آخر الأخبار

تهديد وجودي للقطاع الزراعي: الزيتون اللبناني يواجه أخطر مواسمه

شارك
في جنوب لبنان ، حيث يشكّل الزيتون رمزًا للصمود والاقتصاد الريفي، يعيش المزارعون اليوم بين فكي كماشة الحرب والخوف من القصف الإسرائيلي . القرى الحدودية التي اعتادت أن تتزين بمواسم القطاف وتغتني بتنكات الزيت، تواجه هذا العام واقعًا مُرًّا: موسم شبه معدوم، أشجار متضررة من القنابل الفوسفورية، وأيدٍ عاملة هاجرت أو خافت العودة. هذه الصورة القاتمة تعكس أزمة معيشية جديدة تطال آلاف العائلات التي تعتمد على هذا القطاع.

أثر القنابل الفوسفورية على الأشجار

مصادر زراعية وميدانية خاصة أكّدت لـ" لبنان24 " أن القنابل الفوسفورية التي استُخدمت في بعض المناطق الحدودية لم تقتصر أضرارها على الأراضي الزراعية بل تركت أثرًا كيميائيًا سامًا على أوراق الزيتون وثمارها. مهندسون زراعيون أوضحوا أن المواد المترسبة في التربة قد تؤدي إلى إضعاف الإنتاج لسنوات مقبلة وتغيّر في خصائص الزيت، ما يطرح تحديًا صحيًا واقتصاديًا معًا ويضع المزارعين أمام معركة طويلة لإعادة تأهيل أراضيهم. الموسم في معظم القرى الجنوبية غير واضح حتى الآن. لا أرقام نهائية ولا حتى تقديرات رسمية لكمية الإنتاج.
مصادر "لبنان24" تقول إنّ قرى الشريط الحدودي لم تتمكن من جني مواسمها بالكامل، وبعض الأهالي الذين اعتادوا إنتاج 200 إلى 250 تنكة زيت زيتون سنويًا لم يحصدوا هذا العام حتى حبّة واحدة. هذا الغياب الكارثي للإنتاج يُنذر برفع أسعار التنكة إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصًا مع تراجع العرض وارتفاع الطلب المحلي والخارجي على زيت الزيتون اللبناني.

عامل آخر يزيد الطين بلّة هو نقص العمالة الزراعية، إذ شهد الجنوب مغادرة واسعة للعمال السوريين الذين كانوا يشكّلون العمود الفقري لمواسم القطاف. اليوم تصل أجرة العامل الواحد إلى 30 دولارًا يوميًا، ما يشكّل عبئًا إضافيًا على المزارعين القلائل القادرين على جني ما تبقى من محاصيلهم. هذه الأجور المرتفعة قد تنعكس على كلفة الإنتاج وتدفع الأسعار إلى مزيد من التصاعد. وفي بلدة حدودية جنوبية، يقول أحد المزارعين لـ"لبنان24": "كنا نقطف مئات الكيلوغرامات من الزيتون، واليوم لم نقطف سوى القلق والخوف. القنابل الفوسفورية أحرقت أشجارنا، والعمال غادروا، ونحن نعيش على الأمل فقط". هذه الشهادات، الممزوجة بمرارة الواقع، تلخّص التحوّل الدراماتيكي لقطاع يُعتبر من أهم أعمدة الاقتصاد الريفي في لبنان .

الاقتصاد الريفي في مواجهة الانهيار

معاناة مزارعي الزيتون ليست أزمة قطاعية فحسب، بل انعكاس مباشر لتراجع قدرة الدولة على حماية وتنمية المناطق الحدودية. في ظل انعدام التعويضات الرسمية أو خطط الطوارئ الزراعية، يتحوّل المزارعون إلى الحلقة الأضعف في مواجهة الحرب. استمرار هذا الوضع قد يدفع إلى موجة هجرة جديدة من القرى الزراعية ويهدّد استدامة إنتاج الزيتون اللبناني كمصدر تصدير مهم. زيتون الجنوب يواجه اليوم معركة وجودية تتخطى مجرد موسم شحيح؛ إنها معركة بقاء على الأرض، وعلى الهوية الزراعية والاقتصادية للمنطقة. القنابل الفوسفورية والنزوح والعمالة النادرة والتهديد الاسرائيلي الدائم ليست سوى أعراض لأزمة أعمق، حيث يغيب الدعم الرسمي ويترك المزارعون وحدهم في مواجهة حرب مزدوجة: حرب عسكرية وحرب معيشية.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا