أكد المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي ممثلا وزير المالية ياسين جابر في افتتاح معرض "منشر صُوَر" مساء اليوم في قصر الاونيسكو، أن "إدارة حصر التبغ والتنباك - الريجي، الذي تقيم هذا المعرض لأبرز اللقطات المشاركة في مسابقتها للتصوير الفوتوغرافي، ترفد الخزينة بأموال مصدرها أعمالها الناجحة"، فيما ذكّر رئيس "الريجي" مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي بأن الإدارة وقفَت "إلى جانب المزارعين بخطوات عملية ملموسة خلال الحرب وبعدها".
وحضر الافتتاح أيضاً المهندسة سارة رمّال ممثلة وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، المدير العام لوزارة الثقافة علي الصمد والمستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية رفيق شلالا والعميد طالب حمادة من القصر
الجمهوري ، وممثلون لمؤسسات عامة وبلديات وهيئات ثقافية ونقابية ومصارف وجامعات، إضافة إلى عضوَي لجنة الإدارة في "الريجي" المهندس جورج حبيقة والدكتور عصام سلمان، ومستشار وزير المالية غسان بيضون، ومفوضة الحكومة لدى الريجي ميرنا باز والمراقبة المالية كارول يوسف.
وسيكون المعرض مفتوحاً أمام الزوار الخميس 18 والجمعة 19 أيلول الجاري من الثالثة بعد الظهر إلى التاسعة مساء، ويتضمن الصور الفائزة في النسخة الرابعة من "منشر صوَر" التي حملت عنوان "وجوهن بتحكي"، إضافةً الى مجموعة أخرى من الدورات السابقة لهذه المباراة الهادفة إلى توثيق تراث وتاريخ زراعة التبغ والتنباك في
لبنان .
وحصل محمد لوباني على الجائزة الأولى هذه السنة وقدرها ثلاثة آلاف دولار، فيما نال أحمد حريري الجائزة الثانية وقيمتها ألفا دولار، ومُنِحَت الجائزة الثالثة (ألف دولار) إلى محمود سليمان.
سقلاوي
واستهل سقلاوي كلمته في افتتاح المعرض بالدعوة إلى الوقوف دقيقة صمت "على أرواح
الشهداء من مزارعي التبغ، وهم 8 مزارعات و41 مزارعًا من القرى الحدوديّة عيترون وعيتا الشعب وبليدا وحولا وميس الجبل ومارون الراس وعيناتا وكونين وحانين".
وقال: " إن هؤلاء سقطوا في العدوان الأخير، متمسكين بشتلتهم، مصرّين على البقاء في أرضهم".
وذكر معرض "منشر صور" شكّل "منذ انطلاقه عام 2016، مبادرة لدعم الطاقات الشابة وتنمية المجتمع المحلي. واليوم، في العيد التسعين للريجي، أرادَته الريجي ذاكرةٍ حيّةٍ لحفظُ إرث زراعة التبغ في لبنان وتاريخها، موثّقًا تفاصيل حياة المزارعين: عرقهم، تعبهم، إرادتهم وصبرهم
الطويل ".
وأضاف: "حين نتحدث عن التبغ، نحن لا نتحدث عن ورق أخضر يُزرع ويُقطف. نحن نتحدث عن قصص ناس...عن وجوه تحمل معنى الحياة نفسها. عن ابن عيتا الذي زرع أرضه فوق الركام. عن رميش التي صمَدتْ وزرعت. عن أهالي عيترون الذين سقطت بيوتهم فاختاروا أن يزرعوا في كل شبر لم يطأه الاحتلال. عن أبناء الضهيرة ومروحين الذين حملوا عدّتهم إلى أرض ثانية، ليبقوا أوفياء لهذه الشتلة المباركة. ولو لم تكن لهذه الزراعة رمزية وكرامة، لما استمروا فيها رغم النزوح والخطر".
واشار الى أن "الريجي لم تكتف بالرمزية والكلمات المنمّقة، بل وقفت إلى جانب المزارعين بخطوات عملية ملموسة خلال فترة الحرب وبعدها، إذ أطلقت مبادرة إنقاذية لزرع شتول التبغ في أراضٍ آمنة لتأمين بديل لأكثر من خمسة آلاف مزارع نزحوا عن أرضهم، وقدّمت موعد شراء المحصول شهرًا ونصف شهر، ورفعت الأسعار بنسبة 24 في المئة خلال موسمين، وخصّصت مساعدات مالية لمن عجز عن زراعة موسمه، وفتحت مراكز جديدة لتسلم المحاصيل في مناطق آمنة، ونسّقت مع الأجهزة المعنية لتأمين إخراج المحاصيل من القرى المستهدفة، بدعم مباشر من فخامةِ رئيس الجمهوريّة حين كان قائدًا للجيش، . أطلقت مبادرة إنسانية احتضنت المزار عين والعاملين الذين اضطروا لترك بيوتهم وقدمت الحاجات الأساسية من الدواء والغذاء والسكن".
وشدّد على أن "الرَّئيسِ نَبِيه بَرّي لم يَكُن مُجرَّدَ داعمِ لزراعةِ التِّبغِ، بَل كان رَفيقَ درب لِمَسيرةِ الرّيجِي بِكُلِّ إداراتِها وأدوارِها. لَقَد آمَنَ بقيمتِها الوَطنَيّة، ووقف إلى جانبها حينَ حوصرَتْ وحين راهَنَ البعضُ على فَشلِها، فكانَ السَّندَ الأمينَ، والضَّمانةَ الثَّابتةَ ولولاه لما استطعنا أن نحقّق ما حقّقنا من نجاحات، ولما بقيت زراعة التبغ رمزًا للصمود، وركيزةً من ركائز الهوية والاستقرار".
معراوي
وألقى معراوي كلمة نيابة عن راعي الافتتاح الوزير جابر الذي لم يتمكن من الحضور لارتباطه بجلسة لمجلس الوزراء، فقال: "في حضرة منشر صور، ُتفتح أمامنا فرصة لنرتاح من الهموم الضاغطة، ونبحر في عالم ابداع يحمل اسساً من الأصالة والطيبة والتراث والتجذر بالأرض، ونعمة اللقمة المغموسة بعرق الجبين ورائحة التراب وسمرة الوجوه والزنود التي تزرع لتصمد وتبني وتعلّم وتنتج، وفوق كل هذا وذاك لترفد الدولة بموارد تسجّل لها أرباحاً لا عبئاً أو عجزاً ومديونية".
وأضاف: "نحن هنا لنمتّع النظر بفنون لعدسة تحكي الصمود وتخط باللون الزاهي سيرة أناس يسبقون الشمس بالنهوض ويغفو القمر قبل أن يخلدوا الى النوم في رحلة حياة تكللها سعادة التعب... نعم فللتعب سعادة أيضاً متى كانت تكرّس للأرض هويتها، وتخرج من أرحامه أجيالٌ تصلح رجالاً لبناء الحاضر والغد بتعب لقمة الحلال".
وتابع: "نعرف المناشر، أنها ملازمة للثياب النظيفة، لكن في بعض المراحل التي قطعنا بها وفي محطات من الظروف الصعبة درج أن تحولت المناشر الى نشر الغسيل السياسي لبعض ألسنة السوء، ما عكس صورة بشعة عن وجه هذا اللبنان عاكست الرسالة، رسالة الحوار والتلاقي التي هي سبب وجوده وأساسه. وإن عاهدت نفسي ألاّ أتطرق الى السياسة في هذه المناسبة المزهوة، إلا أن المناخات الإيجابية التي عكستها الأجواء السياسية في الأيام الماضية، أعادت فينا الأمل أن تعود مغاسل قلوبنا الى نظافتها ناصعة مجترحة الحلول الإبداعية كما منشر صوركم وكما روعتها وسكينتها ومعانيها الناطقة صدقاً وطيبة".
وقال: "خلف لقائنا اليوم، تقف ادارة وإرادة، فتحية لإدارة حصر التبغ والتنباك في لبنان - الريجي. هذه الإدارة التي أضحت نموذجاً لمصنع انتاج وأجيال وإدارة وصمود وتنمية مستدامة وربحية في آن. إدارة نذرت نفسها لشتلة الصمود فصارت صرحاً يزرع ويحفظ لمساحات لبنان اخضرارها... يؤمن فرص العمل اينما كانت في الحقل زرعاً وحصاداً، وفي المنزل حيث المرأة شريكة ومنتجة تشك بالإبرة والخيط حبال نجاة العائلة من العوز، يعزز الصمود في القرى الأمامية في جنوبنا الغالي، أو في المصنع حيث تضج الآلات وخلفها عمال صابرون. صرح يصنّع ويطوّر يصدّر نكهة العزّ إلى العالم، يعلّم ويكافئ المتفوقين، يطبب ويخطط وينفذ تنمية يجهد لكي تكون مستدامة، فوق هذا وذاك يرفد الخزينة بأموال تكونت نتيجة أرباح أعماله الناجحة".
ولاحظ أن "خلفَ هذا الصرح إدارة، هي نفسها إرادة، صاحبة رؤية خططت ونفذت، وتعاملت مع العاملين جميعاً عائلة لا كرب عمل وأجير، نشرت ألفة وتعاضداً وسعت لتوفير عيش كريم وإنماء وعدل اجتماعيين"، موجَِهاً الشكر لسقلاوي "رأساً ومديراً قديراً لهذه الإدارة"، ولمجلس الإدارة والإدارة وكل العاملين "الذين انصبت جهودهم لإنجاح إدارتهم"، آملاً في أن يكونوا "النموذج الذي به يحتذى".
وتمنى "مبادرات جديدة ومتجددة ودائمة، تعكس الصورة المشرقة للبنان الذي نحلم به"، وأن "يكون اللقاء في المرة المقبلة في حقول التبغ أينما وجدت في عكار والبقاع، وبالأخص في الجنوب، لنحتفي بفرح عودة الحياة الى منبع التضحية والصمود والخير والعطاء".