كتب اسكندر خشاشو في" النهار": فتح الاجتماع القضائي اللبناني – السوري الأخير نافذة غير مسبوقة على واحد من أكثر الملفات حساسية في تاريخ
لبنان الحديث، أي الاغتيالات السياسية التي لطالما وُجهت فيها أصابع الاتهام إلى النظام السوري السابق. فوفق المعلومات طلب الجانب اللبناني من القيادة
السورية الجديدة تزويده بكل ما يتوافر لديها من معطيات عن تلك العمليات، في خطوة تحمل دلالات سياسية وقضائية بالغة. وفي المعلومات أيضاً، طلب وزير العدل عادل نصار من الوفد السوري الحصول على كل المعلومات المتوافرة عن جميع الاغتيالات والاعتداءات الأمنية التي حصلت في لبنان خلال فترة حكم
الأسد ، من كمال جنبلاط وبشير الجميّل مروراً برفيق
الحريري وشهداء "ثورة الأرز" وانتهاء بلقمان سليم. وطالبهم بتسليم اللبنانيين الفارين من العدالة والذين لجأوا إلى
سوريا ، وقد ذُكر اسم حبيب الشرتوني مرات عديدة، بالإضافة إلى أسماء أخرى ارتكبت جرائم سياسية وجنائية معروفة، وتظهر على وسائل التواصل الاجتماعي من سوريا. على سبيل المثال لا الحصر، جوزف الزوقي قاتل نصري
ماروني ونعيم عاصي في زحلة وغيرهما من الأسماء، كبعض عصابات تجار المخدرات الذين اعتدوا على
الجيش اللبناني في
البقاع . وسلّم نصار الجانب السوري لائحة بهذه الأسماء.
بالإضافة إلى ذلك، طلب نصار
الكشف عن مصير المعتقلين والمخفيين اللبنانيين في السجون السورية، بمن فيهم بطرس خوند، وخصوصاً أن من الطبيعي العثور على ملفاتهم في الأروقة الرسمية حيث يُفترض أنهم خضعوا لمحاكمات، ولو صورية، والموضوع في حاجة إلى قليل من الجهد لمحاولة استرجاع هذه الملفات. فهي إن لم تنجح في استرجاع الشخص، فقد توصل إلى معرفة مصيره، وقد تم تزويد هذا الجانب بلائحة طويلة ومفصلة بالأسماء وتواريخ الاعتقال. لكن الأبرز كان المطالبة بتزويد الجانب اللبناني كل المعلومات المتصلة بانفجار مرفأ
بيروت ، وخصوصاً أن أسماء سورية ظهرت في التحقيق. وفي هذا الإطار علمت "النهار" أن المحقق العدلي طارق البيطار كان قد توجه بطلب رسمي إلى السلطات السورية لتزويده بالمعلومات المتوافرة في القضية، تزامناً مع توقيف صاحب الباخرة "روسوس" إيغور غريتشوشكن، الذي يجهد
القضاء اللبناني بالتعاون مع وزارة العدل في تعجيل عملية بتّ طلب استرداده وتجنب التأخير الناتج من تبادل المراسلات الورقية التقليدية، وضمان الحصول على موقف واضح من السلطات البلغارية التي يحق لها توقيفه لمدة معينة. أما في قضية الموقوفين السوريين، فبدا من الواضح استعجال الطرف السوري للانتهاء من الملف، وهنا أبدى الجانب اللبناني مرونة عبر الدفع لتوقيع اتفاقية قضائية بين البلدين تحفظ الحقوق لدى الطرفين، وخصوصاً أن لا إشكالية للبنان في تسليم المحكومين، ولكن في الوقت عينه لبنان محكوم بقوانين لا يستطيع تجاوزها، وهو يختلف عن الجانب الذي وصل إلى الحكم عبر الثورة. وهذا يعبّر عن حرص الوزير نصار على أن تكون العلاقات بين البلدين قائمة على الندية والتكافؤ، وألا يكون لبنان في موقع الحلقة الأضعف التي تخضع لمطالب سوريا من دون أن يتمكن من انتزاع أيٍّ من مطالبه. في المقابل، بحسب مصادر اللجنة، فإن النقاش يبدو إيجابياً في مختلف
القضايا ، ويبدي الجانب السوري مرونة كبيرة، على الرغم من تفاجئه بالمطالب
اللبنانية ، وقد وعد بالتعامل الإيجابي معها، على الرغم من استعجاله حسم ملف الموقوفين السوريين. إلى ذلك، فإن البعد الأكثر حساسية في هذا الأمر يتمثل في إمكان أن تكشف الوثائق – إذا ما سُلّمت – عن شركاء لبنانيين تورطوا في التخطيط أو التنفيذ في عمليات الاغتيال. هنا يصبح الملف داخلياً بامتياز، ويفتح الباب على مواجهات جديدة داخلية من غير المعروف أين يمكن أن تذهب. ومن الناحية العملية، هناك عقبات عديدة متمثلة في طبيعة التعاون السوري، وما إذا كان حقيقياً أو شكلياً، وكذلك بالنسبة إلى قدم الملفات واحتمال التلاعب أو الإخفاء، عدا عن حساسية كشف أسماء لبنانيين قد يكونون اليوم في مواقع نفوذ.