آخر الأخبار

الانتخابات المقبلة في الشارع المسيحي

شارك

المعركة الانتخابية النيابية المقبلة في لبنان لا تبدو عابرة أو عادية، بل من المتوقع أن تكون أكثر حدّة ووضوحًا على الساحة المسيحية تحديدًا، حيث بدأت القوى السياسية في هذا الوسط استعداداتها الفعلية للانتخابات . المشهد مرشح لأن يتحول إلى مواجهة سياسية انتخابية قد تكون الأشد منذ سنوات، في ظل سعي كل طرف لتثبيت حضوره داخل الشارع المسيحي الذي سيحدد إلى حد كبير موازين القوى في البرلمان المقبل.

ما يظهر أن " التيار الوطني الحر " يواجه تحديًا كبيرًا في هذه الانتخابات، إذ إن هدفه المركزي هو الحفاظ على كتلة نيابية وازنة تتراوح بين عشرة وخمسة عشر نائبًا. غير أن المعطيات السياسية والشعبية تشير إلى أن هذا الهدف يبدو صعب المنال، وربما مستحيلاً، في ظل التراجع في الشعبية وتبدّل المزاج العام داخل البيئات المسيحية. فالمعركة بالنسبة إلى " التيار " لم تعد معركة توسع أو تعزيز النفوذ، بل أصبحت معركة بقاء وحفاظ على حجم مقبول يتيح له الاستمرار لاعبًا أساسيًا في الحياة السياسية.

في المقابل، يضع "حزب الكتائب اللبنانية " نصب عينيه هدفًا أكثر واقعية، يتمثل في مضاعفة حجم كتلته النيابية. ورغم أن الحزب يسعى لتوسيع انتشاره الشعبي، إلا أن حساباته الانتخابية المدروسة تجعل هذا الطموح ممكنًا من الناحية العملية. فالكتائب تسعى إلى تعزيز حضورها في بعض الدوائر المسيحية، مستفيدة من تراجع أحزاب أخرى ووجود فئات شبابية وطبقية ناقمة على الأداء السابق، وهو ما قد يمنحها زخمًا إضافيًا في معركتها.

أما القوات اللبنانية ، فإن طموحاتها تبدو أعلى بكثير من بقية القوى المسيحية. فالحزب يخطط لزيادة كتلته بشكل ملحوظ، مستندًا إلى حضور تنظيمي متماسك، وقدرة على إدارة الحملات الانتخابية، إضافة إلى شبكة تحالفات سياسية تتيح له خوض المعارك بثقة أكبر. هذه الطموحات المرتفعة تجعل "القوات" في موقع المنافس المباشر ليس فقط ل" التيار الوطني الحر"، بل أيضًا لبقية الأحزاب المسيحية، بما في ذلك الكتائب. ومن هنا، قد تتحول الانتخابات المقبلة إلى مواجهة كبرى بين "القوات" وسائر خصومها، معركة يتجاوز تأثيرها حدود المقاعد إلى إعادة رسم التوازنات المسيحية داخل البرلمان.

المشهد إذاً يتبلور على شكل ثلاثية: تيار وطني حر يسعى للبقاء، كتائب تبحث عن مضاعفة حجمها، وقوات تطمح إلى السيطرة على القسم الأكبر من الشارع المسيحي. ووسط هذا التنافس الحاد، تبدو الساحة المسيحية مرشحة لمعركة شرسة، ستكون لها ارتدادات على مجمل التوازن السياسي في لبنان. فالنتائج لن تحدد فقط حجم الكتل المسيحية، بل ستنعكس أيضًا على طبيعة التحالفات في المجلس النيابي المقبل وعلى شكل الاستحقاقات التي ستلي الانتخابات.

بهذا المعنى، فإن المعركة الحقيقية في لبنان قد تكون في الشارع المسيحي، حيث تتقاطع الطموحات والتحديات، وحيث يكتب مستقبل الكتل النيابية بميزان حساس بين الشعبية، التحالفات، والقدرة على إقناع الناخبين.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا