروت في مهمة حصرية هي استعادة أملاك عقارية عائدة لمنظمة التحرير في لبنان، بعدما أوشكت على الضياع. لكن اتضح لاحقاً أن لهذا الحضور مهمة أبعد موازية، ملخّصها الإمساك مجدداً بالورقة الفلسطينية في لبنان على نحو كامل.
لاحقاً، قام ياسر عباس بزيارة معلنة إلى
وليد جنبلاط وإلى شخصيات لبنانية أخرى بقيت طي الكتمان، فضلاً عن لقاءات مكثفة يجريها في مقر إقامته في فندق فينيسيا.
وهكذا بدت زيارة عباس الابن الموقتة إقامة طويلة، وربما دائمة، ولا سيما أن رام الله لم تعيّن مشرفاً عاماً على الساحة
اللبنانية ، من جانبها، خلفاً لعزام الأحمد، الذي أقيل مع المقالين.
وهكذا وجد عباس الابن أن عليه، لكي يدعم حضوره ويعطيه معنى مختلفاً، أن يعالج نقطة مهمة، هي تخفيف الإجراءات والتدابير الأمنية التي تفرضها الأجهزة اللبنانية على المخيمات منذ مطلع التسعينيات، من جهة، والسعي للإفراج عن بعض الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين، خصوصاً أن الفصائل والقوى غير المنضوية في منظمة التحرير رفعت في لقائها مع رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني رامز دمشقية مطلب إقرار الحقوق المدنية للاجئين شرطاً لتسليم السلاح.
بناءً عليه، تعتبر تلك الأوساط أن السماح بإدخال المعدات الكهربائية إلى مخيمات صور يندرج في هذا الإطار، وهو "هدية أولى" تعتزم الدولة تقديمها للجانب الفلسطيني لزيادة عنصر الطمأنينة عنده.