صدر العدد الجديد
من مجلة "الأمن" التي تصدرها
المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ، بعنوان: "معًا في طريق
الغد "، وكتب رئيس تحرير المجلة العميد الركن
شربل فرام افتتاحية العدد بعنوان: القانون ليس وجهة نظر، وجاء فيها: "في المجتمعات التي تكثر فيها الأزمات والمشاكل، يبرزُ القانون باعتباره صمّام الأمان الأخير الذي يحفظُ الحقوق ويحمي شرعية المؤسسات. غير أنّ البعض، عن جهالة أو عن قصد، يتعامل معه وكأنّه مجرّد رأي يمكن الالتفاف حوله أو تجاوزه عند الحاجة، وهنا تكمن الخطورة. فالقانون ليس وجهة نظر، بل هو منظومة قواعد ملزمة، ومرجع أعلى فوق كلّ المصالح.
الآراء قد تتعدّد بتعدّد أشخاصها، أكانوا أفرادًا أو جماعات، وقد تتناقض تبعًا للانتماءات والغايات، لكنّها لا تملك قوة الإلزام. أمّا القانون، فهو قاعدةٌ عامة مجرّدة، وُضعت لتنظيم الحياة المشتركة وفق معايير العدالة والمساواة. وإذا تحوّل القانون إلى مجرّد وجهة نظر، سقطت هيبته وضاع مبدأ العدالة، ليحلّ محلّه منطقُ القوة والفوضى.
وتاريخُنا حافلٌ بالأمثلة التي تبرهن على أنّ غيابَ سلطة القانون أدّى في مراحل كثيرة إلى انهيار الدولة وتفتّت المجتمع. فحين يصبحُ القانون مرتهنًا للأهواء الشخصية والمصالح السياسية، يفقد معناه كمرجع مشترك، ويتحوّل إلى أداة اختلاف بدل أن يكون أداة حلّ.
لذلك فإنّ احترامَ القانون هو الخطّ الفاصل بين النظام العادل والفوضى الهدّامة، بين الحريّة المسؤولة والعبثية التائهة.
الدولةُ التي لا يُحترم فيها القانون تفقد معنى وجودها، فينتشر في ساحاتها فاقدو الهوية والاتجاه ويحاولون فرض منطقهم على حساب الشرعية. في المقابل، الدولة التي يُحتكم فيها إلى القانون وحده، تضمن لأبنائها العدالة، وتحمي مجتمعها من الانقسام والتناحر.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى أن نفهمَ ونقرّ بأنّ القانون ليس وجهة نظر، فهو الضمانة الوحيدة لبقاء المجتمع متماسكًا، ولتحقيق المساواة بين جميع أفراده، ولإرساء العدالة كقيمة لا تقبل المساومة.
اليوم، نحن بحاجة إلى أن نعترفَ بأنّ الانتصارَ على القانون هو انتصارٌ زائف، في غير مكانه وفي غير زمانه ولا يمكنه أن يحسّن صورة الهزيمة ويبعد آثار النكبات.
اليوم، علينا أن نتحلّى بالشجاعة والمسؤولية فلا نكرّر تجارب سابقة وهفوات مدمّرة.
اليوم، هو وقت الحقيقة ".