آخر الأخبار

فيدا أسود.. العين الخفيّة وراء أناقة مذيعات الجديد

شارك
في اللحظة التي يضغط فيها المخرج على زر البث المباشر، يظن المشاهد أنّ كل ما يراه على الشاشة عفويّ. لكن الحقيقة مختلفة تماماً، فخلف كل تفصيل صغير، من كلمة المذيعة وطريقة إلقائها للنشرة الإخبارية، إلى حركتها، وصولاً إلى إطلالتها، هناك فريق عمل كامل يعمل بصمت، تتقدمه امرأة لا يعرفها الجمهور بات اسمها مقترناً بأناقة مذيعات قناة "الجديد": فيدا أسود.

في عالم الإعلام المرئي، الكاميرا لا ترحم. إذ تشكّل إطلالة المذيع والمذيعة جزءاً أساسياً من الرسالة التي تصل إلى الجمهور. الكلمات والمعلومات وحدها لا تكفي، بل يجب أن يكتمل المشهد بصورة أنيقة وموثوقة تجذب المشاهد وتمنحه شعوراً بالثقة.

أما مهندسة إطلالات مذيعات قناة "الجديد" فيدا أسود، التي بفضلها يطللن على المشاهدين بأبهى حلّة، فلحكايتها مع هذه المهنة طعم آخر، غير اعتيادي. ففي غالبية الحالات، يختار الشخص مهنته إنطلاقاً من عوامل عدّة أبرزها حبّه لها منذ الصغر. إلا أن الطريق الذي رسمه القدر لفيدا أسود كان مغايراً عن رغبتها الشخصية، حتى اختارتها مهنتها، هي التي بنت لها أحلاماً في عالم الإعلام.

الفتاة الصغيرة التي اشتهت الشهرة من باب الصحافة والإعلام، لطالما أرادت أن تكون مذيعة، فجلست على مقاعد الدراسة في كلية الإعلام، على الرغم من كونها قادمة من خلفية علمية بحتة في تحصيلها المدرسي الثانوي.

كل معرفتها عن دهاليز الخياطة تشرّبته من والدتها التي كانت خياطة بدورها، فدرست فيدا الإعلام لمدّة أربع سنوات، ثم عملت لفترة ثلاث سنوات في أمانة التحرير في مجلة مع الإعلامية الراحلة سونيا بيروتي. استهواها قسم الأزياء في المجلة، فلجأت إلى دراسة تصميم الأزياء لتتولّى مهمة تصميم الملابس لعمل مسرحيّ للفنان وجدي شيّا، نالت على إثره جائزة في الأردن ، لتدخل بعدها عالم الأزياء وتصميمها وتنسيقها من بوابة التعليم، لتدخل بعدها قناة "الجديد" منذ أكثر من 20 سنة.

وفي أروقة القناة، تحرص أسود وفق ما روته لـ" لبنان 24 " على اتباع إرشادات إدارة "الجديد" في ما خصّ ملابس المذيعات. فالقماش اللامع ممنوع، وكذلك الأمر بالنسبة للمخطط والمقلّم والتفاصيل البارزة.

أسود، التي باتت على بيّنة من ذوق المذيعات، تشدد على أن المذيعة لا تستطيع تكوين"ستايل" خاص بها بمفردها ولهذا تحتاج إلى مساعدة في هذا المجال، إلا أنها في الوقت عينه تدرك أهمية المسؤولية التي تقع على عاتقها في هذا المجال كمصممة ومنسقة للملابس.

فقالت: "إذا كانت المذيعة غير مرتاحة للقطعة التي ترتديها، سيشعر المشاهد بذلك، فتصبح قراءتها للنشرة الإخبارية أقل سلاسة من المرات التي تكون فيها مرتاحة لملابسها"، مشددة على أنه حين تشعر المذيعة أنها أنيقة ومتماسكة، يظهر ذلك في أدائها وصوتها وحتى تعابير وجهها.

وفي حادثة تعلّمت منها الكثير، أشارت أسود إلى أنها في يوم من الأيام قررت أن تلبس إحدى المذيعات نقشة النمر، مؤكدة أنها "لم تنم طيلة الليلة" لأنها أيقنت أنها ارتكبت خطأً فادحاً، فحاولت أن تستنجد باللايدي ديانا علّها ارتدت هذه النقشة في مناسبة ما، فتنشلها من "الخطيئة المهنية" التي وقعت فيها، إلا أن محاولتها فشلت. فهذه النقشة تعتبر مغرية، وهي بعيدة عن الرصانة التي تتطلبها الكاميرا في الكادر الإخباري الجدّي.

ومن صوتها، يمكن أن يشعر المرء أن فيدا أسود عاشقة لمهنتها. إذ قالت بابتسامة عبرت الهاتف: "هذه المهنة هي شغفي، ولا أعتبرها عملاً تجارياً"، لافتة إلى أنه حين تطل مذيعة على الهواء، يقرأ الجمهور ملابسها قبل أن يسمع كلماتها في فلسفة خاصة تقوم على المزج بين شخصية المذيعة وطبيعة المضمون الذي تقدمه.

التحديات التي تواجهها كبيرة، خاصة وأن العمل التلفزيوني منظومة متكاملة، فهي تنسّق خياراتها بما يتناسب مع الإضاءة، ديكور الاستوديو، وحتى المكياج وتسريحات الشعر، مع الأخذ بعين الإعتبار أن المساحة التي تعمل فيها ضيّقة جداً، إذ لا يظهر من عملها سوى القليل والمحصور بخصر المذيعة وصولاُ إلى كتفيها فقط.

رغم أنّ عملها في الظاهر يرتبط بالأزياء، إلا أن المصممة تعتبر نفسها جزءاً من فريق التحرير والإنتاج. فهي مسؤولة عن الهوية البصرية للقناة، وهوية الأخيرة بدورها مرتبطة بثقة المشاهد. لذلك تضع في اعتبارها أنّ الأناقة ليست ترفاً، بل عنصر أساسي في الرسالة الإعلامية.

إذاً، لا يقتصر عمل أسود على تحسين إطلالات الإعلاميات، بل ينعكس على صورة القناة ككل. فالمشاهد حين يرى شاشة منسّقة وأنيقة، يشعر أن ما يُقدَّم له جدّي واحترافي. وهذا يرفع منسوب الثقة بالقناة، خصوصاً في بلد مثل لبنان ، حيث المنافسة بين الفضائيات شرسة، والتفاصيل الصغيرة قد تكون فارقة، خاصة وأنه وفق قول أسود، النجاح الحقيقي في هذه المهنة هي ألاً يتمكّن المشاهد من الإدلاء بأي انتقاد.

وعن رأيها بإطلالات المذيعات على سائر القنوات المحلية والعربية، لا تخفي أسود باحترافية تامة إعجابها بالبعض، بينما تمنّت على البعض الآخر أن يلجأ لمساعدة مختصين في عالم الأزياء لتحسين صورة المذيعات على شاشته.

وفي هذا الإطار، شددت على أن القنوات العربية تؤمن ميزانية واضحة للمذيعة كي تتمكن من الاهتمام بإطلالتها، الأمر الذي يغيب تقريباً عن القنوات المحلية بسبب العسر المادي.

صحيح أن اسمها لا يظهر في عناوين الأخبار ولا تطلّ على الكاميرا، إلا أنها الحاضر الأكبر في كل لحظة من لحظات البث. ونجاحها يقاس بابتسامة المذيعة وهي تدخل الاستوديو بثقة، وبانطباع المشاهد الذي يظل مرتبطاً بصورة أنيقة وراقية، خاصة وأن القطع، التي تلبسها مذيعات "الجديد" لمرة واحدة فقط، باتت محفوظة في أرشيف بمستودع داخل القناة للمحافظة عليها.

بين الخيوط والأقمشة، تصنع فيدا أسود لغة صامتة توازي في أهميتها قوة الكلمة على الشاشة. قد لا يعرفها المشاهدون، لكن بصمتها ترسم الانطباع الأول وتمنح المذيعات ثقة تليق بمكانتهن. هي البطلة المجهولة التي تثبت أن الأناقة حين تلتقي بالمهنية، تصبح جزءاً من رسالة الإعلام نفسه.
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا